دراسة: سم بكتيري يُسرّع انتشار سرطان القولون والمستقيم
كشفت دراسة حديثة أجراها باحثون من مركز السرطان بجامعة فلوريدا، بالتعاون مع فريق دولي، عن دورٍ صادم لسمٍ بكتيري في تسريع انتشار أورام القولون والمستقيم إلى أجزاء أخرى من الجسم.
ويُعد هذا السم، الموجود في بكتيريا ”كامبيلوباكتر جيجوني“، أحد أكثر مسببات الأمراض المنقولة بالغذاء شيوعًا.
ونشرت نتائج الدراسة المذهلة في مجلة ”Cell Host & Microbe“ في الثاني من ديسمبر، وقد تُمهّد الطريق أمام أدوات جديدة للكشف المُبكر عن سرطان القولون والمستقيم النقيلي، وتُساعد في تحديد المرضى الذين يحتاجون إلى علاجات أكثر قوة.
وأكد البروفيسور كريستيان جوبين، أستاذ الطب المتميز في كلية الطب بجامعة فلوريدا والمشرف على البحث، أن ”هذه الدراسة تُقدم فهمًا جديدًا لكيفية تعزيز السموم البكتيرية لانتشار سرطان القولون والمستقيم، مما يفتح آفاقًا جديدة لتطوير فحوصات تُنبئ بخطر الإصابة“.
وتُسلط الدراسة الضوء على بكتيريا ”كامبيلوباكتر جيجوني“ التي تُسبب أكثر من مليوني حالة إسهال سنويًا في الولايات المتحدة. وتحتوي بعض أنواع هذه البكتيريا على سم يُعرف باسم ”السم المتمدد القاتل للخلايا“ ”CDT“.
وأثبت الدكتور جوبين، الطبيب المشارك في برنامج أبحاث المناعة والأورام والميكروبيوم، أن هذا السم يلعب دورًا أساسيًا في الإصابة بسرطان القولون والمستقيم لدى الفئران.
وسعى الفريق البحثي في الدراسة الجديدة إلى كشف كيفية تأثير البكتيريا على انتشار سرطان القولون والمستقيم، الذي يُعد ثاني أسباب وفيات السرطان. وفي حال اكتشافه مُبكرًا، قبل انتشاره، تصل نسبة النجاة إلى 90%. إلا أن النقائل، أو الأورام الثانوية التي تنمو بعيدًا عن موقع الورم الأصلي، تُعد السبب الرئيسي للوفاة، وتظل خيارات العلاج محدودة.
وقارن فريق البروفيسور جوبين وجود بكتيريا ”كامبيلوباكتر جيجوني“ في أنسجة 34 مريضًا مُصابًا بسرطان القولون والمستقيم الأولي انتشر لديهم المرض، مع 37 مريضًا لم يُصابوا بالنقائل خلال ثلاث سنوات.
وكشفت النتائج عن وجودٍ كبير للبكتيريا لدى المرضى الذين يعانون من النقائل. كما لوحظ أن المرضى الذين لديهم مستويات قابلة للاكتشاف من البكتيريا كانت لديهم توقعات أسوأ بكثير مُقارنةً بأولئك الذين لا يعانون من النقائل. وأكد الفريق هذه النتائج في مجموعات بيانات وطنية كبيرة من عينات الأورام.

وباستخدام فئران مُصابة بأورام رئوية وكبدية منتشرة، وأنسجة سرطان القولون والمستقيم لدى البشر، ونماذج ثلاثية الأبعاد للأورام مصنوعة من خلايا المرضى، أظهر الباحثون كيف عززت السموم البكتيرية انتشار السرطان. ووجدوا أن ”السم المتمدد القاتل للخلايا“ ”CDT“ أدى إلى زيادة نشاط أنواع مُعينة من الإنزيمات وتفعيل نوع من الإشارات في الخلايا السرطانية المُرتبطة بالنقائل.
وأشار الباحثون إلى أن العديد من التجارب السريرية تُجرى حاليًا لاختبار عقاقير تهدف إلى التدخل في مسار إشارات الخلايا هذا، مما يعني أن النتائج قد تُوجه تطوير علاجات جديدة.
واستطاع الباحثون استعادة بكتيريا حية من أورام خارج الأمعاء، مما يُشير إلى أن الأورام خلقت بيئة مُلائمة
لنموها. وتدعو الحاجة إلى مزيد من البحث لفهم كيفية انتقال البكتيريا إلى مواقع الورم وكيف يُنشط السم مسارات الإشارات.