النتائج 1 إلى 5 من 5
الموضوع:

الخنيزية: الجوهرة السوداء

الزوار من محركات البحث: 4 المشاهدات : 104 الردود: 4
جميع روابطنا، مشاركاتنا، صورنا متاحة للزوار دون الحاجة إلى التسجيل ، الابلاغ عن انتهاك - Report a violation
  1. #1
    مراقبة
    نملة جيل الطيبين
    تاريخ التسجيل: September-2016
    الدولة: Qatif ، Al-Awamiya
    الجنس: أنثى
    المشاركات: 22,637 المواضيع: 8,090
    صوتيات: 139 سوالف عراقية: 0
    التقييم: 27439
    مزاجي: متفائلة
    المهنة: بيع كتب
    أكلتي المفضلة: بحاري دجاج ،، صالونة سمك
    موبايلي: Galaxy Note 20. 5G
    مقالات المدونة: 1

    105 الخنيزية: الجوهرة السوداء


    الخنيزية: الجوهرة السوداء – بقلم عبد الرسول الغريافي*
    إلى كل من لايعرف قيمة الخنيزية السمراء تمرتها والحمراء بسرتها أو يجهل مكانتها بين جميع الرطب والتمور وهي في أوج غدقها أو ينكر دورها الأقتصادي الفعال في تلك الأيام العصيبة مستهزئاً بقدرها ساخراً من مستواها بين التمور أو منتقصاً من شأنها وقد كانت في جميع مراحلها ذات نفع وعطاء عظيمين سواءً أكانت خَلالةً أو بسرةً أو رطبةً أو سلوقةً أو فراكةً أو في الأخير عندما تصبح تمرةً، فإليك بعض اسرار منزلتها والدور الذي لعبته في إنعاش دخل الفرد والمجتمع!
    فهي باختصار كانت في يوم من الأيام تتماشى جنباً إلى جنب مع اللآليء والجواهر المُستخرَجة من قيعان البحر لتشكل مصدر الرزق والدخل الإقتصادي والعصب التجاري الثاني حين تبحر إلى الهند وإيران وهي في معية اللؤلؤ وكذلك حين يتم تصديرها إلى بعض دول ومناطق الخليج العربي الغير منتجة للتمور براً وبحراً فلا غرو أنها بكل جدارة قد استحقت لقب الجوهرة السوداء.


    ونحن في نهاية موسم”وعچة الچناديد” أو “وعكة الكناديد” سألني أحدهم وهو من أحد المناطق الزراعية الأخرى عن الرطب والتمور التي كانت الأجدى نفعاً والأكثر دخلاً كعائد إقتصادي رئيسي للمنطقة عندما كان يُعوَّلُ على انتاج النخيل من الرطب والتمور كدخل رئيسي لأغلب سكان المنطقة؟!
    أجبته على الفور: “إنها بلا ريب ولا شك الخنيزية!” فتبسم ضاحكاً ورد عليَّ بسخرية قائلاً: “تقصد الأكثر نفعاً للدبش؟” (أي البهائم).
    فأجبته: إن لم تكن هذه الجوهرة السوداء -أعني بها البسرة والتمرة الخنيزية- فأيهم كان يقوم مقامها؟
    أنا لا اقصد التقليل من شأن بعض الأصناف الأخرى من الرطب والتمور وإنما لم يكن هناك من يقوم مقام هذا النوع من الرطب والتمور من الأنواع التي ذكرتها لي لتصل تغطيته الإقتصادية والنفعية إلى مقام الخنيزية التي هي في متناول الجميع والتي تجسد فيها القول بأنها طعام للفقير وحلوى الغني وكما وصف الشاعر أحمد شوقي التمور بشكل عام في قوله:

    طعام الفقير وحلوى الغني
    وزاد المسافر والمغترب
    فهو وإن كان يشير في وصفه لجميع أنواع التمور إلا أن هذا المعنى ينطبق على الخنيزية في بلادنا بشكل أخص، فهي الأكثر غزارة في الإنتاج والأكثر تحملاً لحرارة طقس الموسم والأكثر رواجاً والأسهل في حملها ونقلها والأكثر طلباً محلياً وخارجياً وبالتالي فهي الأكثر جلباً للأموال! لذا فالكل يستبشر بقدوم موسمها لدرجة أنهم يستقبلونها بكل حفاوة وترحيب فرحين بذلك القدوم وهم يتغنون بفلكلورات شعبية على لسان كل قطيفي وقطيفية ولطالما تردد في هتافاتهم بكل فرحة وسرور:
    أني السوده أني السوده
    ولي في كل فدى لوده
    و أوفي كل لديونِ
    والفدى هنا هو الساحة التي تفرش فيها التمور لتعريضها لأشعة الشمس، واللوده هي كثرة التواجد فبتوفرها تسدد ديون الجميع من فلاح وعامل وبائع للتمور وكل تاجر وكل مُصَدِّر لها للخارج وحتى من يستوردها في تلك المناطق المستهلِكه
    .

    إن هذا الفلكلور الشعبي قد وصف التمرة الخنيزية بلسان حالها الواقعي وهي تصف نفسها مفتخرة بما تقدمه للمجتمع المحيط بها وخصوصا بما تغدق به على الفلاح لتبرهن بكل إخلاص أنها الغلة الأقتصادية القطيفيه الوفيَّة لهذا الفلاّح وجميع من كان يعمل في تجارتها فهي مصدر الرزق الذي طالما كفل لهم لقمة العيش وكانت تُوَفِّي ماعليهم من ديون أنفقوها في موسم العناية بالنخلة من ترويس وتنبيت وتجليس ولفاف وفكاك وتحدير ودفع أجور العمّال وغيرها، بالإضافة إلى تقديم هذه التمور كصُبْرة لمالك البستان أي مايقابل ثمن الأجور ، فالرطب في جميع مراحل إنتاجه يغطي له بالمردود الإقتصادي سواء حين يكون بسراً أو سلوقاً أو رطباً أو عند صرامه اي عند قَْطعِه للتصدير وأخيرا حين يصل هذا الرطب لمرحلته الأخيرة وهي مرحلة التمور في أوج موسم (لودتة) أي تواجده في كل فدى (ساحة لنشره) استعدادا لكنازه (تعبئته) في القلال.
    والصرام كلمة عربية الأصل وفعلها الثلاثي “صرم” وهناك الفعل الذاتي “انصرم” كما ورد ذكرها في القواميس والمعاجم العربيه.
    أما كلمة صرم فقد جاءت في معجم اللغة المعاصر: صرم الشئ جزه وقطعه والآية: (اذ أقسموا ليصرمنها مصبحين) اي يقطعون ثمارها، وفي المعجم الغني: صرم النخل أي جزه (قطع ثماره)، وفي الرائد: صرم: قطع وكذا الوسيط ومختار الصحاح: صرم النخل أي جده واصرم النخل وحان له أن يصرم أي يقطع ثمره، وفي معجم الفقهاء صرم الثمر قطعها، وأما لسان العرب فمن معاني صرم اي قطع العذوق عن النخل والصرام جداد النخل ويصرم النخل حين يقطع ثمره، وجاء في المحيط في اللغة: الصرم القطع البائن للحبل والعذق ويقال وقت صرم العذق وتمر صرام اي تمر العام. أما حين نقول “انصرم” فمعناها -كما جاء في معجم اللغة المعاصر- يكون ذهب ومضى وانقضى وكذلك انقطع، وانصرمت السنة -كما في معجم الغني- أي انقضت ومرت وهكذا انصرم فصل الصيف، ويبين الرائد أن انصرم الربان: أي مضى، وفي الوسيط عندما ينصرم الليل اي ذهب والشتاء انقضى.
    إن كلاً من هذين المعنيين لهما اهميتهما في الإستعمال المحلي الخاص بموسم صرام النخلة المتعارف عليه في القطيف وفي بعض مناطق الخليج المنتجة للتمور كالبحرين والأحساء والبصرة؛ فمن ناحية ان هذا المصطلح يستخدم بمعني قطع الرطب من النخلة في موسمه ومن ناحية أخرى فإنه يطلق على انصرام أيام الموسم وانقضائه ففي أوجه وفي نهايته يقطع الرطب لسلقه وايضا بعد ذلك لتحويله إلى تمور.


