”فيديو“ الحاج آل كرم.. 50 عامًا من الكفاح وخدمة الفقراء
القطيف


• عمل خادمًا منزليًا مقابل 6 ريالات يوميًا لمساعدة والده الضرير.
• مارس الخطابة الحسينية، ومنعته الظروف من الالتحاق بالحوزة.
• التحق بخيرية القطيف منذ نشأتها، ورأس عددًا من لجانها.
• تبوأ منصبًا حيويًا في إحدى إدارات شركة أرامكو السعودية.
من عامل صغير في مطار الظهران مقابل 6 ريالات يوميًا، إلى مشروع طالب علوم دينية، وصولا إلى مشرف على عدد من أهم لجان جمعية القطيف الخيرية دعمًا للأيتام والفقراء، جملة محطات مثيرة عاشها الحاج عبد العلي آل كرم طيلة أكثر من 50 عامًا.
آل كرم، الذي خص ”صحيفة جهات الإخبارية“ بالحديث، استعرض أبرز محطات حياته الحافلة بالأعمال الخيرية. فهو من مواليد محافظة القطيف، وتحديدًا حي المياس المعروف، الذي ضم سوق الخميس الشهير لسنين طويلة قبل أن ينتقل السوق إلى موقعه الحالي.
أنهى الحاج آل كرم الدراسة الأولية «الابتدائية والمتوسطة» في مدارس القطيف، قبل أن يلتحق في وقت لاحق من حياته بالدراسة في الولايات المتحدة مبتعثًا من جهة عمله ”أرامكو السعودية“.
وأشار إلى أنه وخلال الإجازة الصيفية، وفي وقت مبكر من حياته، ارتبط بالحياة العملية نتيجة ضيق ذات اليد ولمساعدة والده الضرير. إذ عمل في مطار الظهران، في مبنى إدارة المطار وفي مطعم ”أبو الجدايل“ متعهد التغذية بالمطار، إضافة إلى عمله في بعض المنازل القريبة.
خادم منزلي
وبلا تحفظ، يذكر آل كرم أنه عمل بمهنة ”خادم“، وهو ما اصطلح عليه بالإنجليزية ”هاوس بوي“. فكان يؤدي بعض الأعمال البسيطة، من قبيل النقل والتحميل، أو حتى نشر الملابس، والاعتناء بالأطفال.
وكشف عن أحد المواقف التي صادفها حينها عندما كان يتحدث مع كابتن طائرة بلغة إنجليزية متواضعة، ويلبي بعض طلباته وطلبات أسرته. فاستدعاه أحد المسؤولين في المطار من الجنسية اليونانية، فظن آل كرم أن ثمة مخالفة صدرت منه قد تستدعي فصله من العمل. لكنه فوجئ بزيادة راتبه بمقدار نصف ريال لقاء حسن تعامله مع الطيار.
رفيق الدرب منذ الطفولة

وتحدث آل كرم مفصلًا عن علاقته بفضيلة الشيخ حسن الصفار، إذ قال إنه كان زميل دراسة له منذ الصفوف الابتدائية الأولى، كما كان مرافقًا له في تنقلاته للقراءة في المجالس الحسينية منذ دخول سماحته معترك الخطابة الحسينية وارتقاء المنبر.
وذات مرة، والكلام للحاج آل كرم، تقدم الشيخ الصفار من مدير المدرسة بطلب استئذان بالغياب طيلة عشرة أيام بغرض الذهاب إلى الأحساء لقراءة موسم عاشوراء. وبعد حوار قصير، وافق المدير، لكن الطلب لم يكتمل إذ أضاف على ذلك الطلب أن يوافق له على مرافقة زميل له. فحصل على الموافقة، وانتقل الاثنان «الحاج آل كرم والشيخ الصفار» إلى الأحساء.
وفي الأحساء، ارتقى آل كرم المنبر - كصانع - كما يصطلح عليه منبريًا، ليقرأ مقدمة المجلس للخطيب الرئيسي، وهو زميله الشيخ الصفار. وهنا أشار آل كرم إلى أنه في تلك الفترات كان يطمح لأن يكون طالب علوم دينية، لكن حالت الظروف دون ذلك.
الحسينية الحيدرية
وضمن حديثه عن الرحلة الأولى للأحساء رفقة الشيخ الصفار، قال إنه انبهر بحضور تجربة استقطاب الخطباء في الحسينية الحيدرية التي يشرف عليها الحاج علي بن طاهر القطان «رحمه الله». وكان يحضر فيها الخطباء الحسينيون وأرباب المجالس والمآتم في الأحساء على حد سواء، فيستعرض الخطباء قدراتهم الخطابية، وبعضهم من خارج البلاد «من العراق والبحرين»، ليتم بعدها الاتفاق بين الخطباء وأرباب المآتم على القراءة في مناطق الأحساء المختلفة، مثل الدالوة والقارة وغيرهما.

