لنفترض الحكاية التالية: تقدم لها خاطب ولم تشأ أن توافق على الزواج منه. بعد ذلك خطب لها عمها أحد الشبان المقبلين على الزواج. كان شابًّا رائعًا بكل ما تعنيه الكلمة وفيه كل المواصفات التي تتمناها الزوجة!
التقى العمّ الشاب وقال له: أنت شابّ طيب، من طينتنا، وسمعتُ أنك تبحث عن زوجة فما رأيك في ابنة أخي؟ هي أيضًا ابنة مهذبة وجميلة ومتعلمة، فكر في الأمر وإذا وجدته مناسبًا سوف أخطبها لك.
بدت الحيرة على وجه الشابّ وصارت وجنتاه مثل لون الدم من الخجل ولم يعد قادرًا على الكلام، فهو للأمانة لم يتوقع أن يعرض عليه أحد الزواج بهذه الصراحة، ومن ناحية أخرى قال في نفسه كفى الله المؤمنين البحث الطويل عن شابة مناسبة، العائلة طيبة والبنت مناسبة والذهب القريب أفضل من الذهب البعيد وليس في الأمر حرج ديني. تمت الخطوبة وكتب الكتاب والزواج ومضت السنوات ما أسعدها.
ما المشكلة إذن؟ ربما الناس عندنا لم تعتد هذه الأساليب ليس إلا!
ألا يستفاد ضمنًا من قصة النبيّ موسى مع نبي الله شعيب عليهما السلام التي وردت في القرآن الكريم أن اختيار الأب البعل لابنته أمر مصيب لا مانع منه وليس معيبًا؟ فإذا وجد الأب شخصًا لائقًا جديرًا بالزواج، فله الحقّ أن يقترح عليه الزواج من ابنته، كما فعل شعيب مع موسى في شأن ابنته والزواج منها {قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَىٰ أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ ۖ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِندِكَ ۖ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ ۚ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ}.
كيف تزوج النبي محمد صلى الله عليه وآله من خديجة كما يروي التاريخ قصة الزواج؟ ثم إلى عهد غير بعيد جرى عند بعض العوائل في مجتمعنا تسمية فلانة لفلان منذ سنوات الطفولة. يشب فلان وتشب فلانة ويتزوجان على بركة الله. طبيعيّ جدًّا أن تكون الحالة السائدة هي أن يتقدم الرجل لخطبة المرأة إذ حتى في الغرب تتراوح نسبة النساء اللواتي يتقدمن لطلب الزواج من الرجل بين 1 و5% فقط لاعتبارات مفهمومة.
الأمثال تضرب ولا تقاس فهي لتوضيح الصورة وما يجري على فلان يجري على فلان مع الفارق. الحديث عن حالات خاصة حين يكون الرجل مناسبًا، فما المانع إذا أُعجبت المرأة بدين الرجل وخلقه وسلوكه وتعليمه وكانت الظروف مناسبة أن تبلغه هي أو أهلها رغبتها في الزواج عن طريق بعض أرحامه من النساء أو الرجال؟
أليس الموضوع لا يزال غريبًا جدًّا وحساسًا في مجتمعنا؟ بلدان ومجتمعات كثيرة لا تعد خطبة المرأة للزوج بدعًا من الأمر أو فيه عيب ولم يعد الرجل وحده من يطلب الزواج؛ أستراليا، والهند، وأوروبا وأمريكا وغيرها من المجتمعات.
أظنها فكرة تجد الكثير ممن يعارضها ومن لا يعارضها وكلّ لديه منطقه وحجته!