    لقد كان لموسم صرام الرطب الخنيزي شأن كبير في الخليج العربي الذي كان ينتظره كلٌ من المنتج والمستهلك والمستورد على حد سواء و بفارغ الصبر وذلك لما له من قيمة اقتصادية للمُوَرِّد وقيمة غذائية للمستورد والمستهلك، فيستبشر الجميع بقدومه ويحتفل الكثير بترديد الأهازيج الشعبية والرقصات الفلكلوريو القديمة. وبغض النظر عن إن كانت جودة الخنيزي تقل عن بعض البسر أو التمور الأخرى إلا أن له اهميتة البارز وذلك لعدة أسباب منها قدرة تحمله بعد صرامه وبقائه طازجاً لمدة تسمح بتصديره ونقله إلى مناطق خليجية أخرى مجاورة دون التأثر بعوامل الجو الرَطِب وكذلك لتحمله شدة الحرارة والجفاف بالإضافة الى غزارة انتاجه آنذاك في المناطق الأربع الآنفة الذكر كما ويمكن الإحتفاظ به على مدى أكثر من عام عن طريق سلقه وتجفيفه وتصديره الى بلدان مختلفة كالهند وافريقيا وايران وأن أغلب دول الخليج تفضله بعذوقه كالكويت وقطر والامارات.
    يبدأ موسم صرام الخنيزية من بداية إنتاجه حتى نهايتها من منتصف برج السرطان أي نهاية يونيو حتى برج الأسد في نهايات اغسطس حيث يمر انتاجه وخاصة في القطيف في أربع مراحل وبالنسبة للأحساء والبحرين فإنها تتراوح بين الثلاث والأربع وذلك لظروف المواقع حيث أن القطيف تشترك مع الاحساء في الطرق البريه لتصديره بسرا لدول الخليج بينما الاحساء ينقصها الخط البحري المباشر لتصديره كسلوق إلى الهند وإن كانت قريبة من ميناء العقير الا أن سفن العقير لا تتجه لتلك المناطق لهذا الغرض ، كما أن اهتمام فلاحي الاحساء بالنخلة الخنيزية ضعيف وليس لديهم هذا التوجه في تصدير السلوق بحرا أضف إلى ذلك أن أهالي الأحساء لايميلون إلى سلق الرطب الخنيزي مطلقاً فهم يعتمدون على سلق أنواع أخرى من البسر للإستهلاك المحلي فإنتاجه عندهم مقتصر على تصديره لدول الخليج المجاوره وبكميات كبيره وأما تموره فلايهتمون بها كثيراً فمعضمها يستهلك عندهم كأعلاف للحيوانات حيث أن اهتمامهم يتجه للأصناف الأخرى رغم أنه يفرز كميات كبيرة من الدبس وبجودة عالية.
    ونجد أن القطيف تشترك مع البحرين في الخط البحري لتصدير الرطب الخنيزي كسلوق إلى دولة الهند وإيران ومعه اللؤلؤ، بينما ينقص البحرين آنذاك الطريق البري لتصديره إلى دول الخليج وإن كانت تصدره احيانا بالسفن ولكن تكلفته أكثر ومشقة نقله أكبر ومدته أطول. فالقطيف تشترك مع الأحساء في تصدير البسر الخنيزي بعذوقه إلى كل من الكويت وقطر والإمارات عن طريق البر، بينما تشترك مع البحرين في تصديره في موسمي تصدير السلوق وتصدير قلال التمر عن طريق البحر.


    رغم اعتبار الكثير أن الرطب الخنيزي ليس من النوع الفاخر، إلا أنه غلة اقتصادية يُعتمد عليها في دخل الكثير من أهالي هذه المناطق ويرفع من مستواها الإقتصادي وذلك بسبب تصديره لبلدان متعددة وبحالات مختلفة كالبسر أو السلوق او التمور.
    هناك عدة أسباب تجعل اعتماد الرطب الخنيزي كغلة اقتصادية ومن أهم تلك الأسباب:
    1. انتشار نخلة الخنيزي بكثرة على أراضي هذه المناطق وسرعة تكاثرها وسهولة التعامل معها.

    2. تقبل أرض المنطقة لنموه مع غزارة انتاجه وكثرة عذوقه في النخلة الواحدة مع الحجم المناسب للبسرة وقوتها.
    3. مقاومة البسر الخنيزي بعد قطعه من النخلة لمدة طويله محتفظا بنضارته بالإضافة إلى تحمله درجة الحرارة والرطوبة لذا فهو يتحمل النقل والسفر ورصّ عذوقه على ظهور السفن بحراً وفي حاويات الشاحنات براً إذ أنه بالإمكان أن يبقى لمدة أكثر من إسبوع مع تعرضه للشمس والرطوبه وذلك حين نقله لبعض دول الخليج (كما شاهدناه عياناً) .
    4. إمكانية أكله في جميع مراحله المختلفة كبسر وكرطب وتمر وسلوق وكذلك مايسمى بالفراك (فرك الرطب بالرماد وتعريضه للشمس).
    5. البسرة الخنيزية هي أجود أنواع البسر التي يمكن تحويلها الى السلوق على الاطلاق.
    6. غزارة كمية الدبس التي يفرزها مع جودته.
    7. طول مدة موسمه فقد تمتد الى سبتمر.
    8. ونظرا لوفرة عرضه الفائض عن الحاجة في الأسواق المحلية، فإن كثرة هذا العرض تقلل من الطلب عليه محليا وبالتالي تنخفض أسعاره فيتجه عندها الفلاحون بشكل تلقائي إلى تصديره لدول الخليج والهند وإيران وأيضا إلى افريقيا أحيانا على هيئات مختلفة؛ إما على هيئة بسر أو سلوق أو قلال تمور.


    إن تنوع تسويق الرطب الخنيزي على المستويين الداخلي والخارجي خلق ظروفا موسميه ممتدة على مدى موسم تواجد بسرته ورطبه الذي يبدأ في نهاية برج السرطان إلى دخول برج الأسد بين يوليو واغسطس والتي يعقبها مايعرف بوعكة الكناديد “وعچة الچناديد”، ففي هذه الفترة يتأهب كل من الفلاح وتاجر الرطب الخنيزي بجميع استعداداتهما البدنية والمادية والمعنوية لإستغلال هذا الموسم في الإتجار به وإلا فقد انطبقت عليهما المقولة الشهيرة: “طاح الجاعد وأنا القاعد” فيفوته الموسم دون الإتجار فيه.

    لذا فهو كما سبق القول يتم تسويقه بالطرق الأربع -الآنفة الذكر- وسأتناولها بالتفصيل لغرض التوضيح لمن لم يشهد تلك الأيام أو من لم يسمع عنها، وهذه الطرق تمر بعدة مراحل هي:
    المرحلة الأولى: الخَرَافْ: (بفتح أوله وثانيه) والذي يتم في بداية الموسم ويعرف بالبكرية والبشارة وهو قطف الرطب (المنصف) ومعه بعض البسر من العذق واحدة تلو الأخرى وهذا في أول أوانه دون مس العذق أو قطعه وهذا الجني من الرطب يخصص للإستهلاك المحلي وبيعه بكميات مناسبة تغطي الأسواق المحلية حيث يباع البسر والرطب المنصف منه في السلال التقليدية الجميلة الملونة وكذلك في المكاييل او الصناديق الخشبية الصغيرة والمعروفة بالشرايح التي جاءت فيما بعد. وهذه الطريقة يستمر اتباعها من بداية موسم الخنيزية وغيرها من الرطب وحتى مرحلته الأخيره حين يبدأ يُتَمَّر. ولاتزال هذه المرحلة الإستهلاكية المحلية متبعة حتى أيامنا هذه.


