حقوق الانسان: حقوق الطفل في التشريعات الدولية والدستور العراقي
حقوق الانسان: حقوق الطفل في التشريعات الدولية والدستور العراقي
راضي محسن:-
اعتمدت الامم المتحدة اتفاقية حقوق الطفل في العام 1989 التي تعد اول صك دولي ملزم قانونا يضم مجموعة كاملة من حقوق الانسان للاطفال وتعرض الاتفاقية هذه الحقوق في 54 مادة فضلا عن بروتوكولين ملحقين بها وهي تحدد حقوق الانسان الاساسية التي تنطبق على الاطفال في كل مكان: حقوق الطفل في البقاء وفي الصحة وفي الحماية وفي التعليم، وفي المشاركة الكاملة في الاسرة وفي الحياة الثقافية والاجتماعية وقد حققت اتفاقية حقوق الطفل قبولا شبه عالمي،
اذ صادقت عليها 193 دولة طرفا-اي اكثر من الدول التي تنتمي الى الامم المتحدة او التي انضمت الى اتفاقيات جنيف وترتكز هذه الحقوق على اربعة مبادئ اساسية هي:
عدم التمييز ومراعاة المصلحة المثلى للاطفال كاعتبار اساسي في الامور التي تهمهم والحق في الحياة والبقاء والنماء واحترام اراء الاطفال. وتحدد الاتفاقية ايضا التزام الحكومات بأن تبذل كل ما في وسعها من اجل اعمال هذه الحقوق وتعترف بالدور الخاص الذي يقوم به الآباء في تربية اطفالهم. وتستمد قوة الاتفاقية من انها اول صك قانوني يحدد وبشكل لا لبس فيه مسؤوليات الحكومات تجاه الاطفال الذين يخضعون لولايتها.
وكذلك انها اطار للواجبات التي تتحملها مختلف الجهات الفاعلة على مختلف مستويات المجتمع للاستجابة لحقوق الاطفال وتساعدنا على فهم المعارف والمهارات والموارد والسلطة اللازمة لأداء هذه الواجبات فضلا عن ذلك ان الاتفاقية تعد بيانا اخلاقيا يعكس ويبني على القيم الانسانية الاساسية المتعلقة بالتزامنا بتقديم افضل ما يمكننا ان نقدمه للاطفال بشكل جماعي.
**المرجعيات الاساسية لحقوق الطفل:-
اعتمدت اتفاقية حماية الطفل 1989 على المواثيق والتشريعات الدولية فضلا عن اعلان جنيف لحقوق الطفل العام 1934 واعلان حقوق الطفل الذي اعتمدته الجمعية العامة في 20 تشرين الثاني 1959 والمعترف به في الاعلان العالمي لحقوق الانسان وفي العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لاسيما في المادتين 23 و24 وفي العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لاسيما في المادة 15 وفي النظم الاساسية والصكوك ذات الصلة للوكالات المتخصصة والمنظمات الدولية المعنية بالطفولة.
