مساحات من الألوان والأشخاص والأشياء، تبحث في الماضي وتستعيد الذكريات بعذوبة، أشياء تستحضر حيوات مرت على الإنسان في زمن ليس بالبعيد، لكنه خالد في ذاكرته، تقدمها الفنانة التشكيلية مونل جنحو في معرضها الجديد “الأشياء لها روح”، تستعيد مع جمهورها لحظات نوستاليجية تتجلى ملامحها في هاتف قديم، أو ساعة حائط أو شيش متوارب، أو حتى مقعد مريح وماكينة خياطة.
لوحات تستدعي في الذاكرة شلال من الذكريات والونس بأشياء مختلفة، رائحة شخص رحل عن الدنيا، مقعد مفضل كان يقضي عليه أوقات طفولته، مجلة قديمة كان الأصدقاء يتجمعون لقراءتها والتسلية بألعابها، ماكينة الخياطة التي أصبحت جزء من ديكور المنزل، لكنها تعكس وجوه كل الأمهات وطعم ورائحة كل البيوت، إطارات وخزائن الصور القديمة النابضة بالحياة لتجمع العائلة والاحتفال بالمناسبات المختلفة.
الأشياء لها روح لـ مونل جنحو
في “الأشياء لها روح” رحلة للماضي، استلهمتها الفنانة مونل جنحو من موقف شخصي تعرضت له، فمنذ صغرها كانت ساعة الحائط تعمل بدقة لكنها لم تتوقف إلا في يوم رحيل والدها، فتقول: “تأثرت بهذا الموقف، شعرت وأن تلك الساعة وفية لوالدي، ومن هنا بدأت ربط الأشياء بالأشخاص والذكريات”، ففي واحدة من اللوحات يظهر هاتف قديم بقرص دوار، تقدمه بعنوان “الحرارة جات”، وكذلك ماكينة الخياطة التي كانت جزء من كل بيت مصري.
وتوضح في حديث لـ”أيقونة”، أنها تقدم ذكرياته من جيل قديم، كلها أشياء بسيطة لكنها تحمل في الذاكرة معانٍ عميقة، كرسي قديم أو صور بالأبيض والأسود للأهل، مجلة ميكي القديمة، جميعها تبعث شعورا بالحنين لتفاصيل قديمة، وتضيف: “هي حنين لأشياء قديمة، تبدو عند رؤيتها وكأنها أشخاص، قد يكونوا أحياء أو رحلوا عن الحياة”.
وتضيف أنها للمرة الأولى تقدم تلك الفكرة بهذه الصورة، فدائما في معارضها السابقة تقدم مفاهيم لا تنفصل عن العائلة والأمل والجوانب الإيجابية في الحياة، فمعرضها السابق كان بعنوان “نور”، والسابق له كان عن “لمة العيلة”، وحاليا تقدم الماضي الذي بدأ يختفي شيئا فشيء ولا يعرفه الجيل الحالي، لذلك عملت على استرجاعه بطريقتها، لأنه يمثل لحظات يفتقدها الكثيرون.
الافتقاد للونس
وتقول إن الحياة الآن باتت سريعة والكل بات وكأنه يعيش منفردا، يمسك هاتفه وينعزل عمن حوله، هذا جعل الكثيرين يشعرون وكأنهم يفتقدون لأشياء مثل ونس العائلة ودفئها، مضيفة: “كثير من الأشخاص يشعرون وكأن هناك ما ينقصهم، لا يشترط أن يكون الماضي أفضل من الآن، لكن بالتأكيد كان به بعض الأشياء السعيدة والمرتبطة بذكريات إيجابية تمنح الشخص شعورا بالدفء”.
تحاول مونل جنحو دائما التركيز على الجوانب المضيئة في الحياة والإنسانيات والمشاعر الشخصية، وأن تكون أعمالها باعثة على التفاؤل والحياة والروح والحيوية، وهو ما يشبه طبعها، فتقول: “هذا يشبه طبعي، فأنا أشعر بالاطمئنان بوجود لون في أعمالي”، كذلك تفتقد شعور أن تعود لمة العائلة مرة أخرى وأن يترك كل شخص هاتفه قليلا.
تجربة جديدة
بدأت إعداد معرضها قبل نحو سنة تقريبا، وتقدم فيه نحو 32 عملا، وينطلق من الأحد 24 نوفمبر ويستمر لمدة 20 يوما تقريبا، وفيه تقدم تجربة جديدة بالرسم على بعض الزهريات، حيث تقدم 8 زهريات، فتقول إنها أرادت تجربة سطح مختلف، بخلاف اللوحة العادية “الكانفس”، فقبل عامين قدمت تجربة نحت، وفي المعرض الحالي قدمت تجربة الرسم على “الفازات” ورغم صعوبة الرسم على الفخار إلا أن التجربة في رأيها كانت ممتعة بالنسبة لها.
وتضيف أن التجربة وممارسة أشياء جديدة مفيدة لكل إنسان وليس للفنان فقط، فالأساس بالنسبة لها هو اللوحات لكن التجارب الجانبية أيضا مفيدة، فالفنان يمكنه تقديم فنه عبر أي وسيط حتى إن لم ينجح فيه فسيكون حينها خاض التجربة ولن يخسر شيئا.