    المرحلة الثانية: صرام العذوق للتصدير: فسرعان ما يبلغ الخنيزي ذروته في النضوج ويكون في أوج عطائه وتفيض كمياته عن حاجة الأسوق المحلية عندها يبدأ الفلاحون بصرام العذوق -أي قطعها من النخلة- وبكميات تجارية كبيرة جدا ومن ثم يتم بيعها على تجّار الصرام الذين يقومون بدورهم لتصديرها إلى دول الخليج كالكويت وقطر والإمارات.
    في هذا الموسم يحتاج أصحاب النخيل أو القائمون عليها لعمال مهرة كثيرين يجيدون ركوب النخلة بآلة الكر وبسرعة فائقة من أجل كسب الوقت ولذيهم القدرة على قطع وتنزيل أكبر كم من العذوق حيث يتم تنزيله بحبل متين يعرف بالبيطه أو الحومال إذ تربط في إحدى نهايتيه أحد طرفي الشاعوبه وهي التقاء فرعين سميكين يقطعان من شجرة يكون شكلها على هيئة V يصل معدل طول أحد الضلعين إلى 70سم تقريبا أو أقل وأما الضلع الثاني الذي يربط الحبل في طرفه فيكون أطول لتحمل فوقه أكبر مجموعة من العذوق من نخلة واحدة بعد قطعها بالمنجل عن طريق تشبيك العذوق بين زاوية الشاعوبة وذلك لإنزالها إلى الأرض وهي في حالة سليمة.
    أما عندما تمر أيام موسم البسر وتبدأ البسرة بالترطيب أي تصبح رطباً منصفاً بين البسر والتمر فهنا يعتمد قطفه على طريقتين: فإن كان جَنْياً أو كما يعرف محلياً بالخَرَاف أي قطفه يومياً وبكميات بسيطة للتسويق المحلي أو الاستهلاك العائلي فإن الفلاح يتسلق النخلة بالكر ويقطف الرطب بيده واحدة تلو الأخرى ليجمعها في سلة يجعلها بين صدره وبين النخلة فوق طرفي الكر وتعرف هذه السلة بالچيسة أو المَخْرَفة، وأما إن كانت الكميات المقطوفة من النخلة كبيرة أي أنه يقطع بعذوقه ومن جميع النخيل -وهذا يتم عند موسم الصرام والسقاط- ففي هذه الحالة عند قطع العذوق لاتستعمل الشاعوبة كما هو الحال عندما يكون بسراً في أول موسمه لأن التمور تتساقط من عذوقها مع الاهتزاز وانما توضع العذوق في زنبيل كبير طويل له عروتين يعرف بالمرحلة ليحفظ التمور في داخلها لتجنب تساقط التمور وبنفس الطريقة تربط المرحلة من عروتيها في البيطة أو الحومال لتنزيلها من النخلة.
    بالنسبة لعذوق البسر التي تقطع في بداية الموسم وتنزل بواسطة الشاعوبة (كما سبق القول عنها) فعندما تصل العذوق إلى الأرض يستقبلها صاحب الحمار (والذي يعرف بالحَمَّار: بفتح الحاء وتشديد الميم مع فتحها) فيفصلها من الشاعوبة ثم ينقلها إلى حماره فيوزعها بين مرحلتين مثبتتين على ظهر حماره كل مرحلة منهما على جانب من احد خصري حماره إذ يقوم بدوره لنقلهما إلى الشاحنة التي تقف عند مدخل بستان النخل مباشرة حيث يستقبله فوق تلك الشاحنة عمال مهرة يعرفون بالصفّافه (مفرد صفّاف) وذلك لصف تلك العذوق في صندوق الشاحنة بطريقة مرتبة ويعرف كل صف بالرصَّه وأحياناً يعرف بالعِرق.
    بعد تعبئة صندوق أو حاوية الشاحنة فإنها تغادر متجهة من القطيف أو الاحساء الى إحدى دول الخليج وقد كانت الرحلة تستغرق آنذاك من 18 ساعة إلى يوم ونصف وذلك لوعورة الطريق الغير معبد، وتباع العذوق هناك بالوزن مستخدمة وحدة وزن المَنّ القطيفي (16 كيلو) عند كل من البياعين القطيفيين والاحسائيين وقد استمرت طريقة البيع باستخدام هذا الوزن حتى بداية ثمانينات قرن العشرين الماضي (راجع مقال: المن القطيفي الأشهر خليجيا- للكاتب نفسه).
    هذه المرحلة تبدأ في نهاية يوليو موزعة بين برجي السرطان في نهايته وبين برج الأسد وتستمر حتى اغسطس قبيل دخول (وعكة الكناديد/وعچة الچناديد) حيث يستعد الفلاحون لكناز التمر في القلال (وهي المرحلة الرابعة).
    لقد استمر هذا الإغداق بتصديره إلى دول الخليج حتى نهاية السبعينات أو بداية الثمانينات من القرن العشرين الماضي وكان من أشهر تجاره في القطيف منصور الخنيزي وعلي وابراهيم الغريافي ومحمد صالح آل ابراهيم وآل خميس من الجش وآل ابو شاهين من القديح وبعض من عائلة الجشي اللذين لم يستمروا فيها كثيراً وهناك الكثير غيرهم ما لا يسع ذكرهم. ولإستقبال هذا النوع من البضاعة في دول الخليج كانت هناك مراسيم فلكلورية أهازيجية استبشارية جميلة جداً يستقبلون بها قدوم تلك الشاحنات التي تحمل البسر الخنيزي وقد استمرت عادة الإستقبال هذه حتى نهاية الستينات وذلك لما للرطب من قيمة عند أهل الخليج فكانت تسمع الأهازيج والفلكلورات عند قدوم هذه الشاحنات ويتغنى بها بكل بهجة بكناسبة قدومها، بل وكانت حكومات دول الخليج تشارك في هذه البهجة والإهتمام والتشجيع إذ كان يتقدم الزبائن في بداية الموسم ممثلون للشراء يختارون الأصناف الفاخرة لرجال الدولة.


    وكانت تخصص لها ساحات تستقبل فيها تلك الشاحنات التي تحمل عذوق البسر الخنيزي وبعضها أسواق على شكل “كبرات/ چبرات” بالقرب من البحر وأسواق الخضار، وفيها تصطف تلك الشاحنات -كما في الكويت- دون تفريغ حمولاتها وبعضها أسواق في ساحات مخصصة تسمى سوق القطافة والحساوية كما كان الحال في قطر وجميع أهالي قطر كانوا يعرفون هذا الإسم ويعرفون موقعها الكائن جنوب سوق الخضار آنذاك وقد استمرت في نفس موقعها بهذا الإسم حتى نهاية سبعينات قرن العشرين الماضى (على الأقل عام ١٩٧٧م).
    ولعل البحرين أقل نصيباً هنا في تصدير البسر والرطب الخنيزي إلى دول الخليج بهذه الطريقة لكونها جزيرة فصلتها مياه الخليج من كل ناحية عن اليابسة المجاورة لها والمتمثلة في بقية دول الخليج، وقد استمر هذا الفصل حتى تم مد جسر الملك فهد بين السعودية والبحرين والذي تم افتتاحه رسمياً في 25 نوفمبر 1986 وهي الفترة التي انتهت فيها تجارة البسر والرطب والتمور بطريقتها التقليدية بين دول الخليج لذلك لم يكن لجسر الملك فهد نصيباً بأن تسير عليه شاحنات البسر أو التمور من البحرين (أسوة بالقطيف والأحساء) للمشاركة في التصدير والتوزيع في بقية دول الخليج الغير منتجة للرطب.
    لقد ضعف تصدير السلوق والتمور ومعه البسر أحياناً من البحرين تدريجياً حتى توقف تماما إذ كان في بداية القرن العشرين وما قبله يتحتم على فلاحي وتجار البحرين نقل شحنات الرطب بواسطة السفن ولكن مع وجود الشاحنات عبر الطرق البريه من القطيف والأحساء فقد جعل التصدير أسرع من طريق البحر وأسهل ولعله أقل تكلفة وأقل مجازفة ما جعل إنتاج القطيف والأحساء يغطي ما افتُقِد من نصيب البحرين في التصديرات المقتصر نقله بالسفن بحراً فقط، بالإضافة إلى غزارة إنتاج كل من القطيف والأحساء الذي يفي بالغرض.
    المرحلة الثالثة: هي السلوق والمعروف موسمها بموسم السلاق: فعندما تبلغ غزارة إنتاج البسر الخنيزي أوجها فإنه يفيض عن الحاجة في كل من الأسواق المحلية والخليجية ويقل الطلب والإقبال عليه عندها يتجه الفلاحون والمتخصصون في هذا الشأن إلى سلقه في الماء بكميات كبيرة في قدور ضخمة تُثَبتُ على تنانير بُنِيَت من الأحجار البحرية والطين المخلوط بالرماد (الطفو) وفي ساحات واسعة تعرف بالمَسْلَق تسع لصفوف كبيرة من القدور المركبة على تلك التنانير، كما وتسع تلك الساحات لفرش السميم والحصران استعداد لنشر ذلك السلوق فوقها بعد سلقه وإخراجه من القدور.


    بعد قطع عذوق (عراجين) البسر الخنيزي ينزل إلى الأرض من فوق النخلة بنفس الطريقة الآنفة الذكر (بالشاعوبة والحومال) ثم ينقل إلى مجموعة من العمال تقوم بخرط البسر من عذوقه بآلة صنعت من جريد النخيل تعرف بمكينة السلوق أو مكينة خرط السلوق وهي جدينة صنعت من جريد النخل تثبت في الأرض بارتفاع 60 سم تقريبا وبنفس العرض أو يزيد قليلا فتكون كأسنان المشط حيث يدخل العامل شماريخ العذق بين الجريد ويسحبها بشدة فينخرط الرطب على السميم او الحصير في أقل من نصف دقيقة وتجمع في زنابيل كبيرة لتنقل وتفرغ بعدها في تلك القدور التي يغلي الماء في بطونها وبعد أكثر من ساعة من سلقه يخرج هذا البسر الخنيزي من القدور وقد أصبح سلوقا وله مذاق مختلف ولون متغير عن الرطب وأكثر ليونة وبطعم أكثر تركيزاً في الحلاوة ويمكن أكله طازجا،،،
    إلا أن هذه الكميات الكبيرة لا تستهلك في وقتها ولا يمكن استهلاكها محليا أيضاً لذا فهي تنشر فوق السميم والحصران لعدة أيام حتى تجففها أشعة الشمس وتقسيها حرارتها ومن ثم تعبأ في أكياس الخيش بوزن أربعة أمنان قطيفي (64 كيلو) في كل كيس خيش وتخاط فوهاتها فيخزن منها القليل للإستهلاك والإتجار المحليين خلال فترة الشتاء وعلى مدار بقية العام المقبل فهو يسهم في التجارة المحلية، وأما غالبيته فيصدره التُجّار عبر جمرك القطيف بكميات تجارية إلى الهند مع اللؤلؤ والجلود المدبوغة والدبس، وقد بلغ معدل عدد الأكياس المصدرة إلى الهند سنوياً مئة وخمسون ألف ١٥٠٠٠٠ كيس بواقع ٤ أمنان قطيفي في كل كيس وهذا يعني أنه يتم تصدير ستمائة ألف ٦٠٠٠٠٠ منّْ والتي تعادل تسعة ملايين وستمائة ألف ٩٦٠٠٠٠٠ كيلو أي تسعة آلاف وستمائة ٩٦٠٠ طن سنوياً وكانت موانيء كراتشي هي التي تستقبل هذه البضاعة القطيفية في تلك الآونة كما تشير بعض الوثائق منذ أكثر من قرن من الزمن والتي كانت تنطلق من جمرك القطيف بسفنها التقليدية المعروفة باللنجات الكبيرة بأنواعها، بل وقد كانت هناك سفن هندية تأتي من الهند لترسو في ميناء جمرك القطيف وهي لنجات من طراز “السنبوك” لتجَّار السلوق الهنود كعائلة مكلاي وديبشن ليشتروا السلوق من القطيف ويبحرون به في سفنهم إلى الهند.

