الثقافة الموسيقية تساعد في بناء الهوية الثقافية للمجتمع
أثبتت الموسيقى أنها قوة مؤثرة في تشكيل العالم الذي نعيش فيه لما تلعبه من دور مهم في توحيد المجتمعات، فأجدادنا العرب الذين صنعوا مجد الموسيقى العربية كانوا فلاسفة وعلماء ومفكرين لا يتركون مجالاً من العلم والأدب والفن إلا كان لهم نصيب منه، لذلك أبدعوا وتألقوا، وقدموا إضافات كبيرة في مجال الفن الموسيقى، بالسياق التالي سيدتي التقت الباحث والخبير في علم الصوت والموسيقى عمر محمود ليحدثك عن الثقافة الموسيقية
الموسيقى جزء لا يتجزأ من الحضارة الإنسانية
الموسيقى لإيصال رسالة عالمية يفهمهما الجميع لا تحتاج لترجمة
يقول الباحث والخبير في علم الصوت والموسيقى عمر محمود لسيدتي: قديماً قيل إذا أردت أن تعرف حضارة أمة فاستمع لموسيقاها، ولاشك أن الموسيقى تتجاوز قوة قدرتها على الترفيه فقط، بل تتداخل مع الثقافات واللغات ومختلف السياقات الإنسانية، لإيصال رسالة عالمية، فالموسيقى جزء لا يتجزأ من الحضارة الإنسانية، فلقد واكبت الثقافة الموسيقية حياة الإنسان منذ وجوده على الأرض حتى يومنا هذا، فصقلت ذوقه ووسّعت مداركه وطهّرت نفسه، وساهمت في تحسين أدائه والاعتناء بالإخراج الصوتي للكلمات، وخلقت جوّاً تفاعلياً بين المتكلم والمستمع، والكلام المؤثر، وأثبتت الموسيقى أنها قوة مؤثرة في تشكيل العالم الذي نعيش فيه لما تلعبه من دور مهم في توحيد المجتمعات.
تعريف الثقافة الموسيقية
الثقافة الموسيقية هي المجموعة الشاملة للأساليب والأنماط والإيقاعات والآلات والتقنيات والتعابيرالموسيقية، وتشير أيضاً إلى الممارسات والمعتقدات والقيم والعادات الجماعية والتعاليم الموسيقية التي توارثتها الأجيال من الأباء والأجداد، والتقاليد والتعاليم المحيطة بالموسيقى داخل مجموعة أو مجتمع معين، وهي تشمل كيفية إنشاء الموسيقى وأدائها وتجربتها وفهمها، وتعمل بمثابة انعكاس للهوية الثقافية والديناميكيات الاجتماعية، ويتأثر انتقال وتطور الثقافة الموسيقية بشكل كبير، بالأسباب المعاصرة للانتشار الثقافي مثل العولمة والتقدم التكنولوجي والهجرة.
الثقافة الموسيقية تحتفظ بهوية متفردة
إن الموسيقى من الفنون المهمة والتي تلعب دوراً كبيراً في تنمية وتهذيب نفس الإنسان وترقية إحساسه بالجمال، وتتفاعل الثقافة الموسيقية مع بيئتها الاجتماعية والطبيعية، كما تتفاعل مع البيئة الواسعة، ومع التكنولوجيا والصناعة والأحداث السياسية الجارية، واتجاهات التعبير السائدة والثقافة الشائعة أو المناخ الفكري والفلسفي المسيطر والذي يشارك فيه صانعو الموسيقى بقية أفراد المجتمع، وبالرغم أن الثقافة الموسيقية يمكن أن تتفاعل أو تتداخل مع مجالات ثقافية أخرى في كثير من جوانبها وعناصرها في بعض المساحات، إلا أنها تحتفظ لنفسها بهوية مميزة، فهي تحتفظ بميزات وعناصر وعوامل تجعلها متفردة على كافة المستويات.
