في وطني ..
يخرجُ المرءُ من منزله ليطالب بالعدالة لأجلِ أولاده فإذا بالعدالةِ ذاتها تصدرُ حكم إعدامه!
في وطني ..
لا وقتَ للبكاء ولا وقتَ للسعادة لأنّهما من بنات المشاعر ونحنُ مراقبون عليها!
في وطني ..
فكَّر شاعرٌ أن يكتبَ شعراً يذمّ الفساد الذي يعيثُ بالبلاد لم يمسِك قلمه ولم يكتب كلمة حتّى داهمت الشرطة السرية بيته واعتقلَته .. هناكَ سِر ربّما توجد أجهزة مراقبة مزروعة في خلايا أدمغتنا!
في وطني ..
لا شيءَ مُباح ولا شيءَ حرام ولا شيءَ مكروه ولا شيءَ واجِب وطني بنفسه لا يعلم ما الّذي يحدث له وإلى أينَ يقودهُ أولادُ اللّات!
في وطني عن أيِّ أرضٍ أتحدّث عن السيرك الذي يمشي فيه المهرّجُ على الحبلِ المتمثّلِ في شرايين قلوبنا أم عن الجماهير القادمين من أقاصي البلاد ويطلقون بينَ الحينِ والآخر ضحكةً ساخرة ويرمونَ تلوَها طماطمَ مفخّخة!؟
عن أيِّ خطبٍ أتحدَّث؟
عن الحاكم الَّذي حرَّض جيشهُ علينا وفي يومِ الشِدّة جمّدهُ لأنَّ عتاده قد نفذ والسبب لأنَّنا احتفظنا برصاصه في صدورنا بينما استقبلت بيوتنا قذائفه يا للعار! "يجيدُ كلُّ شيء ماعدا السياسة لأنّه لو أدركَ لعبتها لما ظلَّ حيَّاً"
في وطني ..
لا ينطبق بيتَ الدعدية علينا حينَ قال
ضِدّان لما إستجمعا حَسُنا
والضِدُّ يُظهرُ حُسنهُ الضِدُّ
ونحنُ ضِدّانِ إن إجتمعنا تقاتلنا وسفكنا دماء بعضنا البعض لأنَّنا ضِدّان!
في وطني سُجّلت حالة إنتحار لرجلٍ ضرير كان يستمع إلى المذياع!
حيثُ فتحَ القناة الأولى فسمعَ "أصدر جلالته بياناً شريفاً لحلِّ النزاع بين..." واستبدل الضرير القناة بأخرى رياضية لأنّه يكره السياسة فوجدَ المعلّق يقول "ينطلق المهاجم بأقصى سرعته ويسدّد الكرة في المرمى هدف هدف هذا الهدف ذكّرني بهدف جلالته من القبض على المخرّبين و..." استبدلها بعد أن ملَّ وكلَّ من سماعِ الترُّهات الشرَفيّة وحينها قرّر أن ينصت إلى القرآن فتحَ القناة فإذا بالشيخ يصرخ بارك الله بالحاكم وقوّى ساعده وثبّت رجليه ولله الحمد والله أكبر و..."
و قبلَ أن يكمل الشيخ رمى المذياع بعيداً لأنّه كان يعلم بأنَّ حرف الواو في الخطَب الدينية-السياسية ستأتي بعده فتوى خطيرة تجعل الناس يتقاتلون في كُوَرٍ تتحول في النهاية إلى دخانٍ ولهب!
على هذهِ الأرض
وفي هذا الوطن
لا شيءَ ينهي اليأس
سوى الكفَن.!
إن وجدتهُ طبعاً
وإن لم يكُن باهظ الثمَن..
لأنّنا جميعاً نعيشُ على قطعة لغز(puzzle) كلُّ ما فيها من قطعٍ مفقودة والقطعةُ الوحيدة الموجودة هي التي يظهرُ فيها ثغر جلالته مبتسماً.!
العيلامي