    لقد كانت هناك طريقتان لتجَّار السلوق خلال القرن العشرين، فالطريقة الأولى هي التجارة المباشرة حيث يَقدم التجار على شرائه من الفلاحين أو ممن يشتريه من عندهم ويقوم بسلقه وتجفيفه وتعبئته فيقوم هؤلاء التجٍَار بتصديره إلى الهند، وكان من هؤلاء التجار (مثلاً لا حصراً) مكي بن عباس وبعض من أبناء عمه وحسن بن الشيخ علي الخنيزي وعبد الجليل الزهيري ومنصور بن علوان وأحمد بن عبدالعزيز البيات وعلي بن تقي بن الشيخ حسين وعبدالعزيز المعجل من أهالي الدمام وغيرهم.
    وأما الطريقة الثانية في تصديره فهي الغير مباشرة إذ يشتريه بعض التجار ويبيعونه على تجَّار آخرين في البحرين وهم وكلاء يقومون بشراء كميات كبيرة من أهالي القطيف أمثال عبدالعزيز البسام.
    لقد كانت للسلوق مكانة مرموقة في تراث الشعب الهندي التقليدي إذ كان يُقدَمُ للضيوف مثلما تُقَدم المكسرات في هذه الأيام، كما كانوا يستخدمونه كنثار للعريسين ويُستهلك في المناسبات مخلوطاً ضمن “المكسرات”. ولا تقل أهمية السلوق من حيث تناوله كتسالي عند الشعب الإيراني وكذلك كان عليه الطلب في بعض دول أفريقيا كما وتستورده بعض دول الخليج وبعضه يباع في الأسواق المحلية كما ويستهلك كزاد للمسافرين ومعه الربيان القطيفي المجفف.
    لقد استمر تصدير السلوق إلى الهند حتى منتصف الستينات من قرن العشرين الماضي عندما بدأ يقل الطلب عليه بسبب الأزمات الأقتصادية في الهند في تلك الحقبة، وفي بداية عهد رئيسة وزراء الهند أنديرا غاندي عام (1966) منعت استيراد جميع البضائع الكمالية بما فيها السلوق، ولا سيما أن الهند أصبحت في بعض مناطقها قادرة على انتاج بعض أنواع الرطب الذي يمكن سلقه وإن كان أقل جودة بكثير من السلوق الخليجي.

    لقد اقتصر انتاج السلوق في القطيف بعد ذلك على الإستهلاك المحلي واستهلاكه أثناء السفر وتصدير بعضه لدول الخليج إذ لم يعد السلوق بعدها سلعة اقتصادية.
    وبالنسبة للسلوق المجفف وخصوصاً بعد كساد (انكسار) هذه التجارة فإنه لم يعد بعدها الكثير من الفلاحين يهتمون بتجفيفه إلا القلة ممن يهتمون بتخزينه للإستهلاك العائلي وتقديمه للضيوف وتوزيعه أحياناً كهدايا للجيران والأقارب ومن يعز على هؤلاء الفلاحين، ولكن لله الحمد والمنَّة أنه لاتزال الكثير من العوائل القطيفية حتى أيامنا هذه تحتفظ بهذا الموروث الشعبي حيث أن تلك العوائل ينتظرون موسم الخنيزية وبكل شغف لأن يحصلوا على الرطب الخنيزي (البسر منه) فيسلقونه ويأكلون منه وربما خزّنوا البعض منه في الثلاجات او جمدوه في المجمدات (الفريزرات) عوضاً عن التجفيف لاستهلاكه أيام الشتاء وتقديمه للضيوف كما وتتهاداه العوائل فيما بينها.
    أما بالنسبة لتجفيفه فالقلة من الأهالي والفلاحين (النخالوة) ممن يهتمون بذلك الآن ونخص بالذكر هنا فلاحي بعض القرى اللذين لازالوا محافظين على موروثهم الشعبي كفلاحي التوبي والخويلدية والأوجام والقديح والكثير من أهالي هذه القرى.
    ومن المعروف أن الرطب الهلالي ذو اللون الأصفر بالعروق البنية الظاهرة على قشرته على شكل تشققات يحمل الميزات التي تؤهله للسلق بل وأنه بالفعل ألذ وأكبر وأكثر تفضيلاً عند الكثير من الخنيزي ولكنه يسلق في المنازل وعند بعض الفلاحين المنتجين له ولا يسلق كغلة اقتصادية رغم لذة طعمه والسبب في ذلك الإمتناع عن تصديره كغلة اقتصادية يرجع إلى أمرين:
    اولهما: أنه في حال تجفيفه لا يكون له طعم كما لو جفف الخنيزي بالإضافة إلى أنه سريع الفساد، ولعل تأخر موسم نصوجه هي أحد الأسباب أيضا.
    ثانياً: انتاج الرطب الهلالي في القطيف ليس على مستوى الإنتاج التجاري فعدد نخيله قليلة وبالكاد يكفي للإتجار برطبه في الأسواق المحلية في القطيف وأيضاً للإستهلاك المحلي، ويرجع سبب ذلك لصعوبة تكاثره، ومع انه في سبعينات قرن العشرين الماضي قد عمد فلاحو منطقة القصيم إلى فكرة استيراد النخلة الهلالية من القطيف وتبنيها لزراعتها في القصيم لشدة اعجابهم بها وقد نجحوا بالفعل في طريقة تكاثرها عن طريق النسيج واستطاعوا تصديرها إلى عدة مناطق بما فيها القطيف نفسها إلا أنها لم تأتي بنفس الجودة فحجم رطبها أصغر وطعمه أقل حلاوة وأقل نكهة بالإضافة إلى إختفاء التعرقات البنية أو التشققات التي تظهر على قشرتها والتي تكسبها طراوة وطعماً حتى أصبح عندنا في القطيف اليوم نوعان من الرطب الهلالي: أولهما الكبيرة الحجم ذات التعرقات البنية والنكهة الأصلية، وأما النوع الثاني فهو بالحجم الصغير الأملس والأقل نكهة في الطعم وهو المستوردة نخلته والغير الأصلية.
    وجدير بالذكر أيضاً أن البحرين والقطيف تمثلان قطب تصدير السلوق للهند ومعه اللؤلؤ والجلود المدبوغة وكذلك الدبس، فهما واجهتان بحريتان منتجتان للسلوق.
    كان للسلوق المجفف في بعض المناطق استعمالات أخرى فهو يطحن أو يدق في الهاون بعد تجفيفه لاستخراج مادة سكرية منه تضاف لبعض الأطعمة والمشروبات.
    المرحلة الرابعة: في استغلال واستثمار النخلة الخنيزية هي مرحلة چناز التمور (كناز التمور):
    وهي المرحلة الأخيره؛ ففي نهاية موسمي الصرامين: صرام البسر المخصص للسلوق المعد للتصدير إلى الهند وغيرها وكذلك صرام البسر المخصص لبيعه وهو في عذوقه في دول الخليج فإن الرطب في نهاية موسمه يأخذ في التحول إلى التمر “يُتَمِّر” عندها يبدأ موسم چناز التمر حيث يتحول جميع ماتبقى من الرطب الخنيزي في عذوق النخل إلى تمور في نهاية اغسطس، عندها يقطع ماتبقى في النخلة من عذوق كما ويجمع كل ما تساقط حول النخلة من تمور وتعرف هذه العملية بالسقاط (كإسم فعل) كما وتسمى هذه التمور المتساقطة حول النخلة أيضا بالسقاط حيث تجلب جميعها الى ساحات مفتوحة تصلها الشمس بشكل مباشر وتفرش هذه الساحات بما يسمى بالسميم أو الحصر وتعرف كل ساحة من هذه الساحات بالفدى/ الفدا وفيها تخرط التمور من العذوق بهزها (بنفضها) أو بضربها ببعضها أو على الأرض فتتساقط لأنها ناضجة ثم تنظف من الشوائب وتنقى من الحشف ويستبعد التالف منها، فتُعَرَّض بعدها لأشعة الشمس لعدة أيام،


    وبعد فرشها فوق السميم يتم تقليبها ليلا باستمرار ليتم التعريض كاملا، بعدها تكبس (تچنز ) وبضغط عال في داخل القلال وهي حاويات مسفوفة من خوص النخيل تشبه الزنابيل ولكنها ذات طول كبير يصل إلى 80 سم تقريبا ليتسنى إغلاقها بإحكام وتعرف هذه الحاويات قبل نعبئتها بالظروف وبعد التعبئة تعرف بالقلال كما هي معروفة عند أهالي القطيف والبحرين أما أهالي الأحساء فتعرف عندهم بشكل عام بالمحاصن ونادراً مايطلق عليها عندهم قَلَّة.

