وهل الإنسان يعيش فترة زمنية عندها تتوقف عقارب الساعة فيؤخذ عليه ما يؤخذ ويكون رهين هذه المدة ويصدر فيه حكم مصدق من الفكر الرجعي؟
نحن لا ننفي أن الإنسان كتلة من التاريخ لكل مرحلة فهرسة خاصة به تليها المرحلة الأخرى، ولكن هذا لا يخولنا لأن نطلق اتهامات مستقبلية غير مقرونة بالأدلة الواضحة بمجرد أن له تاريخًا مسبقًا في سن معين من حياته.
الإنسان يتغير من مرحلة لمرحلة حسب الظروف والمكان والعمر والمحيط وعوامل أخرى. نجده في أيام المراهقة شخصًا يتفرد بشخصيته وعنفوانيته ومشاكسته و، و، و، ليثبت ما يثبت وينفي ما ينفي وهذا أمر طبيعي لحدٍ ما.
وقد يتجاوز البعض الحد الطبيعي وعندما يتقدم في العمر يدرك ما قام به فيرجع إلى رشده وصوابه. وكلما تقدم في العمر يتجاوز المرء عدة أمور يكون فيها أكثر نضجًا ومرونة وعقلًا وتصرفًا وحكمة وتسامحًا.
الفكرة التي أود أن أشير إليها بعد هذه المقدمة هناك فئة من البشر أمرهم عجيب وفكرهم غريب كأنهم خلقوا من كوكب آخر أو منذُ ولادتهم خرجوا من بطون أمهاتهم معصومين عن الخطأ، شغلهم الشاغل التفحص في تاريخ الناس وماضيهم وإصدار أحكام تعسفية عليهم ونشر مساوئهم بين أفراد مجتمعهم هؤلاء لا يدركون أنهم يفعلون فعلًا شنيعًا كمثل نبش القبر دون سبب أو علة شرعية.
شغلهم الشاغل تشويه سمعة الآخرين بمجرد ما لديهم من معلومات عفا عليها التاريخ وأصبحت رمادًا منسيًا. هل الإنسان وليد الماضي أم وليد اليوم؟ هل الإنسان بمجرد أن يخطئ في ماضيه وكأنما ختم على جبهته حتى مماته؟ هل الإنسان لا يعفى من الماضي؟
الله سبحانه وتعالى يقول في محكم كتابه ﴿فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ﴾ [الشورى]، {إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا﴾ [سورة النساء]، {وَلَا تَسْتَوِى الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِى هِى أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِى بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِى حَمِيمٌ}.
وهناك الكثير من الآيات الشريفة تدل على أن الله سبحانه وتعالى غفور رحيم، ولكن للأسف بعض البشر شغلهم الشاغل وهمهم القاتل ينبشون القبور ليأكلون لحم أخيهم ميتًا.