مجلس الاتحاد.. المفهوم، المبررات، التشكيل (2-2) / أ.د. علي كاظم الرفيعي
نص دستور ألمانيا الاتحادية الساري المفعول منذ 23/5/1949 على إن السلطة التشريعية تتألف من مجلسين هما:
1- مجلس البرلمان الاتحادي (بوند ستاغ BUNDESTAG) ويضم الممثلون المنتخبون للشعب الالماني. وبشكل فعلي يتم انتخاب نصف الاعضاء البالغ عددهم الاجمالي (598) من خلال لوائح انتخابية على مستوى الولايات البالغ عددها (16) ولاية اتحادية. والنصف الاخر بأنتخاب مباشر للدوائر الانتخابية البالغ عددها (299) دائرة.
يقوم اعضاء البرلمان الاتحادي الذين ينتمون الى كتل نيابية بأنتخاب رئيس البرلمان 0 كذلك من مهامه انتخاب المستشار الاتحادي كما يمكن له عزله من خلال التصويت على نزع الثقة.
والوظيفة الاخرى للبرلمان الاتحادي هي وظيفة تشريعية حيث ان مهمته سن القوانين والتشريعات التي تقترحها الحكومة الاتحادية.
2- مجلس الولايات (بوندسرات BUNDESRAT).
يمثل هذا المجلس الولايات المختلفة ويعتبر هيئة ثانية الى جانب البرلمان
(بوند ستاغ) ومن مهامه مناقشة كل القوانين الاتحادية، فالقوانين الاتحادية التي تزيد الاعباء الادارية المالية للولايات او التي تحل محل قوانين تقع ضمن سلطة الولايات تحتاج بالظرورة الى موافقة مجلس الولايات لكي يصبح القانون نافذا بعد ان يوافق عليه البرلمان الاتحادي اي ان مجلس الولايات يتمتع بذات الصلاحيات التشريعية للبرلمان وحاليا يصل عدد القوانين التي تخضع لموافقة مجلس الولايات الى حوالي 50% من مجمل القوانين.
يتألف مجلس الولايات حصرا ممثلين عن الولايات ويتناسب نظام التصويت مع عدد سكان الولايات بشكل عادل حيث تتمتع كل ولاية بتلاثة اصوات في الاقل بينما يمكن ان تتمتع الولايات الاكثر سكانا بعدد من الاصوات يصل الى ستة. -5-
ثانيا: مجلس الاتحاد في دستور العراق لعام 2005
- نصت المادة الاولى من الدستور على ان :
(جمهورية العراق دولة اتحادية واحدة مستقلة ذات سيادة كاملة، نظام الحكم فيها جمهوري نيابي (برلماني) ديمقراطي وهذا الدستور ضامن لوحدة العراق).
يتضح من النص اعلاه ان الدستور قد اخذ بالشكل الاتحادي (الفيدرالي) للدولة العراقية وهو ماينص عليه ايضا قانون ادارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية وهذا يعني ان شكل الحكم في العراق قد تغير بعد ان كان دولة موحدة بسيطه على وفق دستور 16 تموز 1970 والدساتير التي سبقته.
- نصت المادة (47) من الدستور على ان:
( تتكون السلطات الاتحادية من السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، تمارس اختصاصاتها ومهماتها على اساس مبدأ الفصل بين السلطات) كما نصت المادة (48) من الدستور على ان:
(تتكون السلطة التشريعية الاتحادية من مجلس النواب ومجلس الاتحاد)
يظهر مما تقدم ان السلطة التشريعية الاتحادية تتكون من مجلسين هما مجلس النواب ومجلس الاتحاد على غرار الانظمة الفدرالية.
- مجلس النواب:
يتألف المجلس وفقا للمادة (49، أولا) من الدستور من عدد من الاعضاء بنسبة مقعد واحد لكل مائة الف نسمة من نفوس العراق يمثلون الشعب العراقي بأكمله، يتم انتخابهم بطريق الاقتراع العام السري المباشر ويراعى تمثيل سائر مكونات الشعب فيه، أما الشروط الواجب توفرها في المرشح لعضوية المجلس فلم يحددها الدستور ماعدا ان يكون المرشح عراقيا كامل الاهلية واحال على القانون تنظيم الشروط الاخرى.
