حق الملح.. عادة الجزائريين في تكريم المرأة بعيد الفطر
تقاليد كثيرة يتميّز بها المجتمع الجزائري في رمضان وعيد الفطر المبارك، بينها “حق الملح” أو “حق الطعام”، وهي عادة تهدف إلى تكريم المرأة لجهدها الكبير خلال الشهر الفضيل.
“حق الملح” أو “حق الطعام” عادة عريقة تنتشر في الجزائر وبقية دول المغرب العربي وتجسّد عمق العِشرة والمودة بين الأزواج وتماسك الأسرة بشكل عام.
ترتبط هذه العادة بعيد الفطر، فبعد انقضاء صلاة العيد يعود المصلّون إلى منازلهم ويحتفلون مع عائلاتهم من خلال الاجتماع على مائدة القهوة والشاي والحلويات التقليدية.
وعندما يُكمل الرجل شرب قهوته يضع خاتماً من ذهب أو فضّة داخل فنجان القهوة أو مبلغاً مالياً أو هدية معينة (بحسب استطاعة كل واحد) على صينية الشاي والقهوة لزوجته أو لأخته أو لأمه أو ابنته كاعتراف منه بجهودهن وتعبهن في المطبخ خلال رمضان، وهو ما يُسمى “حق الملح” أو “حق الطعام”.
وتستمد تسمية “حق الملح” أو “حق الطعام” من عبارة شهيرة عند الجزائريين حول العِشرة (أكل معي الملح والطعام أو أكلنا مع بعض الملح والطعام)، ومعناه أن الذي أكل داخل بيتك ومعك لو يكون غريباً فقد أصبح فرداً من العائلة وصديقاً لك.
الأصل والمعنى
وتتضارب الروايات حول أصول هذه العادة المتوارثة في الجزائر، حيث رجّح اختصاصيون في التراث أنها تعود إلى الحقبة العثمانية في البلاد (1518-1830) .
وأرجعها بعضهم إلى الأندلس، في حين اعتبر البعض الآخر أن أصلها غير معروف.
وقالت الباحثة في التراث فايزة رياش للأناضول إن “حق الملح عادة اجتماعية لا تقتصر على الجزائر فقط، بل مغاربية وتاريخ ظهورها بالضبط غير معروف”.
فيما رجّح الباحث والمختص في التراث إسماعيل علال أن “أصل عادة حق الملح أو حق الطعام، بحسب اختلاف التسمية من منطقة لأخرى بالجزائر، يعود إلى الحقبة العثمانية في البلاد”.
كسوة العيد
وأعربت المختصة في التراث سميرة أمبوعزة عن اعتقادها أن “حق الملح تقليد قديم وصل الجزائر والمغرب العربي عن طريق المشارقة الذي حلّوا بالأندلس”.
وقالت أمبوعزة إن “حق الملح مستمدة من عبارة (بيننا عيش وملح)، وهي عبارة مشرقية تعني العِشرة والمودة”.
مبادرة طيّبة
وترى خيرة مستور، وهي ربّة بيت وخرّيجة كلية الإعلام والاتصال بجامعة جيلالي اليابس بسيدي بلعباس (غرب)، أن “حق الملح مبادرة طيّبة من زوج يُقدّر زوجته أو ابن يُقدّر والدته أو أخ يُقدّر شقيقته”.
وأضافت مستور أن “حق الملح عادة تعكس الفكر الراقي للرجل الجزائري الذي يُكرّم المرأة نتيجة لجهودها في رمضان بهدية لا تكون بالضرورة باهظة الثمن”.
وختمت بأنه “من خلال هذه العادة يغرس الأزواج المحبة والتآخي وسط الأولاد، لكونها تقليداً حميداً يكرم المرأة ويتوارثه جيل بعد جيل”.