عواطف سيئة الحظأخطر ما يصل إليه الانسان ان يتخيل نفسه إلاهاً
وهذا ما تخيله قاضي محكمة الثورة في زمن (أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة) والمضحك ان الرسالة لم يفهمها احد ليوم الناس هذا.
لك ان تتخيل القاضي مجردا من منصبه
رجل في عقده الرابع متوسط الطول كث الشوراب ويمكن للمارة مشاهدة الصفار الطاغي على اسنانه واللزوجة التي لا تفارق شفتيه اللتان تميلان للزرقة ، اعتاد على قصة شعر قصيرة كونه يعتقد انها من دواعي الكاريزما ، وفي الاسفل من صدره يتكور كرش يفسد عليه المظهر المستوي ولكنه من دواعي النشاطات الليلية.
لم يكن يمتلك من الالفاظ الا "قال السيد الرئيس" ، "حفظ الله السيد الرئيس" والقليل من الترهات التي بينها.
ولكنه رُزِقَ صفة خطيرة لقد كان يحيي ويميت وهذا ما ساعده على اداء دور الآلهة والظاهر انه لم يرى الإثارة في منح الحياة فقرر سلبها على الدوام ، راقب ضحاياه عن كثب وهم يخضعون لحكمه طوعا وكراهية يا لها من هواية غريبة مشاهدة صعود الروح وخمود الانفاس ، سقوط الاجسام ثم انتفاضتها المحمومة ثم سكونها المطبق.
قبل هذا مشاهدة المحكومين وهم يتخيلون كل ما سوف يقاسونه لحظة النطق بالحكم ومراقبة سلوكهم حتى بوابةِ العالم الاخر.
مجاراة لغرابةِ زمان (يا محلة النصر بعون الله) شاءت الاقدار ان تمثل المتهمة عواطف الحمداني امام القاضي والمحير ان التهم لم تعد مهمة ما دامت في هكذا موقف فقد رفعت الاقلام وجفت الصحف.
لقد كان القاضي معجبا بنمرود حتى اللعنة ولكن خياله الخصب مكنه من التفوق عليه.
لمح طفلةً على ذراع عواطف فاقترح ان يتم اعدامها بمشنقة مناسبة كونها رضعت حليب امها المليء بالكره للحزب والثورة.
لا اعلم مصير الطفلة ولكن عواطف لم يحالفها الحظ مثل جدنا ابراهيم فقد شاهدت اعدام عشرات الرجال وكان زوجها احدهم قبل ان يتم اعدامها بواسطة الكرسي الكهربائي.
اتخيل ان نجاة الخليل بتلك الطريقة الغرائبية قد استنفذت رصيد العراقيين في الحياة.