كيف يمكن للأوبرا أن تكون مفتوحة للجميع؟
“لا ينبغي للأوبرا أن تستهدف جمهورًا واحدًا فقط، بل يجب أن تكون مفتوحة لاهتمامات العديد من الأشخاص المختلفين”، هذا ما قاله المايسترو أنطونيو بابانو، الذي يمثل بطولة فيلم وثائقي جديد يستكشف مهمة فتح هذا النوع الفني أمام الجميع، فهل يصبح عالم الأوبرا أكثر شمولاً؟
يشتهر بابانو بأنه شخص ودود ومحب للناس، ولكن هناك شيء واحد يجعله يغضب، وهو: عندما يسمع اتهام الأوبرا بأنها مخصصة فقط للنخبة الأثرية. يقول بحماس في الوثائقي ابجديد: “أشعر بالإهانة الشديدة من الناس الذين يقولون إننا نخبويون، هذا مفهوم خاطئ يشوه صورة الأوبرا تمامًا، والحقيقة هي أن حضور مباراة كرة قدم في لندن أصعب من دخول دار الأوبرا”.
تولى بابانو منصب مدير الموسيقى في دار الأوبرا الملكية عام 2002، وكان عمره حينها 42 عامًا، وكان أصغر قائد يقود أوركسترا ROH، وبعد حوالي 700 أوبرا – مع العديد من الإنتاجات من ذخيرة فرنسية وإيطالية؛ وجزء كبير من الأعمال الروسية والأعمال المعاصرة – أصبح بابانو موضوع برنامج “زمن التغيير”، الذي قدمته زينب بدوي، مذيعة سودانية بريطانية، وجزء من سلسلة وثائقية على هيئة الإذاعة البريطانية بعنوان “خذني إلى الأوبرا”.ويتتبع الوثائقي جذوره المتواضعة، كابن لوالدين مهاجرين جاءا من جنوب إيطاليا إلى المملكة المتحدة، وكانا يعملان بجد لكسب لقمة العيش، ونقلا إليه أخلاقيات العمل القوية التي يتمتعان بها، وتعلم كيف يعمل مع المطربين من والده مدرب الغناء، وازدهر كموهبة موسيقية في “شركة العائلة”.
ويستمر الفيلم في تتبع مسيرة مهنية تشمل مساعدة عازف البيانو الكلاسيكي دانييل بارينبويم، وصولاً إلى ذروة حديثة، حين قاد حفل تتويج الملك في مايو، والذي تضمن عزفًا منفردًا للباريتون الويلزي برين تيرفيل والسوبرانو الجنوب أفريقية بريتي يندي.أسعار تذاكر الأوبرا
ولكن التركيز الرئيسي للفيلم ينصب على مهمة بابانو في فتح أبواب الأوبرا أمام الجميع، ويقول: “لا ينبغي للأوبرا أن تلبي احتياجات جمهور واحد فقط، أو أن تركز على ركن واحد من ذخيرتها بل لا بد أن تكون مفتوحة أمام اهتمامات الناس”.
ورغم تأكيده على أن دار الأوبرا الملكية ككل دار أوبرا كبيرة، تريد استقطاب الجماهير الشابة، فإنه يعترف بأن الشباب لا يستطيعون تحمل تكاليف التذاكر الباهظة، مضيفًا: “صحيح أن أسعار تذاكر الأوبرا قد تبدو مرتفعة للغاية بحيث لا يمكن اعتبارها سوى رفاهية نادرة بالنسبة لمعظم الناس، وخاصة الشباب، ولكن قد تكون أسعار التذاكر مرتفعة عموماً لأن إنتاجها مكلف بشكل ملحوظ”.
ويستثمر بابانو في ضخ دماء جديدة في الأوبرا، من خلال برامج مثل عروض المدارس التي تقدمها دار الأوبرا الملكية، والتي تقدم للشباب تذاكر منخفضة التكلفة لحضور عروض الأوبرا، كما يمنح برنامج تنمية المواهب في الأوبرا للشباب الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 7 إلى 13 عامًا الفرصة لتجربة “التدريب الصارم على الموسيقى والدراما”.
