خلال الفترة من 11 وحتى 22 نوفمبر الجاري، استضافت أذربيجان العلماء والسياسيون وقادة العالم في قمة المناخ السنوية للأمم المتحدة، COP29، والتي تزامنت مع اعتبار العام الحالي الأكثر سخونة على الإطلاق بسبب تغير المناخ.
وناقشت القمة التغيرات المناخية والقضايا المرتبطة بها، حول تساؤلات بشأن التقدم الذي أحرزته البلدان بالفعل في التعامل مع التغيير، فلا يزال الوقود الأحفوري في ازدياد على الرغم من التعهدات والخطوات الإيجابية التي اتخذتها بعض البلدان للتخلي عن مصادر الطاقة التي تساهم بشكل كبير في تسخين الكوكب.
تغير المناخ
في اجتماع COP28 الذي عقد العام الماضي في الإمارات العربية المتحدة، وافقت البلدان على “الانتقال بعيدًا عن الوقود الأحفوري في أنظمة الطاقة”، وذلك في المرة الأولى التي يستهدف فيها العالم الفحم والنفط والغاز بشكل مباشر، والتي تعد المحركات الرئيسية لتغير المناخ لأنها تطلق ثاني أكسيد الكربون وارتفاع درجة حرارة الكوكب عند حرقها للحصول على الطاقة.ولكن في الواقع، من المتوقع أن تصل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من الوقود الأحفوري إلى مستوى مرتفع جديد في عام 2024 عند 37.4 مليار طن، بزيادة 0.8٪ عن عام 2023، وفقًا لبحث أجراه فريق مشروع الكربون العالمي الدولي.
وفي الاتحاد الأوروبي، وصلت حصة الكهرباء القادمة من الفحم والنفط والغاز إلى مستوى منخفض جديد في وقت سابق من هذا العام، لكن مشاريع الوقود الأحفوري الجديدة لا تزال قيد الموافقة في العديد من البلدان، ومن بين أكبر اقتصادات العالم، تعد الصين المتسبب الأول في الانبعاثات، لكنها ليست الوحيدة.وعلى الرغم من تحذيرات الأمم المتحدة من أنه إذا تم حرق كل الفحم والنفط والغاز من المشاريع القائمة والجاري إنشاؤها، فمن المرجح أن ترتفع درجة حرارة العالم إلى ما يتجاوز الهدف المتفق عليه عالميا وهو 1.5 درجة مئوية.
النمو السريع لمصادر الطاقة المتجددة
تنمو مصادر الطاقة المتجددة مثل الرياح والطاقة الشمسية بسرعة كبيرة وانخفضت الأسعار بشكل كبير على مدى العقد الماضي، ففي العام الماضي، وعدت البلدان بمضاعفة قدرة ما يسمى “الطاقة المتجددة” إلى ثلاثة أمثالها بحلول عام 2030، لتحل محل الوقود الأحفوري في شبكة الطاقة الكهربائية، وبالتالي تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون حتى مع نمو الطلب على الكهرباء.
حاليا، تتوقع وكالة الطاقة الدولية أن تنمو القدرة العالمية المتجددة بمقدار 2.7 مرة بحلول عام 2030 مقارنة بمستواها في عام 2022، وسط آمال بأن تساعد الاقتصادات المختلفة الطاقة المتجددة على النمو بشكل أسرع، حيث تعد الخيار الأرخص والأكثر عقلانية اقتصاديًا لإنتاج الطاقة.
ومن المتوقع أن تمثل الصين وحدها أكثر من نصف النمو في الطاقة المتجددة العالمية حتى عام 2030، وفقًا لوكالة الطاقة الدولية، ولكن من المتوقع أيضًا أن ترتفع مصادر الطاقة المتجددة بسرعة في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والهند، وكذلك المملكة المتحدة.
المركبات الكهربائية
ينمو عدد المركبات الكهربائية بسرعة، بقيادة الصين، لكن معدلات الاستيعاب تختلف بشكل كبير بين البلدان، وفقًا للأمم المتحدة، فهي الطريقة الرئيسية للحد من انبعاثات الاحتباس الحراري من النقل البري، إذ يمكن أن تعمل بالكهرباء النظيفة، وليس مباشرة من الوقود الأحفوري.
وتختلف تكلفة السيارات الكهربائية بشكل كبير بين الدول، في الصين، تقدر وكالة الطاقة الدولية أن أكثر من 60٪ من السيارات الكهربائية المباعة في عام 2023 كانت بالفعل أرخص من نظيراتها التي تعمل بالبنزين أو الديزل، ويرجع ذلك جزئيًا إلى إعانات الحكومة للصناعة، مما يشجع المزيد من الناس على التحول.
وفي مناطق أخرى، كانت السيارات الكهربائية أكثر تكلفة عادةً، لكنها أصبحت أرخص بشكل عام.
إزالة الغابات وتأثيره على تغير المناخ
وانخفضت إزالة الغابات بشكل كبير في منطقة الأمازون في البرازيل في عام 2023، لكن العالم لا يزال بعيدًا عن المسار الصحيح لتحقيق هدفه بوقفها بحلول عام 2030، وفقًا لمعهد الموارد العالمية.
وكانت هناك بعض العلامات المشجعة، حيث جدد الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، المنتخب في عام 2023، التزامه بهذا الهدف ووعد بمعالجة فقدان الأشجار، بعكس سلفه جايير بولسونارو الذي أهمل بشكل كبير الحماية القانونية للغابات، التي ساعدت تاريخياً في حماية العالم من المزيد من الانحباس الحراري، من خلال امتصاص بعض ثاني أكسيد الكربون الناتج عن الأنشطة البشرية.
ولكن هناك مخاوف من أن هذا يتغير نتيجة لخسائر الأشجار وتأثيرات الجفاف التي تفاقمت بسبب تغير المناخ، حيث زادت إزالة الغابات في أجزاء أخرى من الأمازون، بما في ذلك الجزء في بوليفيا.
وبشكل عام ففي حين تم اتخاذ الكثير من الخطوات الإيجابية، فإن الأرقام الرئيسية للانبعاثات لم تتغير للأسف كثيرًا، حيث حذر تقرير حديث للأمم المتحدة من أن السياسات الحالية تضع العالم على المسار لارتفاع درجة الحرارة بنحو 3 درجات مئوية بحلول نهاية القرن، وقد توصلت منظمات أخرى إلى أرقام مماثلة، وهو ما يعد أعلى بكثير من الهدف المتمثل في محاولة الحد من ارتفاع درجة الحرارة على المدى الطويل إلى 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة، والتي اتفق عليها ما يقرب من 200 دولة في باريس في عام 2015.
وتقول الأمم المتحدة إن هدف 1.5 درجة مئوية لا يزال ممكنًا من الناحية الفنية، ولكن فقط مع تخفيضات ضخمة للانبعاثات على مدى العقد المقبل، لكن طرحت الانتخابات الأمريكية الأخيرة تحديات لتوحيد العالم حول أهداف مناخية جديدة، حيث تعهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بسحب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس للمناخ واستمرار الحفر لمزيد من النفط والغاز، بما يعد ضربة كبيرة للعمل المناخي العالمي.