تماثيل الجرغول في كاتدرائية نوتردام
تعتبر تماثيل الجرغول التي تزين كاتدرائية نوتردام في باريس من أكثر سماتها سحرًا وتميزًا، إذ أسرت هذه المخلوقات الغامضة، التي غالبًا ما يتم تصويرها على أنها غريبة ومخيفة، خيال الزوار والسكان المحليين على حد سواء لقرون من الزمن.
تماثيل الجرغول في كاتدرائية نوتردام
تم تصميم تماثيل الجرغول في نفس وقت تصميم هندسة الكاتدرائية، وكلمة الجرغول مشتقة من الكلمة اللاتينية gorge والكلمة الفرنسية القديمة gueule والتي تعني الفم.
نشأت تماثيل الجرغول في أوروبا في العصور الوسطى وتم دمجها في تصميم الكنائس والكاتدرائيات لخدمة غرض عملي، باعتبارها أنظمة لإدارة مياه الأمطار، فقد صُممت لتوجيه المياه بعيدًا عن جدران وأساسات المبنى، وبالتالي منع الأضرار الناجمة عن التآكل وتسرب المياه، وتحدد نهاية المزاريب لتصريف المياه من السقف، ولهذا السبب تبدو متدلية، مائلة إلى الفراغ، وتقع بشكل أساسي على الدعامات الطائرة الكبيرة للجوقة.
بالإضافة إلى دورها الوظيفي، تم تصور تلك التماثيل الحجرية أيضًا كعناصر رمزية وزخرفية، ويُعتقد أن العديد منها تمثل مفهوم الشر، حيث يعمل مظهرها الوحشي والمخيف على صد القوى السلبية وتذكير الناس بمخاطر الخطيئة.
ولا يعزز وجودها على الجزء الخارجي من الكاتدرائية جاذبيتها البصرية فحسب، بل يساهم أيضًا في الجمالية القوطية الشاملة، ويستحضر شعورًا بالغموض والغيبيات.
أساطير وحقائق
هناك العديد من الحقائق والأساطير الممتعة المحيطة بتماثيل الجرغول في كاتدرائية نوتردام، الحقيقة المثيرة للاهتمام هي أن ليس كل المخلوقات التي تزين الجزء الخارجي من كاتدرائية نوتردام هي تماثيل الجرغول من الناحية الفنية. فالعديد من التماثيل الزخرفية، التي لا تلعب دورًا وظيفيًا في تصريف المياه، تسمى “غروغستس” أو “كيميرا”. وهذه التماثيل، التي غالبًا ما تصور مخلوقات أسطورية أو هجينة بين الإنسان والحيوان، مخصصة في المقام الأول لأغراض زخرفية وتساهم في الأجواء العامة للكاتدرائية.
خضعت تماثيل الجرغول في كاتدرائية نوتردام لعدة مراحل من الترميم والصيانة على مدار تاريخها. وقد تعرضت تماثيل الغرغول الأصلية في الكاتدرائية، والتي يعود تاريخها إلى القرنين الثاني عشر والثالث عشر، لأضرار كبيرة بسبب التعرض للعوامل الجوية ومرور الوقت.
وخلال عملية الترميم التي جرت في القرن التاسع عشر بقيادة فيوليت لو دوك، تم استبدال العديد من التماثيل الغريبة الأصلية بمنحوتات جديدة، تم صنعها بعناية لتعكس التصميمات الأصلية والحفاظ على سلامة الكاتدرائية التاريخية.
إعادة افتتاح الكاتدرائية بعد الحريق
وفي أعقاب الحريق المأساوي الذي دمر كاتدرائية نوتردام في أبريل 2019، أصبحت التماثيل الغريبة والغريبة ترمز إلى مرونة هذا المعلم الأيقوني. وعلى الرغم من تلف بعض المنحوتات أو تدميرها في الحريق، إلا أن العديد منها ظلت سليمة وتستمر في مراقبة الكاتدرائية مع تقدم جهود الترميم التي انتهت بافتتاح الكاتدرائية الشهر الجاري.
فبحضور الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونحو أربعين رئيس دولة وحكومة، عاودت كاتدرائية نوتردام في باريس فتح أبوابها في مراسم احتفالية بعد سنوات أعمال إعادة ترميمها.