    وتعبأهذه القَلَّة بمواصفات متعارف عليها إذ أن وزن القَلَّة الموحد يساوي مَنَّيْن (٢ من) قطيفي أي (٣٢ كيلو). وأحيانا تجهز ظروف (زنابيل) خاصة وهي أطول من القلة المعتادة بالإضافة إلى أن قاعدتها مصممة بشكل بيضاوي وليست اسطوانية الشكل كما هو الحال بالنسبة إلى القَلَّة وتأخذ شكلا مستطيلاً (متوازي مستطيلات) ويعرف هذا النوع من القلال بالجالوق وطريقة سفه تأخذ شكلاً على هيئة أكياس الإسمنت حيث يقام بسف خوصه كقطعة واحدة وليس كما هو المعتاد حين يسف شريط يعرف بالسفة ومن ثم يخاط ببعضه ليأخذ شكلاً اسطوانياً كالعادة، وهذا الجالوق يعد من أجل اختيار نخبة أولى من التمور النظيفة والقوية والخاصة والمعتنى بها بشكل خاص، وعادة ما يعد هذا الجالوق خصيصا لتقديمه كهدايا للأعزاء والأعيان والوجهاء.
    هناك طريقة أخرى خاصة لتحضير التمور تسمى السفسيف تحضر بكميات قليلة خاصة للعوائل وهذه الطريقة لا تنجز بواسطة الكناز (الچناز) كماهو المعتاد ولاترص داخل القلال أو غيرها إنما هي طريقة مختلفة يتم فيها أختيار أفضل أنواع التمو وينقى أكبرها حجماً وبالأخص الحَلَّاوْ (الأبيض منه والأحمر) ويضاف إليه الدبس ثم تحشى التمرات بعد نزع النواة واستبدالها بصلم عنقيشة اللوز الشبيهة بالصنوبر كما وينثر فوقها المزيد من ذلك الصلوم وكذلك صلوم البيدان (اللوز) أحياناً بالإضافة إلى نثر الحُلوه (الشمر/الشمار) والنعناع والفوطن والسمسم فوقها ثم يوضع ذلك التمر في جرة فخارية مع الدبس فتنتفخ حباته بعد عدة أيام ويتصف بطعم متميز ويقتصر استهلاكه لتقديمه إلى الضيوف وأفراد العائلة.


    إن التمرة الخنيزية لها الكثير من عشاق أكلها وجمهور متذوقيها فهم الذين يعرفون طرق العناية بها وكيفية تخزينها تماماً على عكس بعض مستهلكي التمور اللذين لايميلون إلى تذوقها أو استطعامها وخصوصاً البعيدين منهم عن بيئتها الزراعية أوغير المتعاملين معها وذلك بسبب عدم إلمامهم بطريقة تحضيرها وعدم المقدرة على الإختيار الصحيح للتمرة الممتازة، وكذلك بسبب إهمال البعض من الفلاحين لها بسبب وفرتها وكثرة انتاجها وبالتالي رخص ثمنها حسب العرض والطلب وخصوصاً في آخر موسمها فيستغلون ما فسد وضعف وتحشف منها لتغذية مواشيهم فالبعض منهم لايعطونها العناية الكافية من نظافة ولايقومون باستبعاد ما فسد منها وتنقيتها وتصنيفها ولا اختيار التمرة ذات الجودة العالية والحبة القوية والنَضِرَة ذات النظرة البراقة كما أن البعض يجهل (تزويقها) بنثر الحُلوة (الشمر/الشمار) أو السمسم فوقها أو الفوطن (نوع من نبات النعناع) وكذلك هناك من كان يجهل تحشيتها بصلم اللوز البلدي وهو البذرة التي داخل نواة (عنقيشة) اللوزة التي تشبه الصنوبر في الشكل والحجم والقريبة من طعمه أيضاً وذلك بعد نزع نواتها.

    بعد عملية كناز التمر في القلال فإنها تنقل إلى مايعرف بالكناديد/ الچناديد (مفرد كندود/ چندود) وهي عبارة عن غرف محكمة ليس لها نوافذ في العادة وإنما تعد كمخازن تمور وهي أيضا مصنع للدبس في نفس الوقت وهي غرف ذات أرضية جصية أو اسمنتية تتخللها اخاديد طوليه قد وُجِنت بذلك الجص أو الإسمنت ممتدة بطول أرضيتها وتلتقي هذه الأخاديد الطوليه بإخدود عرضي واحد في المقدمة تنفتح عليه من جهة واحده وأما جهته الثانية ففي وسطها مصب يلتقي بحفرة مستديرة أو مربعة ذات مستوى منخفض عن سطح الأرض حيث يُفتح عليها هذا المصب لينساب فيها ماتجمع من الدبس المنهمر من مسامّ القلال في تلك الأخاديد الطولية وقد مُسحت هذه الحفرة بالجص أو الإسمنت لتلقي الدبس نظيفا نقياً وهي المعروفة بالجابيه.


    وفي هذه الغرفة يتم فيها رصّ القلال جيداً في صفوف يعرف كل صف بالعِرق، وينشر فوق تلك الأخاديد صف من جريد النخل متماسك مع بعضه بالحبال ويعرف هذا الصف من الجريد بالجدينة أو الجديلة وهي الفاصل بين القلال والأخاديد الجصية لكي لا تلامس هذه القلال تلك الأخاديد فهي بذلك تساعد على سير الدبس من عروق القلال الى الأخاديد بسهول ويسر، والغريب في الأمر انك ربما تصاب بالذهول لأول وهلة عندما تلاحظ أن هؤلاء الفلاحين ومالكي الكناديد وكذلك العمال الذين يقومون بصف تلك القلال يعرفون نوع ما تحويه القلة في داخلها من تمور دون أن يخبرهم أحد إن كان خنيزي أو حلاو أو اخلاص أو بكيره أو ارزيز أو خلافهم دون اللجؤ إلى فتحها بهدف التعرف على مابداخلها! ولكن كيف يعرفون ذلك؟ إذا عُرف السبب فقد بطل العجب!

    يقوم الچنّاز اثناء چناز التمر في القلة بترتيب معين متفق عليه فيما بينهم وهي بمثابة شفرات سرية ثابتة وكأنها لغة إشارة خاصه بهم يعرفها الجميع ويفك كل واحد منهم رموزها بكل سهولة ! فتلك الإشارات متنوعة بحسب نوع التمر الموجود داخل القلة فمثلاّ التمر الخلاص يعرف علامته الجميع بقلب الظرف ليكون داخله خارجه وخارجه داخله، وهناك طرق عديدة أخرى كفتل المِسر كالحبل وربما خصصت هذه العلامة -مثلاً- للتمر الشيشي (الخضري) أو أحياناً عند صف القلال فإنه يقلب بعضها رأساً على عقب وهذا يخص -مثلاً- تمر الرزيز أو أحياناً يُربط المسير (والمسر عادة لايربط وإنما يُحَوَّچ) أو أحياناً عن طريق تركها بدون مسير يربطها معتمدين على ثنيها فقط او أحيانا يحاچ المسر بأكثر من حبچة (عقدة) واحدة في المسر او باستعمال مسيرين وهكذا علماً بأن لغة المسر وطريقة ربطه أو حبكه هي الأكثر استعمالاً وأوضح طريقة تشفيرية لمعرفة نوع التمر، وهذا أمر متفق عليه بينهم بحيث يعرف تلك التشفيرات هؤلا الخبراء في هذا المضمار بمجرد النظر اليها.
    هناك قلال تستعمل في سوق التمور ليست للبيع وأنما تسمى (قلة القاعده) وتشفيرتها هي أنها تربط بحبل بدلاً من المسير وسميت بهذا الإسم لأنها تستخدم كوحدة وزن حيث يتم وزنها بدقة وبتعادل الكفتين فهي توضع في كفة “السنجة” للميزان بدلاً من سنجة الوزن الحديدية (منين/٢ من) ويكون متعارف عليها في السوق.
    ومن القلال أيضا هناك قلال صغيرة جداً يقل وزنها حتى عن نصف المن وهي تستعمل كهدايا أيضاً أو تعد خصيصاً للمصلين في المساجد وخصوصا في شهر رمضان وكذلك في المآتم، ويعتنى بتمورها أثناء الكناز حيث يؤخذ رطبها قبل أن يصبح تمراً وينشر وينظف بشكل جيد بحيث يمتاز بطعم طازج متميز مرغوب فيه.
    عند ارتفاع درجة الحرارة وشدة الرطوبة يسيل الدبس من بين مسامات القلة الخوصية فيلتقي في تلك الأخاديد ليصب في الجابية ليتجمع هناك تم تتم عملية تعبئته في الحاويات أو العلب المناسبة (التنك). ومن المعروف أيضاً أن هناك نوع بسيط من الكناديد يعرف الواحد منها “بالمسحه” حيث تحدد مساحة صغيرة من الأرض في بستان النخل وتمسح بالجص أو الإسمنت وتغطى بجدينة الجريد أيضاً التي يوضع فوقها القلال وتنتهي هذه المسحة بالجابية الآنفة الذكر وقد تحاط بجريد النخل أو سعفه وقد تهمل دون ذلك.


