أعمال أيمن سعداوي
مشاهد من الثقافة المصرية حولتها أنامل الفنان أيمن سعداوي إلى مجسمات، لا تخطئها عين المشاهد، “حواديت مصرية” يقدمها في معرضه الجديد في قاعة الزمالك للفن، ليعرض منحوتاته المستوحاة من ذكريات الطفولة شخصيات مختلفة من بر مصر والثقافة الشعبية، حكايات ارتبطت بالموالد والأعياد والشوادر و”الليلة الكبيرة”.
رقصات المولوية، وعازفو العود والربابة، والبهلوان، والغازية، والعرافة، والعمدة، وبياع الهوى، شخصيات جسدها الفنان أيمن سعداوي في معرضه الجديد، مستوحاة من أوبريت الليلة الكبيرة، كما قدم بنات بحري استلاهما من لوحة الفنان التشكيلي محمود سعيد، وتعكس تلك المنحوتات اتصال سعداوي الوثيق بالثقافة الشعبية المصرية في تفاصيلها وجوهرها.
بجانب براعته في التعبير عن التفاصيل وعشقه لكل ما هو مصري، يتميز “سعداوي” بممارسته للفن بالفطرة، فرغم أنه لم يدرس الفن أكاديميا، لكنه نجح في الوصول بمنحوتاته لإتقان يبهر المتلقي من النظرة الأولى ويخلد مشاهد وشخصيات من عمق مصر قد تكون في طريقها للنسيان.
معرض حواديت مصرية لأيمن سعداوي
كل عمل من أعمال “حواديت مصرية” يحكي حكاية من ذاكرتنا وطفولتنا، بعضها اندثر والآخر لا يزال موجودا، فيقول أيمن سعداوي إن المعرض يجسد شخصيات المولد، منها رقصة المولوية في أكثر من حركة وبأكثر من خامة، فهي رقصة شهيرة في الصوفية، مضيفا: “إذا عدنا بالذاكرة لأوبريت الليلة الكبيرة، نجد شخصيات العمدة والغازية وعازف الربابة وعازف العود والمراجيح وبياع الهوى أو بائع البلالين، والعرافة والقهوجي والمعلم، والعربة الكارو والتي كانت وسيلة الانتقال من حي لآخر والانتقال للمولد في أجواء احتفالية بالطبول والزغاريد”.
ويضيف في حديثه لـ”أيقونة”، أن المعرض يقدم أيضا شخصيات لوحة الفنان محمود سعيد “بنات بحري”، والتي تجسد النساء بـ”الملاية اللف” وحركته وبائع العرقسوس، فهذه اللوحة تعبر عن قصة الشارع المصري واحتفالاته، سواء بالمولد أو الليلة الكبيرة أو العيد، موضحا أنه أراد أن يفكك شخصيات اللوحة الخمسة، لتكون أعمال مجسمة، فنحت بائع العرقسوس، والعمدة، كما نحت الثلاث نساء بـ”الملاية اللف”، بخامات مختلفة تتسم بنوع من الدفء، مستخدما مزيجا من الخشب والبرونز في نحت الجسم والأطراف.
وعن اهتمامه بالثقافة الشعبية والهوية المصرية، يؤكد أن الفنان من المفترض أن يقدم أعماله من موروثه الشعبي والثقافي والحياة اليومية سواء في الماضي أو الحاضر، سواء كان نحات أو فنان تشكيلي أو كاتب أو يقدم أي نوع من أنواع الفن، قائلا إن هذا الموروث الشعبي أساسي في أداء الفنان، لأنه جزء من عاداتنا وتقاليدنا المصرية.
فنان بالفطرة
أيمن سعداوي من مواليد البحر الأحمر، ومنذ طفولته كان عاشقا للفن وخاصة النحت، لكنه لم يدرس الفن، فهو خريج “معلمين”، واشتغل بالتدريس نحو 9 سنوات قبل أن يقرر ترك التدريس والتفرغ للفن، فيوضح: “مدرستي الابتدائية كانت على شاطئ البحر في رأس غارب، ومعلمتي في المدرسة هي من اكتشفت هوايتي، وكان أمام المدرسة خندق مليء بالطفلة والتي تقارب في خامتها الطين الأسوانلي المستخدم في النحت، وكنت أخرج من المدرسة لجمع الطفلة ونحتها”.
ويضيف: “بهذه الطريقة بدأت تنمية هوايتي وموهبتي والاهتمام بممارسة النحت، ولم أتخلى عنه، حتى قررت التفرغ النهائي للفن في عام 2000، ونظمت أول معرض خاص في أتيليه القاهرة في 2001″، موضحا أنه نظم أربعة معارض منها “النيل” و”بر مصر” و”الفرحة”.
ورغم حالاته المزاجية المختلفة في التنفيذ، لكن العمل النهائي دائما ما يبعث في قلب المتلقي شعورا بالبهجة والفرحة، فيقول: “حتى في أوقات الضيق أو حالة مزاجية غير لطيفة، ألجأ للنحت كمتنفس للاستمتاع واللعب، لذلك تعد المنحوتة بمثابة لعبة أستمتع بها، لذلك تخرج بشعور من البهجة أو الفرح وهو إحساس يصل للمتلقي”.
ويضيف أنه يريد لأعماله أن تصل لكل المتلقيين من كل الفئات وليس فئة بعينها، فهو يريد للمواطن البسيط أن يفهم المنحوتة ويشعر بما يقدم من خلالها، وليس المثقفين أو هواة الفن فقط، مضيفا أن “وصول المنحوتة للمواطن العادي بالتأكيد سيجعلها تصل للجميع، فلا أريد للعمل أن يكون موجها لفئة بعينها بل للجميع”.
المزيد من أعمال أيمن سعداوي
المزيد من أعمال أيمن سعداوي