"اتفلّگ ولا اتملّگ"
مقولةٌ طالما ردَّدها جدي الأكبر وورثوها منه أولاده وأحفاده حتى صارت قاعدة في حياتنا اليومية رغم أني لا أعرف الأصل وراءها ولكنّي شممتُ فيها العناد والإصرار والعز وعدم قبول المهانة..
في يومٍ من الأيام قبل عامٍ ونيِّف كنّا قد شاركنا في جلسة شعرية تفجّرت فيها براكين غضبنا وصببنا جام الغضب على الأنظمة الفاسدة بأشعارٍ ساخرة هجائية
في اليوم التالي تلقّيتُ اتصالاً مجهولاً في وضح النهار أجبتُ فقال الشخص من وراء الهاتف
"فلان بن علّان احضر الى كذا مكان فوراً وإلّا ستقتحم قوّات الأمن منزلك"
أجبتهُ بأن لا داعي لذلك وسأحضر في المكان المنشود
وفعلاً لم تنقضي دقائق حتّى انطلقتُ اليهم لمحتُ سيارة شخصية قد ترجّل منها شخصين منتظرين قدومي فور أن صرتُ قريباً منهم لمحتُ بطرفي مقبضيْ مسدسين بارزين من حزاميهما بينما كانت هياكلهم تشبه المجالدين لكلٍّ منهم شاربٌ ضخم يكاد يغطّي نصف وجهه ارتسمت على وجهي ابتسامة بمجرّد أن رأيت الشاربين
فقال الأول بنبرةٍ شديدة
"علام تضحك"
أجبتهُ :
"شاربك ضخم لدرجة تستطيع أن تظفره الى الخلف بشعر رأسك"
تلقّيتُ صفعة على هذي الملاحظة الساخرة كانت كنوع من التجاوب
خروج سريع عن النص :
دائماً ما يلوموني الناس(الأقارب) على سخريتي التي طالما قالوا عنها "قد تكلّفك حياتك" ولكنّي أحبُّ هذي السخرية عندما يكون طرفي المقابل أحمقاً فعندما يقابلني بالبندقية أقابلهُ بالسخرية إذ ليس لديّ سلاحٌ أستحقرُ فيه الشخص المقابل ماعداها.
المهم :
قال لي أنّي حرضتُ بقصيدة كذا في المجلس الفلاني وأنّ هذا نوع من أنواع الفتنة والفتنة أشدُّ من القتل والقاتلُ يُقتل الى آخرهِ
ثمّ ببجاحة وثقةٍ عمياء نبسَ قائلاً
قل أنّي عبدك وأنّي طوع أمرك ثمّ قبل يدينا وأطلب منا الصفح ويمينُ الله سندعك وشأنك!"
فور أن سمعتُ كلماته
دخلَت خلايا عقلي في صراعٍ شديد مع بعضها بين أن تأبى أو أن تخضع
حينها طرأت على بالي مقولة جدي الأكبر
"اتفلگ ولا اتملگ"
فقلتُ في وجهه بجسارة
افعلوا ما شئتم "اتفلّگ ولا اتملگ"
الختام :
المهم تفلّگت ولكن ما تملگت رغم أنّي تعنّيت كثيراً في تلك الأيام
وقلتُ قصيدة في غرفة التعذيب لا أذكر منها سوى ثلاثة أبيات
..
دعوني أموتُ فقد أعطيتُ ماعندي
لائي وإباءِ وأوصالُ جِلدي
ولن تنالوا الآهَ من لساني أبداً
فواصلوا يا أهل النجاسةِ جَلدي
فلا اللّكزات ولا الركلاتُ توجعُني
أنا طبعي جبلٌ والصبرُ غِمدي