    إن هذه الكناديد يتم عادة تأسيسها في بساتين النخيل كما وتبتى أيضاً كملاحق في بيوت الأثرياء وخصوصا مُلَّاك البساتين منهم لإستقبال ما يقدمه لهم الفلاحون المتأكرون (المستأجرون) من قلال التمر، وهناك منتجات أخرى تقدم للمالك كاللومي والرطب والدهن والحليب وغيرها مع دفع مبلغ من المال لقاء إستئجارهم لهذه البساتين وتعرف هذه الإجرة (بالصبره)، أما ما يأتي به الفلاح إلى بيت المالك من رطب أو ليمون خلال أيام الموسم فيعرف بالراتب.
    ينتفع الملاّك بهذه القلال كمؤنة للشتاء ولإستخراج الدبس منها وربما يباع الفائض منها أو يوزع على الأهل والأصدقاء، كما ويقوم الفلاحون ببناء الكناديد في بيوتهم لغرض التخزين والإستهلاك ولإستخراج الدبس منه وبيع الصنف الجيد منه وأما الرديئ فيقدم كأعلاف لحيواناتهم من أبقار وأغنام وحمير.
    وهناك الكثير من الكناديد التي تبنى في الأسواق وهي الكناديد الاحترافية التجارية المعتمدة (كما هو في سوق الجبلة في القطيف) وفي بديعة البصري فيما بعد وفي مناطق متفرقه من أسواق القطيف وذلك من أجل الإتجار فيه وفي الوقت ذاته وقبل بيعه يسيل ما به من الدبس في جابيات تلك الكناديد.
    يعتبر إستخراج الدبس مصدر دخل إقتصادي آخر إذ يقبل عليه الناس بشكل كبير وخصوصا في شهر رمضان لعمل بعض الأطعمة كالقيمات (اللقيمات) وكذلك لصناعة الخبز الأصفر والبرنجوش وبعض الأكلات الشعبية الأخرى، فالتمر الخنيزي غني بالدبس إذ يعطي كميات اقتصادية تغطي الإستهلاك المحلي وتكفي حتى للتصدير كما أن طعمه وكثافته من النوع المرغوب فيه، ودبس الخنيزي معروف عنه بارتفاع درجة حلاوته لدرجة ان البعض لايفضل استعماله لهذا السبب.


    هناك الكثير من الفائض عن حاجة البلد من التمور لذا فإن الفائض منه يصدر إلى الخارج في قلال التمر عن طريق البر والبحر فيصدر إلى الكويت وقطر والإمارات وأيضا يصدر إلى الهند، كما ويستهلكه البحارة عند صيدهم الأسماك في وجباتهم وكذلك الغواصون أثناء رحلاتهم الطويلة الممتدة إلى شهور عدة وهم في عرض البحر دون العودة لليابسة من أجل صيد اللؤلؤ فيكون غذاءهم الرئيسي هو مايصيدونه من الأسماك مع هذه التمور المخزنة في هذه القلال التي توضع في (خن) السفينة (اللنجة). ولسكان البادية وهم البدو الرعاة نصيب كبير في هذه التمور، إذ ينتقلون من اطراف الصحراء بقوافل جمالهم وهي محملة بما ينتجونه من الإقط والدهن ليبيعونه في الأسواق وعند رجوعهم يحملون في المقابل قلال التمر من أجل استهلاكه في البادية على مدى العام وأما ما يتبقى منه من النواة او مايفسد منه أو النوع الردئ منه فهو من نصيب حيواناتهم، كما ويصنع (المريس) من التمور وهو عجن التمور في الماء فتشربه الأغنام.
    الفراك: من المفترض أن تكون مرحلة خامسة ولكن لكونها طريقة أو مرحلة مغمورة وليست تجارية حيث لايعرفها الإ القلة من الناس كالفلاحين بشكل خاص او المهتمين بأكلها وملاّك بساتين النخيل وهي ليست واسعة الإستعمال أو الانتشار رغم أنها تظهر في الأسواق أحيانا. وهي طريقة يخلط فيها البسر الخنيزي الخشن بالرماد ويوضع في زنبيل كبير ثم تفرك وتدعك بالقدم المغسولة النظيفة إلى أن يتغير لون البسر ليميل إلى اللون البني ويراعى أن تكون هذه العملية قبيل ساعة الغروب وذلك لكي يُعَرَّض هذا الفراك لأشعة شمس الأصيل الذهبية بعد غسله جيداً وإلا لما نجحت هذه العملية. يمتاز رطب الفراك بطعم رائع يختلف عن البسر والرطب والسلوق والتمر وقد نساه المجتمع لقلة تحضيره حتى اندثر تماماً في أيامنا هذه.


    في أيامنا هذه حدث انقلاب عاصف غَيّر من مجرى هذا الإعتماد الإقتصادي على تلك النخلة إذ قلت الرقعة الزراعية وتغير توجه الناس عن الزراعة إلى أعمال أخرى كما وقد نجحت بعض المناطق الخليجية في توجهها للزراعة بإستصلاح أراض زراعية شاسعة من أطراف الصحراء كما هو الحال في الإمارات وبات إنتاجها يغطي الإستهلاك المحلي كما وقد استطاعوا توفير مياه الري عن طريق تقطير مياه البحر وكذلك حفر الآبار الإرتوازية واستعمال المضخات التي تجلب المياه من باطن الأرض إلى سطحها.
    ومن ناحية أخرى قد دخلت التقنيات الحديثة من مصانع ومكابس لتعبئة التمور في عبوات مختلفة الأحجام وبشكل أكثر انتظاما ونظافة وقد روعي في تعبئتها تصنيفات عديدة منها الجودة والكمية المطلوبة وطرق الحفظ ومدده وتحشياتها ببعض أنواع اللوز بالإضافة إلى استخراجات بعض المشتقات الأخرى من التمور غير الدبس كالمعجونات التي تدخل في صناعات بعض الأطعمة كالكعك والبسكويتات والمعمولات وغيرها. لم تعد تلك الطرق التجارية التقليدية القديمة مجدية أو متماشية مع ظروف أيامنا هذه، ولكن ضرورة استمرارية إنتاج التمور وبشتى أصنافها وكذلك مايستخرج منها من الدبس والأطعمة أمر في غاية الأهمية وذلك لما لها من أهمية كمادة غذائية أساسية لايمكن الاستغناء عنها أبدا
    ولا يضعف ظهور تنوع الاغذية الحديثة من الإقبال الشديد عليها مهما مر الزمن ومهما تقدمت صناعات الأطعمة أو توفر الكثير منها في الأسواق فليس بالإمكان توفير البديل لما تنتجه النخلة مطلقا.
    ———————————–
    مسرد لمصطلاحات ذات علاقات بالنخل:
    ١. بسرة: واحدة البسر وهي رطب النخل في عنفوانه إذا تلوّن وأصبح بعض أنواعه جاهزاً للأكل وذلك قبل أن يتمر.

    ٢. الجابية: الجابية من الفعل جبى اي جمع الشيء والجابي هو جامع الضرائب والجابية هنا هي حفرة قد وُجِّنَت بالجص أو الاسمنت تكون وتقع في مقدمة الكندود وهو مخزن التمر ليسيل منه الدبس ويتجمع في هذه الجابية.
    ٣. الجالوق: هو حاوية تحاك من خوص النخيل وتقوم مقام القلة ولكنها ليست اسطوانية الشكل كما هو الحال في القلة وإنما تكون مستطيلة وبأجحام متفاوته وهي مسفوفة كالدوخلة وليست بطريقة شريط السفة الذي يخاط، وهي تستخدم لحفظ نخب ممتاز من الدرجة الأولى من التمور ولا يُعَد للبيع إلا عند التوصية والطلب الخاص فالجالوق يُعد خصيصاً فقط من أجل تقديمه كهدية للأعزاء (صوغة).
    ٤. جديلة/جدينة: وأصل اللفظة جذيله (بالذال) ويحورها البعض إلى جدينه وهي من جذل الشيء كما يوضحها معجم لسان العرب في قوله: الجِذْل أَصل الشيء الباقي من شجرة وغيرها بعد ذهاب الفرع والجمع أَجذال وجِذال وجُذُول وجُذُولة والجِذْل ما عَظُم من أُصول الشجر المُقَطَّع وقيل هو من العيدان ما كان على مثال شماريخ النخل ويقال لأَصل الشيء جِذْل وكذلك أَصل الشجر يقطع وربما جُعِل العُود جِذْلاً في عينك الجوهري الجِذْل واحد الأَجْذال وهي أُصول الحَطَب. فالجديلة هنا مجموعة من جريد النخل يصف بجانب بعضه ويثبت بحبال رقيق في بعضه ليشكل قطعة حِظارية واحدة ومن ثم يفرش على أرضية الكندود فوق الاخاديد بحيث يفصل بين القلال وتلك الاخاديد.