ولفت إلى أن الحسينية الحيدرية كانت بمثابة السكن له وللشيخ الصفار ولسائر الخطباء في تلك الفترة. وكانت أيضًا مضيفًا، إذ أن جملة من النذورات كانت تأتي للحسينية على هيئة وجبات مختلفة، والكل يتناول من بركة الإمام الحسين.
50 عامًا في العمل الخيري
وعن رحلته الطويلة في العمل الخيري، ذكر آل كرم أنه كان في بعض سني حياته ضمن التركيبة التي أسسها سماحة الشيخ علي المرهون «رحمه الله»، والتي تضم كلا من عمه رضي بن جواد آل كرم «أبو ميرزا»، والحاج مهدي الأسود، والشيخ صادق المرهون، والحاج جعفر الماجد «نائب رئيس بلدية القطيف حينها». وكان دور آل كرم ضمن هذه المجموعة هو مساعدة عمه في تحصيل المساعدات المادية والعينية للمحتاجين من أهالي المنطقة.
وفي العام 1973، التحق بجمعية القطيف الخيرية في مقرها الأول قرب الإمارة، ثم مقراتها المختلفة، وصولًا إلى مقرها الرئيسي الحالي في منطقة البحر. وكان أول رئيس للجمعية تعامل معه هو السيد محسن العوامي.
جمع التبرعات
وأوضح أن المهمة الأساسية التي كان يقوم بها - تحت مظلة الجمعية - هي الجباية المالية لدعم المحتاجين من الأسر والأفراد. وهذا يعني التنقل من منطقة لأخرى «في القطيف، ورحيمة، والجبيل، والخبر، والدمام... إلخ»، برفقة حقيبة ودفتر سندات. وكان يرافقه في هذه المهمة العم أبو ميرزا والمرحوم عادل إخوان.
واللافت للنظر أن الحاج آل كرم ما زال محتفظًا بتلك الحقيبة التي تجاوز عمرها حوالي 40 عامًا.
وأضاف أنه ضمن تطورات العمل التطوعي وتعقيدات الحاجة المجتمعية، التي لم تقتصر على الحاجة المادية، كان لابد من تشكيل لجان متخصصة ومختلفة لتلبية تلك الحاجات.
الوزير غازي القصيبي
وبحسب الحاج آل كرم، صارت في الجمعية لجان متخصصة، في طليعتها لجنة التأهيل والتدريب، والتي مهمتها مساعدة المواطنين والجهات المعنية على التواصل مع الشركات والمؤسسات لاستقطاب الكفاءات الوطنية طالبة العمل. حتى أنه تم توظيف 300 شاب في ليلة واحدة في حدث حضره معالي وزير العمل السابق الدكتور غازي القصيبي «رحمه الله». فحظيت المناسبة برعاية ودعم وتشجيع من معاليه.
ويؤكد آل كرم أن تأسيس لجنة التأهيل والتدريب هو خطوة سلكتها الجمعية لتكون ”مرتكزًا أساسيًا لإدارة الفقر بدلًا من رعايته“.
دار القرآن ومنازل الأيتام
ومن اللجان التي أشرف عليها أو شارك في تنفيذ فعالياتها هي لجنة دار القرآن، التي من نتاجاتها المجلس القرآني المشترك بين القطيف والدمام. وكذلك لجنة كافل اليتيم التي لا زال يرأس وحدة التعليم فيها. ومن إنجازاتها بناء وشراء وتحسين مساكن أسر الأيتام، وذلك ضمن آلية محددة، إذ يتم شراء 6 مساكن سنويًا في المعدل.
كانت تلك أهم محطات الرحلة الطويلة في العمل الخيري للحاج عبد العلي آل كرم، تلك الرحلة التي تجاوزت الخمسين عامًا حتى الآن. وما زال إلى اليوم يخوض غمارها بكل حماس ليبلغ قمة العطاء وهو في عقده السابع. متعه الله بالصحة والعافية.