«لا تفقدين صفاتك الأنثوية لمجرد أنك رئيسة وزراء».. كانت تلك نصيحة مارجريت تاتشر، أول رئيسة وزراء في بريطانيا، للمذيعة ميريام ستوبارد، في مقابلة أجريت عام 1985، وقالت حينها إنها ترتدي «بلوزة فيونكة القطة» كما يطلق عليها عالم الموضة؛ لأنها «تخفف من حدة مظهرها لتكون جميلة إلى حد ما».
ومن تاتشر إلى نائبة الرئيس الأمريكي، كامالا هاريس، التي تخوض سباق الانتخابات الأمريكية 2024 المقرر عقدها نوفمبر المقبل، انتشرت البلوزة المميزة على نطاق واسع، وأصبحت رمزًا نسويًا ومن العناصر السياسية الأساسية للمرشحة الديمقراطية لرئاسة الولايات المتحدة وغيرها من النساء الطموحات.
وفي رقصة حذرة بين القوة الناعمة والقوة الصلبة، أصبحت «بلوزة فيونكة القطة» رمزًا سياسيًا على مدار 3 قرون من الزمان، وأصبح المصطلح شائعًا في القرن العشرين، إذ تسميها الموضة «ربطات القطط» لأنها تنتفخ بشكل أنثوي من خطوط العنق المرتفعة.
ولكن فكرة ربط الأقواس بالبلوزات أو صديريات الملابس أقدم بكثير، ففي بعض الأحيان يُطلق عليها اسم ربطة عنق لافاليير، على اسم الدوقة لويز دي لا فاليير، عشيقة الملك لويس الرابع عشر، ووفقًا لرواية عن تاريخ ربطات العنق، كانت الدوقة مفتونة بربطة عنق الملك لدرجة أنها صنعت واحدة بنفسها من شريط.ولم يكن بوسع الدوقة أن تتخيل أبدًا أنه بعد 3 قرون من الزمان، سوف يستخدم جيل من النساء المحترفات تجربتها في تصميم الأزياء بطرق لا حصر لها لكسب الاحترام ونقل رسائل مهمة وأحيانًا ذات تفاصيل دقيقة.
واليوم، أصبحت هذه البلوزة المفضلة لدى هاريس، التي ارتدت بلوزات ذات عقدة عنق قطة طوال حملتها الرئاسية: من المؤتمر الوطني الديمقراطي في أغسطس الماضي، إلى مناظرتها الرئاسية المتلفزة مع دونالد ترامب، الرئيس الأمريكي السابق، وجلستها مع أوبرا في سبتمبر الماضي.
ومؤخرا، ارتدت واحدة خلال مقابلتها في برنامج «60 دقيقة» مع بيل وايتاكر، وتناولت أسئلة حول السياسة الخارجية والاقتصاد وسلاحها.
ورغم أن ربطة العنق سرعان ما أصبحت بمثابة زي موحد لهاريس، إلا أنه في منتصف القرن العشرين تم تأسيسها لأول مرة كعنصر أساسي في خزانة ملابس موجة جديدة من النساء العاملات.
كما أوصى المؤلف جون مالوي في كتابه «ملابس النساء للنجاح»، الذي نُشر عام 1977، بالبلوزات ذات ربطة العنق كزي غير قابل للتفاوض لكل امرأة طموحة، مضيفًا أنه يجب ارتداؤها مع بدلات التنورة، لأن البنطلونات ليست مناسبة للمكتب.
ووافقت مجموعة من النساء اللاتي تم توظيفهن حديثًا في السبعينيات والثمانينيات على هذا الرأي، كما عزز انتشار البلوزة ذات القوس في المكاتب بشكل مفاجئ من مكانتها كرمز للموجة الثانية من النسوية في الشركات.
وحتى اليوم، وبعد عقود من تحسين حقوق الجنسين في مكان العمل، لا تزال ربطة العنق القصيرة من العناصر الأساسية الآمنة لخزانة الملابس للنساء صاحبات النفوذ، وتم تفسير ربطة العنق على أنها وسيلة للتعبير عن الرأي خارج نطاق مكان العمل.
ورغم السياقات المختلفة، فمن الممكن أن النساء استخدمن الأنوثة الجوهرية لربطة العنق لتذكير العالم بالفرق بينهن وبين الرجال الذين يرتبطن بهم، فقد كانت ملابسهن توحي بأنهن نساء جديات ودافئات، مسؤولات ولكن يمكن التعامل معهن بسهولة ويمكن الوثوق بهن.
ولا تزال البلوزة ذات القوس القطني تثير انقسام الرأي العام، فهل هي رمز لتحرير المرأة أم أنها تذكير بالضغوط التي تواجهها النساء من أجل إظهار أنوثتهن حتى في الأماكن التي يفترض أن تكون فيها متساوية مع الرجال؟