صورة لجواز سفر إيراني - رويترز
الهجرة.. مخرج يرى فيه بعض الشباب الإيراني فرصة للهرب من قمع النظام، إلا أن الأمر ليس بسهل، حيث تواجههم طهران بخطوات قمعية أكبر، مثل منعهم من السفر، أو فرض قيود خاصة بالعملة على الطلاب الذين يطمحون للدراسة في الخارج.
ظاهرة هجرة العقول أصابت البنية العلمية في مقتل، ووضعت طهران في مراتب متقدمة عالميا في نزيف الأدمغة، وذلك وصول نظام الخميني إلى الحكم.
وكشف تقرير للمركز القومي للعلوم في الولايات المتحدة، أن أكثر من 180 ألف خريج من الجامعات الإيرانية يهاجرون سنويا إلى الخارج ولا يعود أغلبهم، حيث أصبحت الهجرة السبيل الوحيد أمامهم للبحث عن أفق أوسع للعمل والحياة، إثر أزمات يواجهونها في الداخل.
وفي هذا الصدد، أوضح الباحث في شؤون الهجرة بالمعهد العالي للعلوم الاجتماعية في باريس، نادر وهابي، أن "نسبة البطالة كبيرة جدا في إيران، لكن المشكلة الأساسية في الهجرة ليست اقتصادية، بل سياسية، خاصة فيما يتعلق بالطلاب".
واستطرد موضحا: "فحرية التعبير تتسبب في هجرة المعرفة"، في إشارة إلى الطلاب والباحثين.
ولفت وهابي في حديثه لقناة الحرة، أن الطلاب الإيرانيين كانوا يغادرون البلاد للدراسة ثم يعودون فيما بعد "لكن حاليا حينما يصل الطلاب إلى أوروبا للدراسة، يعود فقط ما بين 10 إلى 15 بالمئة منهم إلى إيران".
وأكد أن هذه "مشكلة كبيرة تحدث للمرة الأولى في تاريخ إيران المعاصر، إذ توجد أعداد كبيرة من الطلاب الذين لا يودون العودة ويفضلون الاستمرار في العمل بالخارج".
وتجاوز معدل البطالة بين الشباب في إيران 27 بالمئة، وذلك وفق تقديرات البنك الدولي لعام 2023.
ومن بين أكثر القطاعات تأثرا، قطاع الصحة، الذي يعاني من هجرة الأطباء والممرضين، وفق ذات التقارير.
وفي تقرير للمرصد الإيراني للهجرة في طهران، جاء أن الرغبة في الهجرة "مرتفعة جدا" لدى 40 بالمئة من الطلاب وخريجي الجامعات، و"مرتفعة" بين 26 بالمئة منهم.
وأشار المرصد في تقريره الصادر عام 2022، إلى أن الرغبة في الهجرة "العالية جدا" تشمل 53 بالمئة من الأساتذة والباحثين، و43 بالمئة من أصحاب المشاريع الصغيرة.
كما ذكر مركز دراسات الشتات الإيراني التابع لجامعة سان فرانسسكو، أن أكثر الدول التي يهاجر إليها الإيرانيون، هي أستراليا بالمقام الأول، ثم المجر وبريطانيا وتركيا ولاتفيا وكندا والدنمارك وألمانيا، على الترتيب.
وواصل وهابي حديثه للحرة بالقول، إن إيران "شهدت 5 موجات للهجرة منذ 45 عاما، بدأت قبل أشهر من وصول نظام الخميني وتبعتها أخرى في الفترة من 1981 إلى 1984، حينما شهدت البلاد إعدام نحو 4 آلاف شخص تقريبا".
و"تبع ذلك موجة جديدة خلال الحرب الإيرانية العراقية، وفي نهاية التسعينيات حينما شهدت البلاد موجة قمع كبيرة، وأيضا موجة جديدة بداية من عام 2009"، وفق وهابي.
واختتم الباحث حديثه للحرة بالقول، إن طهران بحاجة إلى إصلاحات على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، خصوصا فيما يتعلق بحرية النساء، من أجل مواجهة هجرة العقول الشابة.
كما كشفت تقارير محلية ودولية، أن الهجرة بين صفوف الأقليات الدينية والعرقية تتفاقم حاليا، حيث تفرض السلطات قيودا على البهائيين والمسيحيين وغيرهم، في مجالات العمل والتعليم. كما يواجه الأكراد والعرب والبلوش تهميشا سياسيا.
وفي هذا الصدد، قال ممثل الحزب الجمهوري لجنوب أذربيجان، آراز يوردسفن، إن "النظام الإيراني، الذي استولى على السلطة في عام 1979، بقيادة آية الله الخميني، حوّل إيران من أمة إلى دولة قامعة للأقليات".
وتابع: "ما نراه اليوم هو النظام الخميني في السلطة، وهو يقمع كل الأمم غير الفارسية"، مستطردا: "الأحواز والعرب شيعة وسنة، وكذلك البلوش، جميع هؤلاء تعرضوا للقمع والاضطهاد".
وحسب ممثل الحزب الجمهوري لجنوب أذربيجان، فإنه "ليس لدى البهائيين في إيران أي حقوق، كذلك الأمر بالنسبة للعلويين الذين حرموا من حقوق الإنسان الأساسية".
وأصدرت منظمات عديدة تقارير بشأن أوضاع الأقليات في إيران، وطالما تعرضت إلى انتقادات بسبب "التمييز" الذي تمارسها السلطات هناك ضد بعض الفئات، خاصة البهائيين وعرب الأحواز.
مصدر الخبر :
https://www.alhurra.com/iran/2024/12...A3%D8%B3%D8%AF