و نذكر لذلك مثلا وهو ان الذكر الشريف (( لا إله إلا الله محمد رسول )) اذا قاله احد من قلبه و باطمئنان من لبه وراح يعلم القلب هذا الذكر الشريف فيتعلم القلب الذكر و يتكلم به شيئا فشيئا حتى يتبع لسان القلب اللسان الظاهر فيكون القلب ذاكرا اولا ثم يتبعه اللسان الظاهر ويكون ذاكرا و الى هذا المعنى اشار الامام الصادق عليه السلام على ما في رواية مصباح الشريعة قال : (( فاجعل قلبك قبلة لسانك لا تحركه الا باشارة القلب وموافقة العقل و رضى الايمان ))
ففي الاول الامر مالم ينطق لسان القلب فلسالك طريق الاخره ان يعلمه النطق مع طمأنينة و سكون فاذا انفتح لسان القلب يكون قبلة للسان و لسائر الاعضاء
فإذا شرع القلب في الذكر تكون مدينة وجود الانسان باسرها ذاكرة
واما اذا قال هذا الذكر الشريف بلا سكون في القلب و لا طمأنينة منه مع عجله و الاضطراب و اختلال الحواس فلا يكون منه اي تاثير في القلب و لا يتجاوز حد اللسان و السمع الحيواني الظاهري الى الباطن و السمع الانساني و لا تتحقق حقيقته في الباطن و لا يصير صورة كماليه للقلب غير ممكنة الزوال
فان أصابته الاهوال و الشدائد و بالخصوص أهوال الموت و سكراته و شدائد نزع الروح الانساني فينسى الذكر بالمره و ينمحي الذكر الشريف عن صحيفة قلبه بل اسم الله سبحانه و تعالى
واسم الرسول الخاتم و الدين الشريف الاسلام و الكتاب المقدس الاسلامي و الائمة الهداة و سائر المعارف التي ما انهاها الى القلب فينساها كلها و عند السؤال في القبر لا يحير جوابا و التلقين ايضا لا يفيده لانه لايجد في نفسه من حقيقة الربوبيه و الرساله و سائر المعارف اثرا وما قاله بقلقلة لسانه وما حصلت له صورة في القلب قد انمحى من خاطره و لم يكن له نصيب من الشهادة بالربوبية و سائر المعارف
قال المحدث عظيم الشأن المجلسي في مرآه العقول في شرح الحديث الشريف : (( كنت سمعه و بصره )) ما حاصله ان من لم يصرف بصره و سمعه و سائر أعضائه في سبيل إطاعة الحق الله سبحانه و تعالى لم يكن له سمع و بصر روحاني وهذا السمع و البصر الملكي الجسماني لا ينتقل معه الى ذاك العالم و يكون الانسان في عالم القبر و القيامة بلا سمع و بصر و الميزان في السؤال و الجواب في القبر تلك الاعضاء ( انتهى ملخصا )
و الاحاديث الشريفه في هذا النحو من الطمأنينه و اثارها كثيرة ومن هذه الجهة امر بترتيل القران الشريف و في الحديث عن ابي عبد الله عليه السلام (( من نسي سورة من القرآن مثلت له في صورة حسنه و درجة رفيعه فاذا رآها قال من انت ما احسنك ليتك لي فتقول : أما تعرفني أنا سورة كذا و كذا لو لم تنسني لرفعتك الى هذا المكان ))
و في الحديث قال : (( من قرأالقرآن وهو شاب اختلط القران بدمه و لحمه ))
و السر في ذلك ان انشغال القلب و تكدره في ايام الشباب اقل لذا يتاثر القلب من القران اكثر و اسرع و يكون اثره ابقى وفي هذا الباب احاديث كثيرة نذكرها في باب القراءة ان شاء الله . و في الحديث الشريف : (( مامن شي احب الى الله عز وجل من عمل يداوم عليه وان قل )) ولعل سر العمدة فيه انه مع المداومة يكون العمل صورة باطنية للقلب كما ذكرنا
في بيان الحفاظ على العبادة من تصرف الشيطان
