بانوراما خاطفة في عوالم الفنون والأدب والتراث
«اقتناء الجمال هو اقتناء للتاريخ؛ فالعلاقة بين الفنون والتاريخ علاقة عضوية متبادلة؛ إذ يستمد كل منهما مادته من الآخر». انطلاقًا من هذه الفلسفة يأتي «مِمورابيليا» وهو كتاب صادر عن دار «الكرامة» يقدم طرحًا بانوراميًا مصورًا لمجموعة منتقاة من مقتنيات ومخطوطات ووثائق دأب الكاتب محمد سلماوى وزوجته الفنانة التشكيلية نازلى مدكور، على جمعها واقتنائها على مدار أعوام.
تبدو الفصول العشرة لـ«ممورابيليا» كجولة في عوالم الفنون التشكيلية والأدبية والتراثية؛ وانطلاقًا من أن «الفنون ما هي إلا تذكارات للحضارات الإنسانية» على اختلاف هذه الحضارات وتباين روافدها؛ يرتكز الكتاب على التنوع سواء على مستوى المقتنيات أو خلقياتها الجغرافية والزمنية والروافد التي شكلتها؛ إذ وصفته الدكتورة ماجدة سعد الدين بـ«المتحف المتنقل».
وتقول إنه «يبحر في صفحات الزمان والمكان لتستعرض بعين الجمال فنونًا ما بين عصر النهضة في القرن الـ16 مرورًا بإحدى اللوحلات التي تنتمي بالمدرسة الهولندية، في القرن الـ17، فالمدرسة الإسبانية في القرن الـ19 ثم وصولًا إلى أحد أهم العصور في تاريخ الفن الأوروبي حتى نصل لبعض اللوحات المعاصرة في أواسط القرن الـ20».
بانوراما خاطفة في عوالم الفنون والأدب والتراث
يضم «ممورابيليا» نماذج فريدة لأعمال فنانين مصريين وآخريين عالمين؛ فبين صفحاته تلتقي أعمال أوجين فرومنتان وكاميل كوروه ونرسيس دياز ويوهان يونكيند وأوجوست رنوار إلى جانب أعمال كبار التشكيليين المصريين أمثال عبد الهادى الجزار وآدم حنين وحامد ندا وراغب عياد وجاذبية سرى وإنجى أفلاطون وسيف وانلى.
كما أن صفحاته ليست قاصرة على الأعمال التشكيلية فحسب؛ بل تجد بين دفتي هذا الكتاب جانبًا توثيقيًا لبعض المقتنيات الأدبية والتراثية؛ على الصعيد الأدبي يضم هذا الكتاب عرضًا لبعض الكتب والوثائق النادرة؛ إذ تطالعنا صفحاته على ثلاث مسرحيات قصيرة بخط يد توفيق الحكيم، ومخطوطات بخط يد الشاعر الفرنسى الكبير چان كوكتو، وكتابات لنجيب محفوظ ونجيب سرور.
يضم الكتاب كذلك فصلا عن السجاد والمنسوجات القديمة، وآخر عن العصى النادرة، ومن بين الفصول التى تستوجب التوقف عندها ذلك الفصل المبتكر الذى يضم الأعمال الفنية لغير التشكيليين، حيث نتعرف لأول مرة على لوحات ورسوم للروائى الكبير إدوار الخراط والكاتب الصحفى كامل زهيرى والكاتب المسرحى شوقى عبد الحكيم، ومن الفنانين عبد المنعم مدبولى وأحمد مظهر ومعالى زايد وغيرهم.
تعود مقتنيات هذا الكتاب لأسرة الكاتب الكبير محمد سلماوي؛ إذ أمضى حياته يجمعها رفقة زوجته الفنانة التشكيلية نازلي مدكور.
وحول بداياته مع هواية الاقتناء يقول «سلماوي»: «أذكر أن حبي لاقتناء الأشياء القديمة وكل بيت به من الأشياء الثديمة ما يجمل الذكريات الماضية أو يذكر بها؛ هكذا كانت البداية التي تنامت مع الوقت وتشعبت نوعياتها».
قامت بتوثيق الأعمال المتضمنة فى كتاب «مِمورابيليا» الدكتورة ماجدة سعد الدين الأستاذة بأكاديمية الفنون، وصورتها عدسة المصور الفنان عماد عبد الهادى، وقدمها الفنان الكبير فاروق حسنى.
ووصف الفنان فاروق حسنى المقتنيات التى يضمها الكتاب بأنها “ذات قيمة فنية ومتحفية متميزة، ليس على صعيد الكم، بل التنوع والتفرد”.
أما تسمية الكتاب فأتت من كلمة الكاتب محمد سلماوى التى تتصدره والتى يقول فيها أن كل عمل فنى إنما يعكس خصائص الزمن والحضارة التى أفرزته، وأن الأعمال الفنية هى “مِمورابيليا” أو تذكارات من تلك الأزمنة والحضارات.