    ٥. جلّس/تجليس: وتجليس النخلة هي مرحلة من مراحل العناية بها ومنه قطع ماجف من السعف في أسفل الفكر وخصوصاً عندما تكون صغيرة حيث تقطع السعفة من نهاية الكرب ويصبح جذع النخلة مهذب بشكل منتظم بحيث يسهل على راكب النخلة وضع قدمه عند موضع قطع الكرب فيتسلقها بسهولة وبهذا سميت هذه العملية بالتجليس لكونه موضع القدم.
    ٦. حدّر/تحدير: التحدير من الفعل حَدَّرَ والمشتق من الإنحدار وحدَر بالشًَّيء : أنزله من أعلى إلى أسفل، فيقال “حدَر الحجارةَ من التلّ.
    وتحدير النخلة يأتي في موسم خروج عذوق الرطب في النخلة في بدايته حيث يرتفع بعض العذوق إلى أعلى فيقوم الفلاح بتنزيله (تحديره) الى مستوى سفلي وفي نفس الوقت قد يضطر الفلاح إلى قطع بعض العذوق الضعيفة وأيضا إن كانت النخلة كثيرة العذوق يخفف عليها بقطع البعض من تلك العذوق ليكبر حجم البسرة ويزداد قوة.
    ٧. الحَمَّار: بفتح الحاء وبتشديد الميم ومعناها الرجل الذي يعتمد في عمله وكسب قوته باستعمال الحِمار ليحمل الأثقال وينقلها من مكان إلى آخر.
    ٨. البيطه: الدلدال: الحومال: الكلمات الثلاث ذات مدلول واحد فهي تعني حبل متين قد يصل سمكه إل نصف بوصة أو بوصة أو أقل بقليل لاغنى للفلاح النخلاي عنه في كثير من الأمور ومنها تنزيل الرطب وكذلك التمور من أعلى النخلة، كما ويستعمل في البحر لربط السفن ويستعمل أحياناً للصيد بطريقة خاصة تعرف بعملية لدغى والذين يقومون بالصيد يعرفون بالدَّغاية ومفردها دغاي، وغالبا مايطلق عليه البحارة الحومال.
    ٩. خَرَاف: والفعل منه خرف أي قطف الرطب من عذق النخلة واحدة تلو الأخرى وهو في عنفوانه ويتم قطفه بطريقة منتقاة ووضعه في سلة يحملها راكب النخلة تسمى المخرفة أو الچيسة واحيانا يركب بالمچيال لوضع الرطب فيه.
    ١٠. خَلال: بفتح الخاء هو مرحلة الرطب في بدايته والتي تسبق البسر وقبل نموه عندما يكون لونه أخضر.
    ١١. خيشة سلوق: هو كيس كبير يحاك قماشه من حبال رقيق يصنع من الخيش معبأ بأربعة أمنان (٦٤ كيلو) من السلوق.
    ١٢. الراتب وجمعها رواتب: هو أحد الأشياء المتفق عليها التي يدفعها الفلاح المتأكر للنخل إلى مالكه وهو عبارة عن تزويد الفلاح لمالك النخل بالرطب طوال موسم الرطب حسبما يتفق عليه في كل أسبوع مرة أو مرتين حيث يأتي الفلاح إلى بيت المالك ليقدم سلة صغيرة من الرطب وأحيانا يزينها ببعض ثمرات الليمون أو التين أو غيره إن وجد في البستان.
    ١٣. الرصة والعِرق: من رص الشيء أي صفه مع الضغط عليه ويُستعمل المصطلحان في صف قلال التمر وكذلك في صف عذوق الرطب في صناديق الشاحنات لنقله، فكل صف هي رصة أو عرق.

