الفرق بين الرواية والشعر- مصدر الصورة من freepik














لا شك أن الشعر نسق أدبي سابق لكل الأجناس الأدبية الأخرى، وقد ظلّ ديوان العرب منذ نشأتهم دون أن يزاحمه في ذلك فن قولي آخر، إلى أن جاءت الرواية وبدت منافسة حقيقية له كنسق أدبي عالمي بات يحظى بالإجماع والشهرة، بما تحتويه من عمق سردي وقدرة على استكشاف الشخصيات والأحداث بطرق معقدة، أصبحت في العقود الأخيرة الشكل الأدبي المفضل لدى العديد من القراء.

المشهد الثقافي لا يكتمل إلا في وجود الشعر والرواية

الشعر موهبة وملكة فنية وقدرة إبداعية على ترجمة الأحاسيس والمشاعر - المصدر: unsplash

يقول الشاعر والأديب طارق الكردي لـ"سيدتي": الشعر هو شكل من أشكال الأدب الذي يستخدم اللغة بشكل إبداعي، وهو عبارة عن كلام موزون مُقفى، وله أصول موسيقية داخلية وخارجية، وله بحر شعري تسير على نهجه القصيدة من أولها إلى آخرها، فإذا خلا الشعر من تلك الشروط سمي نثراً، أما الرواية فهي عمل طويل من الخيال، وهي أحد أنواع النثر وتُعتبر سرداً للأحداث بطريقة نثرية، والشعر تعبيرٌ عن الوجدان، أما الرواية فهي تعبيرٌ عن العقل، ولا شك في أن المشهد الثقافي لا يكتمل إلا في وجود الشعر والرواية وغيرها من ألوان الفنون الأخرى.
الرواية في العالم العربي
تُعرف الرواية بأنّها أحد أشكال الأدب النثري المكتوب بأسلوب سردي، وبرزت كأكثر الفنون شهرة في الثقافة البشرية، وقد ساعدت على تطورها في العالم العربي رحلات المثقفين والأدباء العرب إلى أوروبا في أواخر القرن الثامن عشر، وذلك لاختلاط هؤلاء العرب مع الأوروبيين، ولقد تذوقت القصة العربية من تغيرات عديدة في مضامينها وأشكالها، وجاءت على أيدي بعض المثقفين اللبنانيين والسوريين والمصريين الذين زاروا الغرب ونهلوا من مناهلها العلمية والثقافية، ولعل أول محاولة لنقل الرواية الغربية إلى عالم الرواية العربية لرفاعة رافع الطهطاوي في ترجمته لرواية "فينيلون"، ومغامرات "تليماك" وكانت الرواية العربية قبل الحرب العالمية الأولى على حالة من التشويش والبعد عن القواعد الفنية، وكانت أقرب ما يكون إلى التعريب والاقتباس حتى ظهور رواية "زينب" لمحمد حسين هيكل (1914م) وقد أجبرت هزيمة عام 1967م الروائي العربي على إعادة النظر في تيار الرواية، وظهر بعد ذلك جيل من الروائيين العرب، سمي بالحداثيين، أمثال صنع الله إبراهيم وحنا مينا وجمال الغيطاني وإدوار الخراط والطيب صالح وبهاء طاهر وإميل حبيبي والطاهر وطار وعبدالرحمن منيف وغيرهم، وظهرت رؤية روائية أجمل اتجاهات معاصرة وحداثية مختلفة.

