♦️ قد يتسأل الكثير لماذا العالم كلّه يدعم دولة الكيان الصهيوني،
وما هذة القوّة التي يتمتّع فيها هذا الكيان ليبسط هيمنته بهذة الطريقة العجيبة وخصوصاً على الولايات المتحدة الأمريكية؟!

*إليكم السبب الرئيسي لهذا التساؤل...*

كان العام ١٢٩٠ م ذروة التأجيج في الصراع المسيحي اليهودي في أوروبا، إذ أصدر ملك إنجلترا (إدوارد الأوّل) مرسوماً يفرض بموجبه على يهود إنجلترا الدخول في الدّين المسيحي أو الرحيل النهائي عن أراضي المملكة. وتبعه في ذلك ملك فرنسا (فيليب الأوّل) في العام ١٣٠٦ م. وهذا يعكس كره الأوروبيين المسيحيين لليهود، ممّا أدّى باليهود إلى اعتناق المسيحية ظاهرياً والبقاء على يهوديتهم باطنياً. واستمرّ هذا الوضع إلى أن تمكّن اليهود من تأسيس حركة دينية ظاهرها مسيحي وباطنها يهودي تطالب بإصلاح الكنيسة والحدّ من سيطرتها على مفاصل المجتمع وعُرفت هذه الحركة بحركة (البروتستانت) وتعني المحتجّين (باللّاتينية) وكانت بقيادة (مارتن لوثر ١٤٨٣ - ١٥٤٦).
لم يجد البروتستانت مجالاً حيوياً لهم في أوروبا؛ بسبب قلّة عددهم ورفض الكاثوليك لهم، فوجدوا مهرباً لهم الى الأرض المكتشفة حديثاً والتي سمّيت أمريكا والتي اكتشفت عام ١٤٩٢ م، فبدأوا بالهجرة إليها. ويشكِّل البروتستانت الآن الغالبية من مسيحيي أمريكا.
أمّا المحتوى الفكري (للبروتستانت) والذي أُسمّيه الدّين الجديد وليس له أيّة علاقة بالمسيحية، فهو مزيج من اليهودية المزوّرة والمسيحية المزوّرة، ويعتبرون اليهودية والمسيحية دين واحد نزل على مرحلتين العهد القديم والعهد الجديد ويكمّلان بعضهما البعض ويطبعون الكتابين في كتاب واحد تحت مُسمّى (العهد القديم والعهد الجديد). ويُظهر البروتستانت التصالح اليهودي المسيحي، فقد أُعفيَ اليهود من دم المسيح والآن في الكنائس يدعون لإسرائيل ويجمعون التبرّعات لدولة الكيان ويفرضون على الحكومة الأمريكية مساندة إسرائيل لتبقى تمهيداً لعودة المسيح. فقد تمّ تزوير هذا الدّين الجديد (البروتستانت) من أحبار اليهود بأنّ المسيح سيعود وهناك شروط لعودته وهي وجود دولة لليهود في فلسطين ووجود الهيكل فيها وبدون تحقيق هذه الشروط لن يعود المسيح. وهذا التيّار في أمريكا يُسمّى باليمين المتطرف وكذلك بالصهيونية المسيحية. ويشكِّل أكثر من ١٥٠ مليون أمريكي منخرطون في هذا التيّار والمعبّر السياسي عنهم هو الحزب الجمهوري كمكوِّن سياسي أوّل، إذ وصل من أقطاب هذا التيار إلى سدّة الحكم (رونالد ريغان) و (جورج بوش) و (جورج بوش الإبن) الذي بشر في غزوه للعراق بعودة الحروب الصليبية الى الشرق من جديد، وكذلك (رونالد ترامب) والذي اعترف بالقدس كعاصمة للكيان تمهيداً لإنشاء الهيكل المزعوم.
أمّا المكوّن الثاني وهو الحزب الديمقراطي والذي انشقّ عام ١٨٢٨ م عن الحزب الجمهوري الديمقراطي الذي أنشأ بعد الاستقلال في العام ١٧٧٦ م، وبهذا انفصل الماسونيون عن المسيحيين الصهاينة.
ويعتبر الحزب الديمقراطي أحد إفرازات الحركة الماسونية والتي تشكّلت في أوروبا عام ١٦١٦ م، وهذه الحركة تعتبر نفسها قائدة للعالم وتدعو الى إعادة هندسة العالم على قياسها وتتّخذ شعاراً لها المنقلة والزاوية وكلمة ماسونية تعني البنّاؤون أي إعادة بناء العالم وقيادته وتطويعه لمصالحهم. هذه الحركة علمانية لا تؤمن بدين وذات عقيدة إستعمارية.

