من أين أتت ظاهرة قلب الكافِ شينًا للضمير المؤنث؟
الكَشْكَشَة، ظاهرة صوتية لغوية قديمة، ننطق بها في حديثنا اليومي في واحة القطيف العزيزة، ويُعنى بها قلب الكاف شينًا للضمير الأنثوي وهي ترجع لأصول عريقة وقد استخدمتها بعض قبائل العرب في الجاهلية، ومثالها في قولنا باللهجة المحلية للمرأة: كتابش وجهازش، بدلًا من كتابكِ وجهازكِ، ولا تنفرد واحة القطيف بهذه الظاهرة اللغوية، بل تشترك معها بلدان وشعوب أخرى في استخدام هذا الإبدال.
أبدأ بالتعريف بقِدَمَ وأصل هذه الظاهرة إذ قد ذكر سيبويه هذه الظاهرة وقال: «فأما أناس كثير من تميم وناس من أسد فإنهم يجعلون مكان الكاف للمؤنث الشين، أنهم أرادوا البيان في الوقف لأنها ساكنة في الوقف فأرادوا أن يفصلوا بين المذكر والمؤنث، وأرادوا التحقيق والتوكيد في الفصل لأنهم إذا فصلوا بين المذكر والمؤنث بحرف كان أقوى من أن يفصلوا بحركة». [1] ونطق بهذا الإبدال أيضًا قبيلة بني سعد وربيعة وبكر بن وائل وهي قبيلة استقرت بواحة القطيف في الزمن الماضي واستقرت معها في واحة القطيف أيضًا قبيلة تميم، ومن أمثلة الكشكشة أن أعرابية نادت جاريتها فقالت: «تعالَيْ إليَّ، موْلاشِ يناديش» أي: مولاك يناديك. [2]
ولهذه الظاهرة أمثال من شعر أهل الجاهلية منها:
يادار حُييت ومن ألم بِشْ
عهدي ومن يحلل بواديش يعشْ [3]
ومنها قول مجنون ليلى:
فعيْناشِ عيْناها وَجِيدُشِ جيدُهَا
ولونش إلا أنها غير عاطل [4]
ومن الشعر أيضًا قول أحدهم:
عَليَّ فيما أبتغي أبغيش
بيضاء تُرضِيني ولا تُرْضِيشِ
وتطَّبي وُدَّ بَنِي أبِيشِ
إذا دَنَوْتِ جَعَلَتْ تُنْئِيشِ
وإنْ نأَيْتِ جَعَلَتْ تُدْنيشِ
وإن تكلَّمْتِ حَثَثْ في فِيشِ
حتَّى تَنِقِّي كنقيق الدِّيشِ [5]
وأما عن من يستخدمها من غير أهل واحة القطيف فهي ظاهرة ينطق بها أيضًا منطقة عسير وفي اللهجات اليمنية فيقال في شعرهم: «ألا يا مرحبا بش وبهلش وبالجمل اللي رحل بش» [6] كما ينطق بهذه الظاهرة اللغوية أيضًا أهل منطقة نجران وشطر من أهل عُمان وشطر من أهل البحرين.
فالكشكشة ظاهرة لغوية صوتية قديمة اكتسبناها من عرب الجاهلية القدماء، وما زلنا نتحدث بها لليوم، ويَحسُنُ بنا المحافظة عليها وعلى لهجاتنا الموروثة لتبيان تنوعنا الثقافي الوافر وتبيان انتمائنا لواحتنا العزيزة.
الهوامش:
[1] اللهجات المحلية في الخليج، اللهجة في القطيف مثالاً 1، الكاتب: السيد شبر علوي القصاب، مجلة الواحة العدد 22.
[2] لهجات العرب، الصفحة 31، الكاتب: أحمد تيمور باشا.
[3] اللهجات المحلية في الخليج، اللهجة في القطيف مثالاً 1، الكاتب: السيد شبر علوي القصاب، مجلة الواحة العدد 22.
[4] لهجات العرب، الصفحة 31، الكاتب: أحمد تيمور باشا.
[5] نفس المصدر السابق.
[6] اللهجات المحلية في الخليج، اللهجة في القطيف مثالاً 1، الكاتب: السيد شبر علوي القصاب، مجلة الواحة العدد 22.