-6-
- مجلس الاتحاد :
نص الدستور في المادة (65) منه على ان (يتم انشاء مجلس تشريعي يدعى بـ (مجلس الاتحاد) يضم ممثلين عن الاقاليم والمحافظات غير المنتظمة في اقليم، وينظم تكوينه، وشروط العضوية فيه واختصاصاته، وكل مايتعلق به، بقانون يسن بأغلبية ثلثي اعضاء مجلس النواب)0 الا انه وعلى وفق حكم المادة (137) من الدستور فقد تم تاجيل العمل بما ورد في المادة (65) بخصوص مجلس الاتحاد الى حين صدور قرار من مجلس النواب بأغلبية الثلثين بعد دورته الانتخابية الاولى التي عقدت بعد نفاذ الدستور عام 2005 ، وها هي الدورة الانتخابية الثانية التي لم يبق من عمرها سوى عام ونصف العام ولم يتخذ مجلس النواب لحد الان قرارا بسن قانون مجلس الاتحاد.
من خلال النصوص المتقدمة ، نود ان نبين الاتي :-
1- ان عــدم تثبيــت المبادئ العامة للنظـام الاتحادي التي تتعلق بتكوين مجلس الاتحاد واختصاصاته وتحديد علاقته بمجلس النواب في الدستور ، وتمتعه بنفس المركز الدستوري.
(المركز القانوني المتساوي) لمجلس النـواب،كذلك اناطة سن قانون مجلس الاتحاد بمجلس النواب، انما يؤدي الى وجود حالة من عدم المساواة مابين المجلسين، ويشكل حالة عدم التوازن الاتحادي مابين السلطـة الاتحاديــة والاقاليم فـي الدولة، هذا من جانب، ومن جانب آخر، فأن اعطاء مجلس النواب صلاحية تكويـن مجلس تشريعي كجزء من السلطـة التشريعيــة الاتحادية بقانـون انما يخالف مبادئ القانـون الدستوري، لان الدستور هو الذي يختص بذلك وليس القانون العادي فالدستور هو الــذي ينظم السلطات المختلفة في الدولة من حيث التكوين والاختصاصات وكيفيــة مباشرة السلطـة لاختصاصاتها. هناك ملاحظة اخرى على نص المادة (65) من الدستور وهي انها ساوت مابين الاقاليم والمحافظات غير المنتظمة في اقليم فـي التمثيل بهذا المجلس.
2- لم يكتف المشرع الدستوري بجعل مجلس النواب في مركز اعلى من مجلس الاتحاد بالرغم ان كلاهما يشكلان السلطة التشريعية الاتحادية، وانما أجل العمل بأحكام المواد الخاصة بمجلس الاتحاد اربعة سنوات يضاف اليها المدة التي يتطلبها مجلس النواب.
-7-
المشكل في دورته الانتخابية الثانية نخص مما تقدم الى ان ثنائية المجالس التشريعية في الدول الاتحادية تضمن مشاركة الولايات في ممارسة السلطة السياسية على مستوى الدولة، اذ تتجلى هذه المشاركة في العملية السياسية التي تتجسد في العلاقة مابين السلطتين التشريعية والتنفيذية الاتحاديين.
ان عدم تشكيل مجلس الاتحاد منذ اقرار الدستور ولحد الان تعكس التعثر في العملية السياسية اما المحاولات التي بذلها المشرع الدستوري العراقي لسد هذه الثغرة الدستورية من خلال تأسيس هيئات مستقلة لضمان حقوق الاقاليم والمحافظات غير المنتظمة في اقليم في ادارة المؤسسات الاتحادية ومراقبة الواردات الاتحادية لن تؤدي الدور المرسوم للمجلس الاتحادي في تحقيق الهدف المنشود من وراء تكوينه.
وبناءا على ماتقدم، نرى من الضروري ان تعالج هذه الثغرة الدستورية ضمن التعديلات المنوي ادخالها على الدستور وفقا لاحكام المادة (142) منه، وذلك بأن يتضمن التعديل تكوين مجلس الاتحاد وشروط العضوية فيه واختصاصه، والية العمل فيه وعلاقته مع مجلس النواب فيما يتعلق بدوره في العملية التشريعية (الاقتراح – التصديق – حل الخلاف ).
وذلك من اجل تأسيس نظام فيدرالي متكامل الى حد ما بالاستفادة من تجارب الدول التي اخذت به.
رد مع اقتباس