ويقول توم فلويد، مدير الأوبرا في ROH: “نتأكد من وجود تنوع حقيقي في الخلفيات الاجتماعية والاقتصادية والأعراق، وتقسيم متساوٍ بين الجنسين”، مضيفًا أن معظم الشباب الذين ينضمون إليهم ينتمون إلى عائلات ربما لم تكن لديها أي خبرة حقيقية في الأوبرا.
وفي دار الأوبرا الوطنية الإنجليزية، ظلت الشركة وفية لجذورها المساواتية التي تعود إلى أواخر القرن التاسع عشر، عندما شارك المنتج المسرحي ليليان بايليس والمدير الموسيقي تشارلز كوري رؤيتهما باعتبارها مكانًا لـ”أوبرا الشعب”.
وتتضمن جهود دار الأوبرا الوطنية الإنجليزية في بيان مهمتها “الأوبرا للجميع”، أن الأوبرا؛ يحتوي موقعها على شخصيات رئيسية في المنظمة تشرح ماهية الأوبرا وكيف يتم صنعها؛ ويشير الموقع إلى كيفية إعادة تصورها بمهارة لإرضاء الجماهير، مثل La Traviata (التي تم عرضها في أكتوبر 2023)، بطرق جديدة مثيرة، إلى جانب أعمال جديدة جريئة، مثل 7 Deaths of Maria Callas، للفنانة الاستعراضية مارينا أبراموفيتش (عُرضت في نوفمبر 2023).
ويقول المتحدث باسم دار الأوبرا الوطنية كلتشر: “نحن نغني باللغة الإنجليزية لنكون في متناول أكبر عدد ممكن من الجمهور”، وتقدم الشركة تذاكر مجانية لمن هم دون سن 21 عامًا؛ وخصومات لمن هم دون سن 35 عامًا، وتذاكر تبدأ من 10 جنيهات إسترلينية للجميع؛ لذا، ليس من الغريب أن أكثر من نصف حجوزاتها في الموسم الماضي كانت من رواد الأوبرا لأول مرة.
وفي مقالة نشرتها صحيفة الجارديان، كتب الرئيس التنفيذي لـ ACE دارين هينلي: “يجب أن تتغير الأوبرا: إن جيلاً جديدًا يتبنى الأوبرا والموسيقى المقدمة بطرق جديدة: الأوبرا في مواقف السيارات، في الحانات، والأوبرا على جهازك اللوحي”، والحقيقة أن أغلب شركات الأوبرا ليست من المتهربين من العصر الرقمي؛ فهي موجودة على المنصات الرقمية الشهيرة، في حين تدعو علامة التصنيف #operaisopen جمهورًا جديدًا إلى النقر فوقها.
وقدمت خدمات البث – مثل Royal Opera Stream و Glyndebourne Encore – إنتاجات وأحداثًا، شعبية وباطنية، للوصول إلى جمهور أوسع، وهناك أيضًا أوبرا في السينما.
وفي ROH، كان موسم 2022/23 هو أكبر موسم سينمائي على الإطلاق، حيث عرضت أكثر من 1300 دار سينما حول العالم أو عرضت 13 إنتاجًا (أوبرا وباليه)، بما في ذلك Madam Butterfly و La Boheme و Aida، وتم عرض الأخير، الذي أقيم في مايو ويونيو 2023، بواسطة Pappano.
وتعد رعاية المواهب الشابة الواعدة – مثل السوبرانو ماساباني سيسيليا رانجواناشا – شغفًا كبيرًا بالنسبة لبابانو، وهو أيضًا نموذج يحتذى به لقادة الأوبرا الشباب، مثل أفيشكا إيديريسينجه، الذي يقول إن مشاهدته يتحدث على يوتيوب هو ما ألهمه لاستكشاف هذا النوع الفني.
رد مع اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سلا الليل
