الضحك أفضل دواء لمن لا يضحكون، ومع انتشار الفكاهة خاصة في عصر السوشيال ميديا وانتشار “الميمات”، زادت الفكاهة العنصرية، وساعدت على زيادة قبول النكات بناءا على بعض التصنيفات مثل العرق والجنس.
وهناك عبارة شائعة في الولايات المتحدة تقول «العصي والحجارة قد تكسر عظامي، لكن الكلمات لن تؤذيني أبدًا»، وتستخدم عادة لتبرير التنمر أو الشتائم لصرف الانتباه عن الإهانة، وإظهار أن الكلمات لم تسبب ضررًا دائمًا، وأن الأشخاص لا ينبغي لهم أن يتأثروا بالإهانات اللفظية أو الانتقادات، لكن الحقيقة أن للكلمة أو النكتة عواقب حقيقية على أولئك الذين تستهدفهم.
الفكاهة العنصرية
تساعد النكات العنصرية في تعزيز الصور النمطية السلبية والتحيزات، وغالبا ما تؤدي إلى إيذاء مشاعر الآخرين ونشر الكراهية والانقسام، إذ تستهدف مجموعة معينة من الناس بناءً على عرقهم أو جنسيتهم أو دينهم أو أي سمة أخرى.
وفي مصر، كانت الفكاهة أو النكات العنصرية معروفة منها النكات الساخرة من فئات مختلفة مثل الصعايدة أو الفلاحين، أو حتى السمات الجسدية مثل السمنة أو اللون أو حتى الأشخاص الذين يعانون من ضعف البصر ويرتدون النظارات وغيرهم.ولكن العنصرية في النكات والسخرية ممتدة على مر العصور في كل بلدان العالم، فكم من النكات التي أطلقها ذوي البشرة البيضاء تجاه السود اعتمادا على نظرية «التفوق الأبيض»، على حد زعمهم، وهو ما تناولته الكثير من الدراسات التي بحثت كيف يمكن للفكاهة أن تجعل الكراهية ممتعة وحتى جذابة.
وفي تلك الدراسات قيم العلماء كيف تعمل الممارسات اليومية غير الضارة -مثل مشاركة النكتة- على تجريد الضحايا من إنسانيتهم في كل المجتمعات ومنها أمريكا الشمالية وأوروبا، فكشفت واحدة من الدراسات التي أجريت بعنوان «حماقة العنصرية: استعباد الوجه الأسود وتقاليد الأحمق الطبيعية»، للباحث روبرت هورنباك، كيف كانت الأوضاع في العصور الوسطى وعصر النهضة، وكيف تم وصف السود على أنهم أشخاص حمقى بطبيعة الحال، وكانت هذه التصورات مفيدة لتبرير البيض لتجارة الرقيق عبر الأطلسي.
وفي الولايات المتحدة ، انتشر مسرح الفودفيل الأمريكي، الذي كان من ألوان التسلية المسرحية يُقدَّم فيه للجمهور أنواع شتى من الفقرات المسلية، وتشكلت الكثير من هذه الفكاهة بفعل المشاعر المعادية للمهاجرين، لكن الأمر لم يلقى استحسانا بحلول نهاية عشرينيات القرن العشرين. ولدى الأمريكيين تاريخ من النكات العنصرية البيضاء لتبرير إخضاع غير البيض وحرمانهم من حقوقهم من خلال التركيز على اختلاف اللون والعرق والمجموعات العرقية، وهو ما اتضح في مواقفهم تجاه السود.
وحتى القرن التاسع عشر، ومع اشتداد تجارة الرقيق التي جلبت آلاف من الأفارقة المستعبدين إلى الولايات المتحدة، حاول الأمريكيون الأوروبيون البيض تبرير استغلالهم الاقتصادي للسود من خلال إنشاء نظرية علمية عن تفوق البيض ودونية السود.
الميمات على الإنترنت والسخرية
وفي عصر الإنترنت، أصبحت السخرية والنكات العنصرية سمة أساسية من خلال «ميمات» عنصرية، ففي الغرب تم استخدام الميمات بشكل استراتيجي لتعميم رسائل التفوق الأبيض، كما انتشرت على تطبيقات التواصل الاجتماعي مقاطع عنصرية، رصدها باحثون في عدة مواقف من أبرزها جائحة كورونا، والتي شهدت العنصرية تجاه الصينيين تحديدا في الجائحة باعتبار بكين كانت المكان الأول الذي يظهر فيه الفيروس ومنه انتقل إلى دول العالم، وكان ذلك من خلال مقاطع صوتية منتشرة على «تيك توك» تسيء للصينيين.
كذلك ذهب البعض إلى أن استخدام إيموجي الوجه الأسود في الميمات، هو عنصرية معادية للآسيويين والأفارقة، وهي ممارسة انتشرت على تيك توك. وفي عام 2012 استخدمت مدونة ألمانية هاشتاج على موقع تويتر حينها يحمل اسم schauhin (انظر هنا)، شارك خلاله المستخدمون تجاربهم مع العنصرية، ومع الوقت تحول الوسم إلى مكان للتصريحات العنصرية.