    ١٤. رَوّسَ/ترويس: هي عملية تنظيف فَكَرْ النخلة أو جمَّارتها التي تحمل السعف وعذوق الرطب بالإضافة إلى إزالة ماتبقى فيها من عراجين او عذوق يابسة بقيت من الموسم السابق وكذلك السِلَّة (الأشواك) والليف الذي يستعمل مستقبلاً للفاف.
    ١٥. السفسيف: نخبة من التمور القوية النظيفة الممتازة وخصوصاً الخنيزي الذي ينقى ويجفف لمدة قصيرة ويصب عليه الدبس ويحشى بصلوم اللوز او ينثر فوقه وينثر معه الحِلْوَة والفوطن والبيدان بعد أن يوضع في جِرار فخّارية فيعرف هذا النوع من التمر بالسفسيف، ويكون استعماله مقتصر على البيوت او لتقديمه للضيوف.
    ١٦. السقاط: من سقط وتساقط، ففي موسم التمر حين يصير الرطب تمراً يضعف تماسكه بالعذوق فيبدأ بالتساقط فيقوم العمال بلمه من تحت النخلة لتنظيفه ونشره في الفدى وأحياناً يستعين الفلاح النخلاوي بأفراد عائلته بمن فيهم من النساء والأولاد والبنات.
    ١٧. السلَّة: وهي حاوية على شكل مخروطي ذات شكل أنيق تستضيق من الأسفل وفوهتها دائرية يبلغ قطرها اكثر من ثلاثين سم وهي تصنع محليا من العسق والأسل وغصون شجر الجيرزان حيث يُلَون الأسل بألوان زاهية وأشهرها الأحمر والأخضر، وتستعمل هذه السلة لحفظ الرطب فيها وأيضاً لبيعه في الأسواق وتقديمه للضيوف ولحمل الراتب (الذي سبق شرحه)
    ١٨. السميم: وواحدتها سمَّة وهي تشبه الحصير وهي تسف بنفس الطريقة ولكنها أكبر وأثقل وأسمك لأنها تسف بالخوصة بأكملها، وتستعمل لفرشها في الفدى لينشر عليها التمر أو السلوق، كما وتسقف بها الأكواخ والمنادب او الكبر.
    ١٩. السلوق: هو سلق البسر في قدور ليتحول الى بسر مسلوق له طعم وحلاوة أفضل ويجفف من اجل تصديره إلى الخارج وكذلك لحفظه لأكله على مدى العام المقبل ومن اشهر انواعه الخنيزي والهلالي.
    ٢٠. الشاعوبة: هي جدعين متفرعين من شجرة متصلين في الأسفل ببعضهما ومتباعدين في الأعلى بحيث يشكلان زاوية حادة محصورة بين ضلعين يبلغ طول ضلع احدهما ٧٠سم تقريبا والآخر اكبر لكي يربط فيه الحبل المتين (البيطه) وتستعمل لإنزال العذوق من النخلة بعد قطعهم وذلك بتشبيك شماريخ تلك العذوق بين الضلعين.
    ٢١. صُبْرَة: وهي الأجر المتفق عليه بين مالك بستان النخل وبين الفلاح (النخلاوي) لمدة عام ونادرا مايكون المقابل مالاً أو نقود وانما حسبما جرت العادة تكون الصبرة عدد معين من قلال التمر بالإضافة إلى اشياء أخرى كحليب الأبقار وزبدتها والراتب وبعض منتجات ذلك البستان كاللومي واللوز والتين ويكتب ذلك العقد عند بداية التأكير وذلك مع وجود الشهود كما جرت العادة ويذكر عدد السنين وبعد انتهائها بالإمكان الفسخ أو التمديد حسبما يُتفق.
    ٢٢. الصرام: ولها معنيان؛ انصرام المدة اي انقضائها وكذلك جز الشئ وقطعه ولعل المعنيان يحيطان بالموضوع الذي نحن في صدده فهو من ناحية نهاية موسم الرطب ومن ناحية أخرى هو قطع عذوق النخل من اجل بيعه او تحويله الى تمر، وبالنسبة لموسم صرام الخنيزية فهو يبدأ من منتصف برج السرطان أي نهاية يونيو حتى برج الأسد في نهايات اغسطس.
    ٢٣. الصفَّاف: تم شرحه مع الرّص والصفاف هو صف قلال التمر في الكناديد أو صف عذوق الرطب في صندوق الشاحنة.
    ٢٤. الظرف: هو وعاء أو حاوية اسطوانية الشكل مغلقة من جهتها السفلية لتشبه الزنبيل يتم سفها من خوص النخل ويصل ارتفاعها إلى ٨٠ سم تقريباً حيث يكبس في داخلها التمر بضغط عالي ويتم إغلاق فوهته وعندها تسمى قلّة.
    ٢٥. العذق: هي العراجين ذات الشماريخ التي تنتجها النخلة وهي التي تحمل الرطب.
    ٢٦. العرق: تم شرحه مع الرصة.
    ٢٧. فدى/فدا: هي ساحة كبيرة يفرش فيها السميم من أجل نشر التمور فيها وأيضا السلوق من قبل التمر.
    ٢٨. فراك: يتم اختيار صفوة من البسر الخنيزي القوي ويوضع في زنبيل كبير وينثر فوقه رماد الأخشاب وذلك قبل غروب الشمس وعندما تقترب الشمس من الغروب يغسل من سيقوم بعملية الفراك بغسل قدمه جيداً ثم يفرك الرطب بتلك القدم لمدة قد تصل الى ١٥ دقيقه ثم يغسل من الرماد ويعرض لأشعة شمس الأصيل قبل الغروب وهذا امر ضروري وبعدها يتحول البسر إلى اللون البني ثم يغسل جيداً فيصبح جاهزا للأكل.
    ٢٩. فكاك (الفچاچ) وقبلها اللفاف: عندما تتفتق الأكمام (القروف) ويخرج منها العذوق وهي يافعة صغيرة فإنها (تنبت) أي تلقح وبعدها تلف بألياف النخل نفسها لتحافظ على وجود التلقيح في العذوق ولعدم تعرضه للرطوبة وغيرها. وبعد فترة معينة يزال هذا الليف بعد أن ينمو مافي العذق ويتحول إلى مايعرف بالحبمبو فتعرف هذه العملية بالفكاك (الفچاچ).
    ٣٠. قلة: تم شرحها (ارجع إلى ظرف) فهي وعاء اسطواني قد سف من الخوص يكنز فيها التمر بعد ضغط شديد ليصل وزنها إلى منين قطيفي (٣٢ كيلو).
    ٣١. القلة القاعدة: هي قلة تملأ بالتمر بوزن منين (32 كيلو) ويكون وزناً دقيقاً فتؤخذ الى الميازين التي ليس عند أصحابها اي وحدة وزن فتستخدم للوزن من أجل تعبئة بقية القلال طبقاً لوزنها.
    ٣٢. كناز (چناز): هي عملية تعبئة ورص التمر داخل الظرف أو القلة رصاً شديداً لدرجة أنه يداس فوقه بالقدم وبعد التأكد من الوزن القياسي المطلوب تغلق فوهة القلة.
    ٣٣. كندود (چندود) ويسمى أيضاً في مناطق أخرى (كندوج): وهو غرفة بدون نوافذ هي بمثابة مخزن لقلال التمور وفي نفس الوقت مصنع لجمع الدبس وأما في البساتين فيكون الكندود على هيئة اكواخ وبالنسبة للأرضية فإما أن تكون مسحة اسمنتية او جصية كما في الماضي مائلة نحو الجابية ليصب الدبس فيها وإما أن تكون بنية فيها اخاديد طولية تلتقي بإخدود عرضي يتجمع فيه الدبس ليصب أخيراً في الجابية.
    ٣٤. لفاف: تم شرحها مع كلمة الفكاك أو (الفچاچ)، والمقصود باللفاف هو لف عذق النخلة بعد تأبيره أو تلقيحه بالليف في بداية النمو وذكر السبب وهو الحفاظ على بقاء مادة اللقاح وكذلك لعدم تعرضه لعوامل الجو وبعد فترة يفك هذا الليف.
    ٣٥. لوده: (التي ذكرت في الفلكلور) وهي كلمة قطيفية عامة ليست مقتصرة على النخلة فنقول مثلاً فلان ماله لوده أي لانراه موجودا وهي من أصل عربي من الفعل (لاذ/يلوذ) وحيث ان اهالي المنطقة يقلبون الذال الى دال فنقول لاذ إليه أي اِلْتَجَأَ إِلَيْهِ، اِخْتَبَأَ بِهِ لاَذَ بِالصَّمْتِ: اِمْتَنَعَ عَنِ الكَلاَمِ ولاَذَ بِصَاحِبِهِ: اِسْتَغَاثَ بِهِ.
    ٣٦. المرحلة: هي وعاء خوصي أو زنبيل كبير جدا على شكل بيضاوي قد يصل عرضها إلى متر أو أكثر ولها في فوهتها عروتين متقابلتين ليتسنى حملها.
    ٣٧. المسحة: هي نوع من الكناديد فهي ارضية ممسوحة بالإسمنت او الجض (في الماضي) وتكون مائلة الى حفرة تعرف بالجابية والتي تصب فيها الدبس وعادة تُنشأ في بساتين النخيل.
    ٣٨. المسر: مفرد مسير فهو في الأصل عذق الرطب حيث يؤخذ بعض شماريخه ومعها العسقة ثم يمرر على عصى قد غرزت في الأرض حتي يتحول من شبه عصى إلى حالة رخوة يمكن استخدامه للربط مثل الحبال ويعرف بالمسير وجمعه مسر واكثره استعمال لإغلاق القلة وايضا لربط حظار النخل.
    ٣٩. المكيال/المچيال: هو سلة بنفس مواصفات السلة التي سبق شرحها ولكن المكيال أكبر وقاعه أعمق ويستعمل عند ركوب النخلة لقطع الرطب وجمعه وكذلك لعرضه في الأسواق من أجل البيع.
    ٤٠. مكينة خرط السلوق/مكينة السلوق: وهي مشط من العصي المصفوف بجانب بعضه والمغروز في الأرض بارتفاع ٥٠ سم تقريبا وبعرض ٧٠سم. يوضع العذق المراد خرط رطبه على رؤوس تلك العصي ويجر العدق فجأة فتتساقط جمبع ماعليه من البسر.
    ٤١. المسلق: هي ساحة كبيرة بُنيت فيها تنانير تثبت عليها قدور كبيرة استعداداً لسلق الرطب وبعد سلقه تفرش السميم امام المسلق لوضع السلوق عليها ليتسنى له التعرض لأشعة الشمس وكذلك للهواء حتى يجف.
    ٤٢. المنّْ: هي وحدة وزن عالمية وجدت منذ القدم ولكل منطقة في العالم مَنُّها الخاص بها وقد اشتهر المن القطيفي شهرة عالية في المملكة وفي مناطق الخليج المجاورة (نظراً إلى أنه مناسب بين بقية الأمنان فهو ١٦ كيلو) فهو مَنٌّ معتدل مقارنة بأغلبية الأمنان فبعضها منخفض إذ يصل إلى ٤ كيلو والبعض مرتفع إذ يصل إلى ٣٠٠ كيلو.

    ٤٣. نَبَّت/ تنبيت: وهي موسم تأبير النخلة أو تلقيحها في فصل الربيع ويتم ذلك عن طريق الفلاح الذي يستخلص مايعرف محلياً بالنبات وهو الذرور أو المسحوق الأبيض اللون الذي يتطاير من طلع الفحال الذي هو بداخل الأكمام (القروف) والذي يعرف كاملاً بالسِّفْ ثم يجمعه في قماش شفاف ليأتي به إلى عذوق النخل وهي في بدايتها وينثر ذلك المسحوق فوقها فيتم تلقيحها.
    ٤٤. وعكة الكناديد (وعچة الچناديد): وهي موسم زمني صيفي يتصف بشدة الرطوبة فيطلق أهالي القطيف والبحرين هذا المسمى على هذا الموسم فهم يربطونه بموسم التمور والمراد بالوعچة هنا هي أوج الرطوبة التي تجتاح المناطق الخليجية صيفاً والتي تبدأ شدتها من اغسطس وخلالها يتحول جميع أنواع الرطب إلى تمور، وأما علاقتها بالچناديد (التي سبق شرح معناها) فهي علاقة ذات جانبين أحدهما أثر تلك الرطوبة على التمور في نضوجها وتسريع استخلاص الدبس منها،
    وثانيهما معاناة العمال أثناء چناز التمر في القلال ووزنها وتحميلها ونقلها من مكان لآخر وإن كان المعنى ليس مقتصراً على التمور وعماله فحسب وإنما المعنى قد عم وشمل المجتمع ليشكل هذا المصطلح المركب رمزاً يعبر عن شدة تأثرهم بتلك الفترة ذات الرطوبة الشديدة والتي يربطها أفراد المجتمع بالمعاناة داخل الچناديد والتي يبدأ موسمها مع دخول برج الأسد في نهايات اغسطس.
    *الأستاذ عبد الرسول الغريافي باحث في التراث ومؤرخ

  2. #2
    سفير السلام ..مراقب عام
    مستشار قانوني
    تاريخ التسجيل: April-2020
    الدولة: العراق.. الديوانية
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 24,370 المواضيع: 1,446
    صوتيات: 2 سوالف عراقية: 4
    التقييم: 48688
    مزاجي: مبتسم
    المهنة: الحقوقي
    أكلتي المفضلة: الباجه.. الكباب.. سمك مشوي
    موبايلي: هواوي =Y9 مع ريل مي 51
    آخر نشاط: منذ ساعة واحدة
    مقالات المدونة: 3
    شكرا جزيلا لهذا المجهود الرائع

  3. #3
    مراقبة
    نملة جيل الطيبين
    العفو نورت بحضورك الرائع

  4. #4
    مشرفة المقهى الفني
    تاريخ التسجيل: July-2024
    الجنس: أنثى
    المشاركات: 2,176 المواضيع: 114
    التقييم: 2978
    آخر نشاط: منذ يوم مضى
    ماشاء الله عندكم انواع واشكال من التمر وكل واحد منها فيه نسبة السكر في مختلفة وهذه التمور مفيدة جدا لصنع الحلوى لمرضى السكر لان سكره طبيعي ولا تضر المريض طبعا اذا اكل مقادير معينة شكرا جزيلا على الموضوع عزيزتي عاشت ايدك

  5. #5
    مراقبة
    نملة جيل الطيبين
    نورتِ بحضورك الجميل

تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال