أعمال كما يكنور
عالم حي من روح التراث المصري في الفن المعاصر، نسجه الفنان الراحل كمال يكنور، فتروي أعماله قصصًا خالدة عن الأصالة والجمال وجوهر الثقافة والهوية المصرية، ويحتفي به معرض استيعادي بعنوان “حواديت يكنور”، يستعرض عددا كبيرا من أعماله وسردياته التي تعبر عن جوهر الروح والأصالة والفولكلور المصري.
المعرض انطلق الثلاثاء الماضي ويستمر حتى ديسمبر المقبل في جاليري “آرت توك”، ويتزامن مع الذكرى الـ99 لميلاد الفنان الراحل، ويعد تكريمًا لتأثير كمال يكنور الدائم على عالم الفن ودوره، حيث تستمر أعماله النابضة بالحياة والمتجذرة ثقافيًا في إلهام الجماهير وإبهارهم، والاحتفال بالجمال والتقاليد الخالدة لمصر.كان يكنور رائدا من رواد الفن الحديث، استمد لغته التشكيلية من البيئة والتراث، فعبر عن مزاج الشعب المصرى وتفكيره وتقاليده وهمومه بصورة صادقة، فكانت أعماله صورة حية عن واقع الحياة في مصر بحواريها العريقة ومجتمعها الريفي، وساعدته نشأته في أحياء الجمالية والسيدة زينب وجاردن سيتي وشبرا، وامتلاكه استوديو خاص به بالغورية في حي الحسين التاريخي بالجمالية، في نسج لوحة متكاملة نابضة بالروح والصدق من مشاهد ربوع مصر.
كمال يكنور
ولد كمال يكنور في 30 نوفمبر 1925، حصل على دبلومة الرسم من معهد ليوناردو دافنشي عام 1952، وتخرج في الجامعة الأمريكية بالقاهرة، وامتدت مسيرته المهنية إلى العديد من المعارض الفردية في مصر وعلى المستوى الدولي، فعلى مدار حياته، أقام 18 معرضًا فرديًا، بما في ذلك عروض بارزة في معرض الفنون التابع لهيئة السكك الحديدية، وأتيليه القاهرة، ودار الأوبرا المصرية، وكذلك 5 معارض فى روما وباريس ولندن وطوكيو وبروكلين بالولايات المتحدة الأمريكية.
اشتهر يكنور بأسلوبه المميز، حيث يجمع بين عناصر الفولكلور والخطوط الواضحة والمحددة، ويخلق صورًا حية للدمى والخيول والتصميمات التقليدية. تتميز أعماله بعدم وجود عمق وهمي، وتركز بدلاً من ذلك على التمثيل المباشر لموضوعاته، ويتجلى افتتانه بالحياة اليومية وثقافة مجتمعه في العناصر التقليدية التي تتخلل أعماله الفنية، كما تنقل أعماله الفنية هويته المصرية واتصاله العميق بالتراث التقليدي وتتميز بتصوير بسيط ولكن نابض بالحياة للحياة الريفية، باستخدام الطلاء السميك والألوان الديناميكية لإضفاء الحيوية على مشاهده، حيث تتضمن تقنيته التلاعب بالألوان والملمس لخلق تأثيرات نحتية تتصارع داخل اللوحة الكانفاس.
العناصر الثقافية المصرية
وكان للرمزية البصرية وجودها في أعماله، فاستعان بالعناصر الثقافية المصرية، ودمجها بمعانٍ محددة، كالزخارف التقليدية مثل الدمى من العصر الفاطمي والرموز مثل الخيول والقطط وأشجار النخيل، والتي تمثل القوة والخرافات والتراث، وكذلك السمكة، التي ترمز للرخاء والوفرة، وعروس المولد بتوهج ألوانها المتعددة.
وكان للمرأة حضورا خاصا في أعماله، فصورهن بصور مختلفة في حالات من الفرح والسعادة ومشاهد من البساطة والتقائية، نساء من ربوع مصر، وخلقت فرشاته تأثيرًا ثلاثي الأبعاد على القماش، فظهرت في أعماله الفتاة الريفية التي ترقص مع أقرانها، وكذلك عروس النيل التى تضحى بنفسها فداءاً للنيل وقدسيته عند المصريين القدماء.
وتضمنت بعض الأعمال نصوصًا دينية وزخارف معمارية إسلامية والزخارف التراثية والخطوط والكتابات العربية مثل لفظ الجلالة وغيرها، باستخدام تدرجات لونية دقيقة وظلال نحاسية لاستحضار بُعد روحي، فيما تشير لوحات أخرى إلى السيرة الهلالية والأساطير الشعبية وعادات الزفاف الريفية التقليدية.
أفلام وثائقية
يزداد إرث “يكنور” ثراءً، إذ شارك في توثيق الفن والثقافة المصرية من خلال ثلاثة أفلام وثائقية: الفنان المصري المعاصر، والفنان والريف المصري، والفن وعلاقة البيئة والتراث.
وبالإضافة إلى إنجازاته الفنية، كان يكنور شخصية بارزة في الوسط الفني، حيث عمل مديرًا عامًا للشئون العامة بهيئة السكة الحديد وأمينًا عامًا لقسم التصوير بنقابة الفنانين المصريين، وامتدت مساهماته خارج مصر، كما توجد أعماله في مجموعات داخل مصر وحول العالم، بما في ذلك استاد القاهرة الدولي، ومتحف الفن المصري الحديث، والمقر الرئيسي لهيئة السكة الحديد، ومتحف السكة الحديد، والمتحف الزراعى المصرى والعديد من المجموعات الخاصة.