هنا

[الطائر الحر]

معرض سعاد مردم بك



باتت الصراعات تتصاعد وتيرتها في شتى بقاع الأرض، فما لبث أن ينتهي إحداها حتى يبدأ الآخر، فيما تصبو أرواح البشرية للهدوء والحب والأمل بيوم جديد خالٍ من الصدام، فما بين الحب والحرب، والألم والأمل، يأتي معرض الفنانة سعاد مردم بك، «وردة المنطقة العازلة».
المعرض يتزامن مع حالة من العنف والصدامات التي تؤثر على أنحاء العالم، وتوق البشرية إلى السلام والهدوء، فتعبر الفنانة برموزها عن فيض تلك المشاعر، ففي لوحاتها تجمع الجمال والشجن، فبرغم وجود صراعات لا تنتهي، أودت بحياة الآلاف من الأبرياء الذين سالت دماؤهم وغمرت بقاع الأرض، تنمو الورود القادرة برقتها وعبيرها وقدرتها على هزيمة القبح وتجاوز الألم والدمار، تنفرد أحيانا ورودها ببطولة اللوحة في رسالة باستمرار الحياة.


وردة المنطقة العازلة للفنانة سعاد مردم بك

تجيد سعاد مردم تصوير الوجوه واستخدام الرموز، وهو ما يبرز في لوحات معرضها الجديد، الذي يستمر حتى 10 يناير المقبل في جاليري بيكاسو للفن، ففي واحدة منه أعمالها ترسم الغراب واقفا فوق السياج العازل بينما يحمل الوردة بمنقاره، ومن فوقه تبدو الطائرة وكأنها تغادر في أقصى اللوحة، لتثير بذلك المشهد تساؤلا: «هل كان الغراب يقف في وداعها أم أن الإنسان هو السبب في ذلك الدمار بينما تحمل كل الكائنات الحية الأخرى المحبة؟»، سؤال تتركه لخيال المشاهد.



ارتبط وصف «وردة المنطقة العازلة»، بفترة الحرب العالمية الأولى، فكانت المنطقة العازلة هي تلك التي تقع في محل نزاع بين طرفين متحاربين تركاها دون أن تخضع لسيطرة أحدهما، وكانت وردة تلك المنطقة هي ممرضات الصليب الأحمر، اللائي كن في الخطوط الأمامية للحرب، يعرضن حياتهن للخطر بالمرور إلى تلك المنطقة وعلاج الجرحى والمصابين، فكن كالوردة وسط كل ذلك الدمار.
وتوضح سعاد مردم بك أن وردة المنطقة العازلة هي تلك المنطقة أو البقعة من الأرض التي تشهد أجواء حرب وينسحب الطرفان منها ولا يدخلها أحد بما يشبه الأرض المحروقة، وفي حديثها لـ«أيقونة»، توضح أنه في الحرب العالمية الأولى لعبت الممرضات دورا في علاج الجرحى وإخراج القتلى من هذه المنطقة العازلة، وأُطلق عليهن لقب «الوردة».




الحب والحرب

«الوردة هي الحب، لأنها رمز فينوس وأفروديت، وفي المعرض نعبر عن الحب والحرب، فمنذ قديم الأزل كان دائما هناك حروب ونزاعات بشرية لا تنتهي، وأيضا هناك حب منذ الأزل لا ينتهي»، تضيف سعاد مردم بك، موضحة أن التناقض بين الوردة والحرب هو الفكرة التي يجسدها المعرض، في ظل الظروف التي يمر بها العالم، أرادت أن تطلق هذا المعرض الرمزي.





وتشرح مدى حبها للرموز، وتقول: «دائما أستخدم الرموز في عملي فهي مهمة للغاية»، فتظهر في لوحاتها بشكل بسيط أو صغير مثل شريط أحمر أو وردة صغيرة وما شابه، فبخلاف اللوحة التي يقف فيها الغراب على تلك المنطقة العازلة، هناك لوحة تحمل أهمية كبيرة، وهي لوحة مليئة بالبياض وبها وردة واحدة فقط.
وتشير إلى أغنية وثقت حكاية «وردة الأرض العازلة» ودور الممرضات، وكذلك شعر يتغنى ببطولتهن ومخاطراتهن بحياتهن، موضحة أن المعرض يجسد النقيضين الحب والحرب، وأن الحياة أقوى من الموت ومن الحروب، وهو أمر يرى حتى في الجبال؛ فوسط الصخور والأحجار تخرج نبتة صغيرة تشق طريقها للحياة برغم الظروف القاحلة، فهو بمثابة أنشودة الحب والحياة.




أمل بيوم جديد

ولدت سعاد مردم بك في دمشق، وأمضت طفولتها ومراهقتها في بيروت، حيث درست الفلسفة في الجامعة اللبنانية، لتقيم بعدها في كندا لفترة من الزمن، وتستقر في القاهرة منذ عام 2001، وتقدم طول مسيرتها الفنية أعمالا إبداعية عكست رحلتها التي جمعت بين الشرق والغرب فعرضت أعمالها في أرقى القاعات الدولية.
وقدمت سلسلة من المعارض في مصر وخارجها، وتفضل في لوحاتها استخدام الزيت والخامات المختلفة، فيما توضح أن فكرة معرضها الحالي ظلت ببالها منذ فترة حتى قررت تنفيذها في معرض. وتوضح أن معرضها يقدم رمزا للحال الذي تمر به البشرية في الوقت الراهن، وليس كرسالة أو درس أو نصيحة، فتشير إلى أنها ترمز للوضع الصعب حاليا، وفي الوقت نفسه ترمز للأمل بيوم جديد ومشرق.

[عبير الياسمين]

فنانة متميزة في لوحاتها , شكرا جزيلا على اللاختيار الرائع عاشت الايادي