الإتقان هو سر النجاح: كيف تصلُون إلى قمّة التميّز في مجال تخصّصكم؟
في هذه المقالة الجديدة، سنتناول موضوعًا بالغ الأهمية لكل شخص يسعى للتميّز والتفوّق في مهنته أو حرفته أو أيّ مجال آخر.
إذا كنتم تطمحون للتميّز في مجال شغفكم أو تخصّصكم، فإنّكم بحاجة إلى سرٍ بسيط، ألا وهو: الإتقان.
في الحقيقة، لن تتميّزوا في أيّ مجال ما لم تُتقنوه جيّدًا وتُحيطوا بأدق تفاصيله وخباياه، فالسبيل الوحيد لتُصبحوا أسيادًا في مجالاتكم هو الإتقان ولا شيء غيره.
معنى الإتقان
غالبًا ما نسمع كلمة “إتقان” في بيئات العمل أو في الحياة اليوميّة، ولكن إذا سألتُم أولئك الذين يُرددونها ليلًا ونهارًا، فلن يمنحوكم تعريفًا شاملًا. إنّهم يعرفون الكلمة فقط، ولكنّهم لا يفهمون جوهرها يا للأسف.
الإتقان يعني القُدرة على أداء العمل بكفاءة عاليّة ودقّة مُتناهيّة في كلّ مرّة، مع مراعاة التفاصيل الدقيقة. إنّه السعي المُستمر نحو الكمال مُقارنةً بأقرانك أو مُنافسيك في المجال.
لماذا الإتقان مهم؟
إذا كُنتم أشخاصًا متقنين وتفهمون مجال عملكم جيّدًا، فإنّ الفُرص ستنهال عليكم دون انقطاع، وستُصبحون أفرادًا لا يُستغنى عنهم في مجالاتهم. فالناس بطبعهم يميلون للتعامل مع من يُقدّم لهم خِدْمَات مُتقنة كل مرة، ويثقون فيمن يُقدّم الجودة العالية باستمرار. إذن، فالإتقان هو أساس النجاح والتميّز في أيّ مهنة أو حرفة أو تخصّص.
على سبيل المثال، إذا سألتكم عن السيارة التي تُفضّلونها، فغالبًا ما ستختارون السيارة المُتقنة في تصميمها وأدائها. وإذا سألتكم عن كاتبكم المُفضل، فستختارون من يتطرّق إلى مواضيع تهمّكم، ويكتُب بأسلوب واضح ولُغة سليمة، والكاتب الذي يُركّز على الفكرة ولا يُطيل بلا فائدة.
الأمر نفسه ينطبق على كل مجالات الحياة، سواءً كانت فنيّة أو علميّة أو حتّى يومية؛ فالإتقان هو ما يجذب انتباه الآخرين ويترك أثرًا.
خطوات بناء مهارة الإتقان
بعد أن تعرّفنا إلى أهمية الإتقان، دعونا نشرح خُطوات بناء هذه المهارة:
التعلّم المُستمر
الخطوة الأولى: التعلّم المستمر.
لن تتقنوا أيّ مجال إذا اكتفيتم بالشهادات الأكاديمية أو الأساسيات النظرية.
إذا أردتم التميّز، فعليكم بالتعمّق في مجالاتكم، وقراءة المقالات، وحُضور وُرش العمل، وُمتابعة آخر المستجدات. فالفضول هو مُحرّك الإتقان، وعملية التعلّم لا تنتهي إلا بانتهاء الحياة.
الالتزام
الخطوة الثانية: الالتزام.
لا يُمكنكم إتقان أيّ شيء بين ليلة وضُحاها. ستحتاجون إلى وقت وجهد وطاقة.
لذا، ركّزوا على مجال واحد دون تشتّت؛ فعصفور في اليد خير من عشرة على الشجرة.
المُمارسة
الخطوة الثالثة: الممارسة.
القراءة وحدها لا تكفي. فيجب تطبيق ما تعلمتموه في الحياة الواقعية، حيث ستكتشفون ما يعمل وما لا يعمل. فالممارسة تُعزّز الفهم وتُرسّخ المعرفة في الذاكرة طويلة المدى.
الاستشارة
الخطوة الرابعة: الاستشارة.
اطلبوا تقييمًا من أهل الخبرة في مجالاتكم. فالنقد البنّاء هو الطريق لاستكمال عمليّة الإتقان، فبدُونه قد تظنون أنّكم تعرفون كل شيء، في حين قد تكون هناك جوانب خفيّة لا تُدركُونها.
كما يقول الشاعر أبو نُوَاس: “فَـقُـلْ لِـمَـنْ يَـدَّعِـي فِـي الْـعِـلْـمِ فَـلْـسَفَةً * حَـفِـظْـتَ شَـيْـئًـا وَغَـابَـتْ عَـنْـكَ أَشْـيَـاءُ”.
في النهاية، تذكروا أنّ الإتقان يحتاج إلى صبر ووقت طويل. وفقًا لما ذكره مالكوم جلادويل (بالإنجليزية: Malcolm Gladwell)، فإنّ الإنسان يحتاج إلى 10,000 ساعة لإتقان أيّ مجال. فالصبر هو العامل الأساسي للاستمرار في مُواجهة التحدّيات.
خُلاصة القول
باختصار، لكي تكونوا الأفضل في مجالاتكم، فعليكم تخصيص وقت للتعلّم والمُمارسة. وتذكروا أنّ التخصّص هو مفتاح النجاح.
ولا تقفزوا بين المجالات، وإلّا ستُضيّعون وقتكم كما فعلت أنا قبل أن استفيق، وستُواجهون الفشل في النهاية.
بعد إتقان الأساسيات، يأتي الإبداع، وبعد الإبداع ستُصبحون مرجعيّة في مجالكم، ليس في بلدكم فقط، بل في أنحاء العالم.
كما رأيتم في هذه المقالة، فالإتقان لا يتحقّق بين ليلة وضُحاها، بل هو نتاج جُهد مُستمر وصبر طويل. فاختاروا مجالاتكم وابدأوا من الْآنَ، فالوقت لا ينتظر أحدًا.