لماذا تراهن "غوغل" على المفاعلات النووية لإمداد الأنظمة الذكية؟
الشركات التكنولوجية العملاقة تدعم المشاريع الذرية لتلبية حاجاتها في شأن مواصلة التنافس في الآلات الذكية


نموذج تمثيلي عن معمل للطاقة النووية قدمته شركة "كاريوس" التي وقعت صفقة مع "غوغل" لبناء سبعة مفاعلات صغيرة في الولايات المتحدة لإمداد أنظمة الذكاء الاصطناعي بالكهرباء (غوغل)
ملخص
يعتمد تطور الذكاء الاصطناعي على مراكز البيانات الضخمة التي تستلزم إمدادها بكميات هائلة من الكهرباء على مدار الساعة. وتلتفت "غوغل" إلى الطاقة النووية لتلبية تلك الحاجة المتصاعدة.
أبدت شركة "غوغل" مساندتها لمشروع بناء سبعة مفاعلات نووية صغيرة في الولايات المتحدة، كي تنهض بإمدادات الكهرباء اللازمة للإيفاء بالحاجات المتصاعدة باطراد بفعل الذكاء الاصطناعي.
ومن مقرها في كاليفورنيا أوضحت الشركة يوم الإثنين الماضي أنها وقعت صفقة مع شركة صاعدة في مجال الطاقة الذرية هي "كاريوس باور" Kairos Power، لشراء خمسمئة ميغاواط/ساعة من الكهرباء التي ستنتجها منظومة من المفاعلات الجديدة، يتوقع أن تظهر بين عامي 2030 و2035.


ويشار إلى تلك الصفقة باسم "اتفاق شراء الطاقة"، وتهدف إلى تسريع تطوير تكنولوجيا جديدة في الطاقة النووية بطريقة تشبه تلك التي اتبعتها شركات التكنولوجيا في دعم انتشار طاقتي الرياح والشمس، خلال العقد الثاني من القرن الـ21.
وقبل ذلك وقعت شركتا "مايكروسوفت" و"أمازون" بالفعل على اتفاقات نووية في خضم مسارعتهما إلى ملاقاة حاجاتهما إلى الكهرباء التي تتنامى في ظل المنافسة ضمن سباق الذكاء الاصطناعي. وتتطلب أنظمة الأخير كميات هائلة من الطاقة مما يلقي بأعباء ضخمة قد تنوء بها الشبكة الكهربائية والبنية التحتية داخل الولايات المتحدة.
وتناولت "غوغل" ذلك الأمر ببيان جاء فيه أنها "منذ تولت الريادة في اتفاقات شراء الشركات لكهرباء المصادر المتجددة قبل نحو 10 أعوام، نهضت ’غوغل‘ بدور محوري في تسريع حلول الطاقة النظيفة، بما في ذلك الجيل المقبل من التقنيات المتقدمة فيها".
وأضافت "تقدم الحلول النووية مصادر نظيفة ومستمرة على مدار الساعة من شأنها أن تساعد بصورة موثوقة في ملاقاة الطلب على الكهرباء عبر طاقة خالية من الكربون، وخلال كل ساعة يومياً. إن المساعدة على تقدم تلك المصادر للطاقة وبالشراكة الوطيدة مع المجتمعات المحلية الداعمة لها، سيساعد على تسريع إزالة الكربون من شبكات الكهرباء في العالم كله". وأضافت الشركة أن الذكاء الاصطناعي "بات القوة التي تساند التقدم العلمي الأساس وتحسين الخدمات للشركات والمستهلكين، وتعزيز القدرة الوطنية التنافسية والنمو الاقتصادي".
وكذلك حاججت "غوغل" بأن الطاقة النووية "ستتيح تحرير كامل الإمكانات الكامنة لدى كل شخص، إلى حدودها القصوى".
وحالياً يستلزم بناء أنظمة الذكاء الاصطناعي وإدارتها كميات مكثفة من الطاقة والمياه، بصورة لا تُصدق. ووفق أحد التقديرات يستهلك كل سؤال يطرح على روبوت الدردشة "شات جي بي تي" مع تلقي إجابة عنه نحو 10 أضعاف الطاقة التي تستهلكها كل عملية بحث على محرك البحث "غوغل". وكذلك يتوقع أن تستنفد صناعة الذكاء الاصطناعي بمجملها كميات من الكهرباء تقارن بتلك التي ستسلكها دولة مثل هولندا في 2027.
وخلال يوليو (تموز) 2024 أفادت "غوغل" بأن انبعاثاتها من الغازات الدفيئة [المرتبطة بظاهرة الاحتباس الحراري]، بـ48 في المئة منذ عام 2019، وذهبت معظم تلك الطاقة إلى مراكز البيانات التي تستضيف الذكاء الاصطناعي.
واستكمالاً، تعد هذه الحاجة المستجدة مشكلة بالنسبة إلى شبكة الكهرباء الأميركية، مما دفع شركات التكنولوجيا إلى التحول صوب مصادر غير تقليدية للطاقة.
وخلال الشهر الماضي أعلن عن توقيع شركة "مايكروسوفت" صفقة تقضي بإعادة تشغيل محطة "ثري مايلز أيلاند" في بنسلفانيا. ويعرف عن ذلك المفاعل تعرضه لحادثة مشينة. [وقع انفجار في ذلك المفاعل بتاريخ الـ28 من مارس (آذار) 1979، ترافق مع انبعاث غازات مشعة وكميات من اليود المحمل بالأشعة. ويعد الأسوأ في تاريخ المفاعلات النووية الأميركية].
وكذلك اشترت شركة "أمازون" مركزاً جديداً للبيانات يتزود بالطاقة من مفاعل نووي آخر في ولاية "كيستون" Keystone [اسم آخر لولاية بنسلفانيا يشير إلى دورها المحوري في مسار الاستقلال الأميركي].
وفي ذلك الإطار، تخطط شركة "كاريوس" لبناء مجموعة من المفاعلات النووية الصغيرة التي قد تولد أقل من عشر المنشآت الكبرى، لكنها أسهل بما لا يقاس في عمليتي البناء والتشغيل. وبحسب "غوغل" تتميز تلك المفاعلات بأنها آمنة "بصورة متأصلة فيها" وتستخدم ملح الفلورايد المذاب كمصدر للتبريد، بدلاً من الاعتماد على الماء في تلك العملية.
ولم يعلن بعد عن الموقع أو المواقع المحددة التي ستنشأ فيها مفاعلات "كاريوس". ولم تفصح "غوغل" عن مقدار ما ستدفعه إلى تلك الشركة الناشئة أو موعد تسليم تلك الأموال لها.
وبغض النظر عن كل شيء فإن موافقة "غوغل" على شراء كمية معينة من الطاقة من "كاريوس" في المستقبل ستساعد الأخيرة على المضي قدماً في تطوير تقنياتها، التي سيجب عليها أيضاً الخوض في مسار معقد لنيل موافقة الحكومة عليها.