قادَ المسيحيون الصهاينة (البروتستانت) مع الحركة الماسونية مخاض الإستقلال الأمريكي عن بريطانيا عام ١٧٧٦ م، وتمّ تأسيس دستور علماني ينتهج مبدأ التوسع الإستعماري، فبدأ بخمسة عشر ولاية وانتهى بخمسين، وكذلك منهج تصدير الثورة للخارج، ومن هذا المنطلق أرسلت أمريكا أحد منظِّريها وهو (فرانكلن) إلى فرنسا ليساعد الثورة الفرنسية بالإطاحة بالملكية في عام ١٧٨٩ أي بعد ١٣ عام من الثورة الأمريكية.

نجحت الثورة الفرنسية والتي قادها وأشعلها الماسونيون بالإطاحة ب (لويس السادس عشر) وتأسيس الجمهورية الفرنسية والتي كان لها من الفلاسفة والمنظِّرين المرموقين مثل: (جون جاك روسو ومونتسكيو وفولتير)، وبعد تسع سنوات بالضبط أماطت هذه الثورة اللّثام عن وجهها الإستعماري القذر لتفرز نابليون بونابارت ولبدء أُولى غزواته الاستعمارية في العام ١٧٩٨ م نحو الشرق لمصر وفلسطين حيث ارتكب المجازر في غزّة ويافا وهزم أمام أسوار عكّا وهو أول من طرح فكرة إقامة دولة لليهود في فلسطين وذلك قبل مائة عام على المؤتمر الصهيوني الأول. ولم يكتفي نابليون بهذا الفشل، بل قاد الجيش الفرنسي عام ١٨١٤ م لاستعمار روسيا بحملة قوامها ٦٣٠ ألف جندي ليعود مهزوماً بثلاثين ألف جندي فقط.
لم يكن نابليون حالة شاذّة في مشهد الثورة الفرنسية، بل هذه هي طبيعة التنظيم الماسوني، فقد قامت فرنسا عام ١٨٣٠ م باحتلال الجزائر ولمدة ١٣٢ عام دفعت الجزائر الملايين من خيرة أبنائها شهداء من أجل الاستقلال.
الحزب الديمقراطي الأمريكي هو حزب ماسوني بامتياز وهو الأكثر تشدّداً في نشر العولمة وتنميط العالم حسب النموذج الأمريكي، وقيادة العالم وإعادة تشكيله وبنائه حسب الفلسفة الماسونية، وتفضيل الفرد كمحور للمجتمع، وإلغاء القوميات واللّغات والثّقافات والدّيانات وخصوصيات الشعوب وإعادة الإنسان في سلوكه إلى الإنسان الأوّل (إنسان الغابات) تحت ما يُسمّى الديمقراطية وحقوق الإنسان، ويندرج تحت هذا المفهوم إجازة الإجهاض وتشريع زواج المثليين (الشواذ) والسماح بتعاطي المخدّرات قانونياً.
هذا الحزب الديمقراطي ماسوني الفكر إستعماري التطبيق يرى في وجود الكيان الصهيوني إمتداداً استعمارياً له وقاعدة عسكرية متقدمة لمشروعه الإستعماري في الشرق.
أين نحن العرب عامّة والفلسطينيون خاصّة من هذين الحزبين؛ الحزب الجمهوري يرى وجود إسرائيل ودعمها وتفوّقهما وبقائها شرطاً دينياً لعودة المسيح.
والحزب الديمقراطي يرى وجود إسرئيل ودعمها وبقاءها وتفوقها شرطاً إستعمارياً للتمدّد والهيمنة الأمريكية وفرض العولمة على شعوب العالم والسيطرة على منابع النفط وثروات المنطقة وطرق التجارة الدولية.

لذلك فنحنُ على عداء مبدئي وتاريخي مع هذين الحزبين بالرغم من الخلاف الظاهر بينهما؛ وكل منهما عدوّ للأُمّة العربية ومناهض لوحدتها وداعم رئيسي للمشروع الصهيوني ومَن يعول على أحد الحزبين لا يفقه في علم السياسه بشيء.
# منقول #