معرض محمد عبلة
سجادة أسطورية ذات قدرة سحرية على الانتقال والطيران، بنى عليها الفنان محمد عبلة معرضه الجديد «بساط الريح». ذلك البساط، الذي عرف في حكايات علاء الدين، كان وسيلة الفنان للتعبير عن الهروب من الواقع إلى الأحلام، فاستبدل «عبلة» علاء الدين بالإنسان المصري، المتطلع لواقع أفضل، واقع موازٍ تتحقق فيه الأحلام ويجد فيه الجميع البهجة المفقودة.
أراد «عبلة» لكل شخص أن يطير ببساطه وينطلق في عالم الأحلام بعيدا عن الواقع وألمه، فظهر أبطاله يعيشون في عوالم من الفرح والبهجة والخيال، مع اختلاف إمكانياتهم لكن خلق كل منهم بساطا يناسبه وعبروا به فوق الواقع لوجهتهم التي يرغبونها، لكن أعينهم كانت عليه وكأنهم يراقبونه.
معرض بساط الريح لمحمد عبلة
وعبر محمد عبلة بتكوينه عن حالات سعادة مختلفة للأبطال، فيقول إن الكثيرين يراودهم حلم الهجرة والهرب من الواقع وحياة بديلة بواقع مختلف، لكنهم غير قادرين على ذلك فعليا، فكان الحل في «بساط الريح» ليركبه كل شخص ويتخيل أين سيذهب به، مضيفا: «هو الواقع والواقع الموازي، لتحقيق ما لا يمكن تحقيقه، والبحث عن حياة جديدة».
ويوضح لـ«أيقونة» أن الأبطال كلهم بشر بسمات مختلفة، منهم من يطير برفقة أسرته أو أطفاله أو بمفرده أو مع حيوانه الأليف، بعضهم وكأنهم ملائكة، لكن مهما كانوا فإنهم يمكنهم الطيران، وبرغم ذلك كانت أعينهم على الأرض والواقع، فيمكن للإنسان أن يحلم ويطير لكنه في النهاية سيعود لمواجهة حقيقته وواقعه.
كان الاختلاف في شكل بساط الريح في الأعمال واضحا، وهو ما أراد به الفنان أن يعبر عن حقيقة أن كل شخص يمكنه تحقيق ذلك بطريقته وبخياله، فالحلم لا يحتاج لأي إمكانيات كبيرة، كل شخص يمكنه ابتكار بساط ريحه ويذهب للواقع الذي يريد، قائلا: «قدمت في الأعمال إمكانيات مختلفة للطيران، فبعضهم كان يطير ببساط سجادة أو كليم أو مراوح، فكل واحد قادر على ابتكار طريقته، لأن الحلم بدون حدود».
وعن ألوانه، يقول إنه بطبعه شخص متفائل، ولا يقدم في معرضه الجديد أي نوع من اليأس أو الحزن ولكن فكرة تبعث على التفاؤل، فطالما ظل الشخص يمتلك القدرة على الحلم فهو بالتأكيد سيصل إلى نتيجة.
بساط علاء الدين السحري
لم يكن ميلاد فكرة المعرض وليد اللحظة، فبساط الريح يعود في ذاكرته لمرحلة الطفولة عندما شاهد لأول مرة فيلم قديم اسمه «لص بغداد»، وخلاله شاهد لأول مرة فكرة البساط السحري، وظل حلم الطيران بهذه الوسيلة الأسطورية في خياله، ومع تراكمات الحياة والخبرات والتعامل مع الآخرين وحديثه مع بعض الأشخاص الذين عبروا له أكثر عن رغبتهم في الهجرة أو الهرب، فتولدت الفكرة من هذه التراكمات الخيالية والواقعية.
ويقول: «جميعنا رأينا بساط علاء الدين السحري، في هذا الفيلم الشهير، فهي مرت على خيالنا كفكرة طفولية، فالأفكار تكون كاملة داخل الإنسان وتأخذ وقت حتى تخرج، والتعبير عنها يأتي في لحظة معينة بعدما تكتمل بخبرات ومشاعر مختلفة».
البحث عن واقع بديل
يقدم المعرض نحو 40 عملات ويستمر لمدة 3 أسابيع في قاعة الزمالك للفن، واستمر تحضيره لمدة 5 أشهر، ويوضح محمد عبلة أن كل معرض جديد له يكون مختلفا ويحمل فكرة وأسلوب مختلف عن السابق له، فلا يفضل تقديم شيء سبق أن قدمه من قبل.
ويوضح أنه يهتم بالإنسان، سواء يعيش في المدينة أو الريف بغض النظر عن أي عامل خارجي، فيعبر عن همومه وأحلامه ويومياته، مضيفا أن المعرض يقدم تساؤلات وليس رسالة، لأن الفنان ليس مصلحا اجتماعيا، فيعبر عن ذاته في وقت أو مرحلة ما، ففي هذا الوقت أراد التعبير عن الهجرة أو الهرب من الواقع، لأن الحاضر أصبح صعب للغاية، فالكل يفكر في تغييره بطريقته أو الهروب منه بالأحلام.
ويقول: «الحلم هو محاولة للبحث عن واقع بديل، وبما إننا لا نعرف كيفية الهرب أو الهجرة فلجأنا للحلم، لنجد البديل في خيالنا».