من الأدبيات الشعبية إلى المجسّمات الفلكلورية وأساطير الأجداد، تتخذ «العين الشريرة»، أو كما نُطلق عليها فى مصر «عين الحسود»، موقعها التاريخى داخل موروثاتنا، وربما ما لا يعرفه كثيرون، أن هذا المعتقد أصبح رائجًا فى الفترة الأخيرة، عالميًا، وتوغّل أكثر إلى عالم الموضة والمشاهير كذلك.
وخلال العقد الماضى، ارتدت فنانة تليفزيون الواقع كيم كارديشيان، تميمة «العين الشريرة» فى أكثر من مناسبة، و فى 2017 شاهدنا إعلان عارضة الأزياء جيجى حديد، عن إطلاق خط أحذية حول ذات الموضوع. ويأتى هذا التأييد من نخب المجتمع لهذا المعتقد كعنصر لترويج «العين الشريرة» فى عالم الأزياء والإكسسوارات، ولا يدل هذا الرواج على حداثة المعتقد، لكن إذا عدنا إلى الوراء قليلًا بمقدار بضعة آلاف من السنين سنجد آثارًا له..
فى مصر الفرعونية، كان يتم حفر «عين حورس» فى قبور الفراعنة لحمايتهم من الشرور، وكذلك وجدت آثار لتلك العين فى تل براك فى سوريا، ويعتقد عودتها لما يقارب 3500 سنة قبل الميلاد. مع مثل هذا الاعتقاد المتشدد وواسع الانتشار بأن التحديق يحمل السلطة فى إحداث مصيبة كارثية فيما يعرف بالحسد، فإنه ليس من المستغرب أن يبحث الناس فى هذه الحضارات القديمة عن وسيلة لصدها، وهذا ما خلق تميمة «العين الشريرة».
وعلمت «أيقونة»، أن الدكتورة نيس ييلديران، أستاذة التاريخ بجامعة بهتشه شهير بإسطنبول، أكدت أن «أقدم نسخة من تمائم العين تعود إلى 3300 قبل الميلاد، وتم حفر التمائم فى تل براك، واحدة من أقدم المدن فى بلاد ما بين النهرين «سوريا الحديثة»، وكانوا على شكل بعض الأصنام المرمرية المجردة المصنوعة من عيون محنطة».
وتقول ييلديران: «ارتبط ظهور الخرزة الزرقاء المصنوعة من الزجاج فى جزر بحر إيجة وآسيا الصغرى بتطور صناعة الزجاج. أما اللون الأزرق فمصدره الطين المصرى المصقول».
خمسة وخميسة تراث شعبي وكان من عادة البيوت القديمة في مصر أن تعلق أمام الأبواب أو خلفه مباشرة بعد الدخول للمكان
الخرزة الزرقاء طرأ على استخدامها بعض التغيير على مدار آلاف السنين، لكننا ما زلنا نضع رمز الخرزة الزرقاء مثلما كان المصريون والإيتروسكانيون يرسمون العين على مقدمة السفينة لضمان مرورها بسلام، ولا يزال الأتراك يواظبون على إهداء المولود الجديد رمز العين الزرقاء، اعتقادا منهم أن الصغار أكثر عرضة للحسد.