**حقوق الطفل القانونية:-
نصت المادة الثالثة من اتفاقية حقوق الطفل على ان تتكفل الدول الاطراف في الاتفاقية ان تتقيد المؤسسات والادارات والمرافق المسؤولة عن رعاية او حماية الاطفال بالمعايير التي وضعتها السلطات المختصة لاسيما في مجالي السلامة والصحة فضلا عن ذلك ان تتخذ الاطراف كل التدابير التشريعية والادارية الملائمة لأعمال الحقوق المعترف بها في هذه الاتفاقية وفيما يتعلق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في اطار التعاون الدولي وكذلك تحترم الدول الاطراف مسؤوليات وحقوق وواجبات الوالدين، فضلا عن ذلك تعترف الدول الاطراف بأن لكل طفل حقا اصيلا في الحياة وتتكفل الدول الاطراف الى اقصى حد ممكن بقاء الطفل ونموه، وتتعهد الدول الاطراف باحترام حق الطفل في الحفاظ على هويته بما في ذلك جنسيته واسمه وصلاته العائلية في حين نصت المادة (12)، تكفل الدول الاطراف في هذه الاتفاقية للطفل القادر على تكوين آرائه الخاصة، حق التعبير عن تلك الآراء بحرية في جميع المسائل التي تمس الطفل ولهذا الغرض تتاح للطفل بوجه خاص فرصة الاستماع اليه في اية اجراءات قضائية او ادارية تمس الطفل اما مباشرة او من خلال ممثل او هيئة ملائمة بطريقة تتفق مع القواعد الاجرائية للقانون الوطني،
في حين نصت المادة (14) على احترام حق الطفل في حرية الفكر والوجدان والدين وكذلك احترام حقوق وواجبات الوالدين وكذلك تبعا للحالة، الاوصياء القانونيين عليه في توجيه الطفل لممارسة حقه بطريقة تنسجم مع قدرات الطفل المتطورة، ولا يجوز ان يخضع الاجهار بالدين او المعتقدات الا للقيود التي ينص عليها القانون واللازمة لحماية السلامة العامة او النظام او الصحة او الآداب العامة او الحقوق والحريات الاساسية للآخرين، في حين بينت المادة (19) ان تتخذ الدول الاطراف في الاتفاقية جميع التدابير التشريعية والادارية والاجتماعية والتعليمية الملائمة لحماية الطفل من جميع اشكال العنف او الضرر او الاساءة البدنية او العقلية او الاهمال او المعاملة المنطوية على اهمال بما في ذلك الاساءة الجنسية.
**الاعلام والدور التربوي:-
تعد الوظيفة التربوية والثقافية والاخلاقية للوسائط الاعلامية مهمة لحصول الطفل على المعلومات والمواد من شتى المصادر الوطنية والدولية وبخاصة تلك المعلومات التي تهدف الى تعزيز الرفاهية الاجتماعية والروحية والمعنوية والصحة الجسدية والعقلية للطفل وحسب نصوص الاتفاقية تقوم الدول الاطراف: - تشجيع وسائط الاعلام على نشر المعلومات والمواد ذات المنفعة الاجتماعية والثقافية للطفل ووفق تنمية شخصية الطفل ومواهبه وقدراته العقلية والبدنية وتنمية احترام حقوق الانسان والحريات الاساسية والمبادئ المكرسة في ميثاق الامم المتحدة واحترام هوية الطفل ولغته وقيمه الخاصة والقيم الوطنية التي يعيش فيها الطفل واحترام الحضارات المختلفة عن حضارته، اعداد الطفل لحياة تستشعر المسؤولية في مجتمع حر وترويج قيم التفاهم والسلم والتسامح والمساواة بين الجنسين والصداقة بين جميع الشعوب والجماعات الاثنية والوطنية والدينية والاشخاص وكذلك تنمية احترام البيئة الطبيعية.
- تشجيع التعاون الدولي في انتاج وتبادل ونشر المعلومات والمواد من شتى المصادر الثقافية والوطنية والدولية.
- تشجيع انتاج كتب الاطفال ونشرها.
- تشجيع وسائط الاعلام على ايلاء عناية خاصة للاحتياجات اللغوية للطفل الذي ينتمي الى مجموعة من مجموعات الاقليات او الاثنيات.
**حقوق البقاء والصحة والتعليم:-
حق الطفل في التمتع بمستوى صحي فضلا عن ذلك ان تتوفر له مرافق للعلاج من الامراض ومراكز للتأهيل الصحي، وذلك عبر خفض وفيات الرضع والاطفال وتوفير المساعدة الطبية والرعاية الصحية ومكافحة الامراض وسوء التغذية عن طريق تطبيق التكنولوجيا المتاحة ومياه الشرب النقية وكفالة الرعاية الصحية المناسبة للامهات قبل الولادة وبعدها وتحدد المادة (26) تعترف الدول الاطراف في الاتفاقية بالحق لكل طفل في الانتفاع من الضمان الاجتماعي بما في ذلك التأمين الاجتماعي وكذلك تعترف الدول بحق الطفل في مستوى معيشي ملائم لنموه البدني والعقلي والروحي والمعنوي والاجتماعي.
فضلا عن ذلك جعل التعليم الابتدائي الزاميا ومتاحا مجانا للجميع وتشجيع تطوير شتى اشكال التعليم الثانوي سواء العام او المهني وتوفيرها واتاحتها لجميع الاطفال وجعل التعليم العالي بشتى الوسائل المناسبة متاحا للجميع على اساس القدرات وجعل المعلومات والمبادئ الارشادية التربوية والمهنية متوفرة لجميع الاطفال.