الثقافة الموسيقية وتأثيرها الواسع في المجتمع
فتاة تعزف على آلة التشيلو - الموسيقى تساعد في بناء الهوية الثقافية للمجتمعات
تؤثر الثقافة الموسيقية علي الثقافة العامة بشكل كبير، فهي تساعد في بناء الهوية الثقافية للمجتمع، بل وتمثل جزءاً كبيراً من التعبير الثقافي للشعوب وفئاته المختلفة، ومع ذلك يمكن أن يختلف تأثير الثقافة الموسيقية في المجتمعات المختلفة وفي مختلف الفئات حسب الثقافة والأعراف والتقاليد والقيم الإجتماعية والدينية، ويمتد تأثيرالثقافة الموسيقية ليشمل الاقتصاد والترفيه والفنون والشعر والأدب وفنون الرقص وجميع مجالات الثقافة المتعددة الأخرى، إلى جانب أن هذه الثقافة الموسيقية تسهم في تحقيق التعايش السلمي والتفاهم الثقافي بين مختلف الثقافات الأخرى، وقد عملت الموسيقى على بناء جسور تواصل تسد فجوة الاختلافات الثقافية من خلال تجاوزها اللغة وترجمتها للمشاعر، ولا ينحصر هدفها الرئيسي في كونها وسيلة للتسلية فقط، حيث أن لها القدرة على إحداث التغيير وتشجيع التطور لدى المستمعين، ولها أهمية مؤثرة في المجتمع، من خلال قدراتها العلاجية إلى قوتها في توحيد المجتمعات.
لماذا الحفاظ على الموسيقى أمر هام
تعد الموسيقى جزءاً لا يتجزأ من النسيج الثقافي، وتعكس تاريخ المنطقة وتقاليدها وقيمها من خلال تعليم الموسيقى، وهناك العديد من الأسباب التي تجعل الحفاظ على الموسيقى أمراً مهماً وهي:
- تعريف الأجيال الشابة على الأساليب والآلات الموسيقية، والإيقاعات التي تشتهر بها المنطقة، فيساعدهم هذا في تشكيل هويتهم الفردية بشكل أفضل، حيث يعد فهم جذور الفرد عاملاً رئيسياً في تكوين تصور دقيق عن نفسه، خاصة في مثل هذا التطور التكنولوجي الرهيب.
- الموسيقى جزء مهم من تراثنا الثقافي، لأنه يروي قصة ماضينا، وهو انعكاس لمجتمعنا وقيمنا، فمن خلال الحفاظ على تراثنا الموسيقي، نحافظ على جزء من ثقافتنا التي قد تضيع.
- الإلهام للأجيال القادمة، من خلال الحفاظ على تراثنا الموسيقي، فإننا نقدم مصدر إلهام للأجيال القادمة، فيمكن للموسيقيين الشباب التعلم من أنماط وتقنيات الماضي، والبناء عليهم للتطوير ولإنشاء ألوان جديدة ومتطورة.
- الحفاظ على التسجيلات التناظرية، يتم إجراء العديد من التسجيلات المبكرة للموسيقى على تنسيقات تمثيلية مثل سجلات الفينيل وأشرطة الكاسيت، فهذه التنسيقات عرضة للتدهور بمرورالوقت، ومن المهم أن نحافظ عليها قبل أن تضيع إلى الأبد وتختفي.
- من خلال الحفاظ على تراثنا الموسيقي، نحافظ على جزء مهم من ثقافتنا وتاريخنا، والأمر متروك لنا جميعاً للتأكد من أن إرثنا الموسيقي ينتقل إلى الأجيال القادمة.
- من خلال أخذ حصص الموسيقى وتعلم العزف على الآلات الموسيقية التقليدية، مثل العود، والقانون، والناي، لا يكتسب الأبناء مهارات تقنية فحسب، بل يكتسبون أيضاً وعياً بالجذور الثقافية والقصص المأخوذة من موسيقى المنطقة.
الاستماع للموسيقى يساعدك للتمتع بحياة سعيدة
الموسيقى جزءٌ لا يتجزأُ من حياتنا، فهي وسيلة للترفيه ووسلية للتخلص من مشاعر الحزن المتكدسة داخلنا، وهي غذاء الروح، وكانت الثقافة الموسيقية غنية قديماً، كانت تستخدم كأداة لبث السكينة وإضفاء الهدوء في عقول الذين يعانون من الإضرابات النفسية، وتعتبر تأليف الموسيقى والاستماع إليها تجربة مريحة للأعصاب وتشجع على التفكير والتطور، وتساعد برامج الموسيقى على تنمية الذكاء العاطفي والوعي الذاتي من خلال توفير متنفس للمشاعر، ويعد تعليم الموسيقى قناة للإثراء العاطفي حيث غالباً ما تحمل الموسيقى معاني عاطفية عميقة، وتنشط الموسيقى وتحسن من حالتنا المزاجية وتمنحنا شعوراً بالبهجة والسعادة، فقد تجعلنا الأغنية المناسبة في الوقت المناسب، نشعر بتحسن وترتفع معنوياتنا، حيث يتم إفراز الإندورفين، وهي المواد الكيميائية المسكنة للألم في الدماغ، استجابةً للموسيقى المبهجة، وقد يستفيد أيضاً أولئك الذين يعانون من الاكتئاب أو اضطرابات المزاج بشكل ما.