فقط في جزيرة تاروت
تحتفل كل دول الخليج وبعض الدول العربية في أعراسهم بليلة الحناء حيث يحنون العروس وفي بعض المناطق يحنون المعرس أيضا، ولكن ليس هذا ما يميز جزيرتي العريقة، إنما يميزها عادات هذه الليلة الجميلة والتي تكون قبل مراسيم الزواج بليلة واحدة وتسمى ليلة الغسالة أو ليلة الحنة حيث يبدأون أهل العروس بعزيمة الأهل ونسوان الفريق والمعارف المقربين، ويقولون تسلم عليكم أم عبد الرؤوف الليلة تفضل على حنة العروس ترا مسويين ”برنجوش“..
و”البرنجوش“ طبق يطبخ خصيصا في هذه الليلة وفقط في جزيرة تاروت. بعض دول الخليج تسميه المحمر، لكن لا تطبخه في الأعراس، وهو عبارة عن رز مطبوخ بسكر مكرمل وزبده وهيل وزعفران وماء ورد - متخيلين الريحة؟ - ويقدم ساخنا مع سمك مقلي مبهر ومملح. والسمك أما صغير مثل الصافي والقرقفان أو كبير مثل الكنعد والشعري.
لعمل هذه الوجبة الخنينة الذيذة تجتمع نساء الحي والأهل ليتشاركوا في تنظيف/ تسفيط السمك وتبهيره وقليه. فقط الفنانات المختصات - مثل ة أمي الله يرحمها - تقوم بطبخ الرز البرنجوش.. لا زلت أسمع ضحكات النساء وأحاديثهن الجميلة وهم يقلون السمك وينشدون.. «احنا عرسنا والعرس لينا واللي يدلع لا يجي لينا».. «لوما دلالش ما تعنينا.. طابت خواطرنا وغنينا» «أكيد لحنتوها وانتون تقروها!!».
يطبخ بعض الرز الأبيض للأقلية التي لا تحب أكل البرنجوش. أما فتيات العائلة ففي وقت العصر يأخذون العروس لأحد العيون القريبة لبيت العروس، حتى يسبوحها وأكبر عين طبعا هي ”عين العودة“ في منطقة الديرة التاريخية فيقوم البنات والصاحبات بزف العروس للعين، وهم يغنون ويصفقون «يا ليلة الحنا يمحلاها ويلوق بالجفين حناها».
ثم تبدأ عملية التعذيب!! أقصد تفريك جسم العروس بليفة ما ترحم لغاية ما يصير جلدها مثل الرخامة، ثم يشعلون سعفه - لا تسألوني ليش لأني ما أعرف - وثم تدوس العروس على بيضة نية اعتقد لدرء الحسد والنحس. ثم يعودون إلى البيت بنفس الفرحة والبهجة استعدادا إلى ليلة الحناء. في المساء وقبل أن تبدأ مراسم الحناء يقدم البرنجوش للمعازيم مع صوت الزغاريد «الجباب». طعم السمك التاروتي الفريش مع رز البرنجوش تجربة لا تنسى أبدا فامتزاج الطعم المالح والحلو يعطيك طعم جديداً يبقى في فمك مدى الدهر.
بعدها تجلس العروس عل مرتبة - دوشق - في صالة البيت «الحوي» لابسه غطاء يسمى المشمر أخضر زري لمّاع ووجها مغطى بقطعة قماش أبيض حيث لا يسمح برؤية وجه العروس، وتبدأ الحناية بعملية رسم الحناء، وتنقش باستخدام العجين، ثم يفوح البخور وكل المعازيم دايخين من أكل البرنجوش ومرتفع عندهم هرمون السعادة ويغنون «حناش عجين يا تغريد حناش عجين وادا دخل عليش ولد خالتش لا تستحين».
أني طبخوا برنجوش في ليلة حنتي وغسالتي كانت في عين الغميري في العوامية وأنتون؟