وعلى مر الاعوام العشرين الماضية احرز العالم تقدما كبيرا تجلى في:
- انخفض عدد وفيات الاطفال دون سن الخامسة من نحو 12.5 مليون طفل سنويا في العام 1990 الى ما يصل تقديره الى 8.8 ملايين طفل في العام 2008 مما يمثل انخفاضا بنسبة 38 بالمئة في معدل وفيات الاطفال.
- ما بين العام 1990 و2006 حصل 1.6 بليون نسمة حول العالم على مصادر محسنة للمياه.
- على الصعيد العالمي هناك الان قرابة 84 بالمئة من الاطفال في سن الالتحاق بالمدارس الابتدائية يحضرون دروسهم كما ان الفجوة بين البنين والبنات في معدلات الالتحاق اخذة في التقلص.
- تم اتخاذ تدابير مهمة من اجل حماية الاطفال من الخدمة كجنود من الاتجار بهم لاستغلالهم في الدعارة او الاسترقاق المنزلي.
- ارتفع سن الزواج في عدد من البلدان كما انخفض عدد البنات اللاتي يتعرضن لممارسة الختان.
**حماية الطفل في العراق:-
نصت المادة (29) من دستور الجمهورية العراقية العام 2005 اولا:
أ. الاسرة اساس المجتمع وتحافظ الدولة على كيانها وقيمها الدينية والاخلاقية والوطنية.
ب. تكفل الدولة حماية الامومة والطفولة والشيخوخة وترعى النشء والشباب وتوفر لهم الظروف المناسبة لتنمية ملكاتهم وقدراتهم.
*ثانيا: للاولاد حق على والديهم في التربية والرعاية والتعليم، وللوالدين حق على اولادهم في الاحترام والرعاية.
*ثالثا: يحضر الاستغلال الاقتصادي للاطفال بصورة كافة وتتخذ الدولة الاجراء الكفيل بحمايتهم.
*رابعا: يمنع كل اشكال العنف والتعسف في الاسرة والمدرسة والمجتمع.
وهذا يتطلب تكوين هيئة عليا تتشكل من المؤسسات ومنظمات المجتمع المدني وخبراء واختصاصيين وعاملين في مجال سوء معاملة الاطفال، تكون مهمتها بناء ستراتيجية تستند الى رسالة واضحة واهداف محددة وتتضمن برامج للعمل وآليات للتنفيذ والتقويم، فضلا عن تحقيق مبدأ الشراكة بين المؤسسات الحكومية المعنية ومؤسسات المجتمع المدني بحيث تضم قانونيين واطباء وباحثين اجتماعيين وخبراء نفسيين وتربويين واعلاميين، الغرض من ذلك وضع برامج وورش عمل من اجل توعية المجتمع واساليب التدخل الارشادي والوقائي والعلاجي للطفل العراقي الذي تعرض الى مشاكل نفسية واجتماعية واقتصادية معقدة، فضلا عن ذلك اجراء دراسات وبحوث من اجل تحديد حجم المشكلة ودراسة العوامل المترافقة معها والعواقب المترتبة عليها والتي تطال الطفل والعائلة والمجتمع، وبناء قاعدة معلومات على المستوى الوطني وكذلك مراجعة القوانين المتعلقة بحماية الطفل ودمج القوانين والتشريعات الدولية بالتشريعات العراقية واصدار قانون حماية الطفل وتعريف قانوني لسوء المعاملة او الاهمال وتوفير الحماية القانونية للطفل من الاعتداء والاهمال وسوء المعاملة، وكذلك وضع قانون لاعادة تأهيل الضحايا من الاطفال وانشاء جهاز قضائي متخصص بقضايا الاطفال وتحديد مراكز امنة للضحايا من الاطفال او في مجال الثقافة يتطلب وضع خطة اعلامية لمواجهة ثقافة العنف والتطرف ومحاربة الصور النمطية وابعاد الاطفال عن الاستغلال الجنسي اضافة الى ذلك اصدار المجلات والكتب المتخصصة بثقافة الطفل.