الشعر عند العرب قديماً
الشعر موهبة وملكة فنية وقدرة إبداعية على ترجمة الأحاسيس والمشاعر في كلمات تنسج الأبيات الشعرية وتنظمها في قصيدة مترابطة الصور والمعاني والقوافي، وقبل انتشار الإسلام في شبه الجزيرة العربية، عُلّق على أستار الكعبة "المعلقات السبع"، وهي قصائد سبقت الإسلام، وتعدّ من أهم القصائد الشعرية التي كتبت في العصر القديم، وإلى جانب المعلّقات، فإن أحد أشهر الأسواق في تلك الفترة كان سوق "عكاظ"، الذي شهد معارك شعرية بين كبار الشعراء العرب، في حين ما تزال حتى اليوم، تلقى قصائد الشعر الحديث، وتسجّل مشاهدات مرتفعة عبر منصات البث الإلكترونية، فالشعر عند العرب قديماً كان يرفع من شأن قبيلة ويحط من قيمة أخرى، وكان الشعر، في صدر الإسلام، وسيلة من وسائل الدفاع عن رسالة الإسلام ضد مشركي قريش، وقد تم حفظ القصائد الشعرية القديمة وانتقلت من جيل إلى آخر شفهياً، ويتم تعريف الشعر على أنه شكل أدبي للفن يستحضر في اللغة، يمكن كتابته من تلقاء نفسها أو بالاشتراك مع فنون أخرى كما في الدراما الشعرية، التراتيل الشعرية، الشعر الغنائي وشعر النثر، ويتميز الشعر عن أشكال الكتابة الأخرى من خلال استخدامه للتكرار، والقافية، وعلم الجمال، ويستخدم الكلمات البلاغية والدراما والأغاني والكوميديان، ويقترح معاني بديلة في كلماته لإحداث استجابة عاطفية أو حسية، ويستخدم الشعر الإيقاع والجناس، مما يعطيه تأثيراً موسيقياً، ويستخدم الرمز والاستعارة والتشبيه، والسخرية والغموض لاقتراح تفسيرات مختلفة.
الفرق بين الرواية الشعر

الرواية فن أدبي نثري طويل، تعتمد الرواية في الأساس على الخيال- المصدر: .freepik
الشعر:
هو شكل من أشكال الأدب يستخدم اللغة بطريقة إبداعية ويتفق في الرواية في اعتماده على الخيال كمكون أساسي في التكوين، والشعر وهو صورة مكتوبة تصف عاطفة أو شعوراً لا تستطيع الرواية القيام به طوال الوقت، وتتم كتابته عادةً في أبيات أو مقاطع ويمكن أن يكون منظماً أو حراً، ولغة الشعر هي لغة الشاعر، يجد الشاعر نفسه فيها من غير أي شريك يقاسمه إياها، وليس هذا فقط ، إنما تنسى الكلمة في الشعر ماضي مفهومها اللفظي وحاضره، ويتكلم الشاعر بلغته هو، كما تحتضن اللغة في الشعر كل شيء، بها يرى الشاعر ويسمع ويفهم ويتأمل ويعبر، ولا يستعين بلغة أخرى، لأن الشعر غير معني بوجود عوالم أخرى دالة ومعبرة.
الرواية:
هي فن أدبي نثري طويل، تعتمد الرواية في الأساس على الخيال إلا أنها قد تُبنى أيضاً على أحداث واقعية، والرواية قصة قد تعتمد على شخصية واحدة أو عدد قليل من الشخصيات أو أكثر حسب ما تقتضيه الأحداث ويصل إليه خيال الكاتب الروائي الذي يعمد لتوصيف للشخصيات، وربطها بالموضوع الذي يحتوي على حبكة أو عقدة. تظل أحداث الرواية تدور في سياقها حتى تنفك العقدة أو يجد القارئ إجابة ترضيه وتوصله لنهاية الحبكة بتشابكاتها وتفريعاتها، حيث تقل حدة التشويق والإثارة وتعود الأحداث من جديد في الرجوع إلى إيقاعها الطبيعي، والرواية عامة هي أكبر الأجناس القصصية من حيث الحجم وهي عمل خيالي طويل، يتكون عادةً من حوالي خمسة آلاف كلمة أو أكثر، وهي تتميز بسردها لمجموعة كبيرة من الأحداث بأسلوب نثري، ولها صنوف متعددة كأن تكون بوليسية أو رومانسية أو واقعية أو تاريخية.. ويمكن أن يشتبك صنف وآخر فهناك روايات تاريخية غامضة، أو خيالية رومانسية.. وهكذا.