طَبَّاق يُطبُق عليك!
جملة "طَبَّاق يُطبُق عليك" أو كلمة "طَبَّاق" لوحدها، هي دَعوَة شَرٍّ دارجة في لهجة أهل محافظة القطيف، وقد تكون الثانية أيضًا كلمةً تقال عند الاستياء، ولا يعلم أغلب قائليها من أبناء اليوم وحتى بعض أهل الأجيال الأقدم معناها الحقيقي، الذي يتصل بمرض قاتل انتشر في الخمسينيات والستينيات الميلادية من القرن الماضي، والذي أنهى حياة كثير من أبناء محافظة أهل القطيف.
فالطَبَّاقْ هو مسمى لعدة أمراض يصاب منها الإنسان قديمًا، كالحَقَارِيْص والزْرُوْرْ، بسبب الأسمدة البشرية التي كانت تستخدم للزرع في الزمن الماضي -وأحد أمراض الطبّاق هو حمى التيفوئيد- وتكون هذه الأمراض مركبة، أي مرضان أو ثلاثة في آن واحد يصاب بها المريض، فهي عدة أمراض تُطْبِق على جسد المريض فَمِن هذا الإطباق أٌخذت كلمة طَبَّاق، أما عن مرض الزرور أيضًا يرتبط بدعوة شر تكون ردًا مثلًا على فعل غير لائق من ولد، فترد عليه والدته بهذه الدعوة "وِزْرُوْرْ".
الطبَّاق هو مرض من عدة أمراض فتكت بأهل محافظة القطيف سابقًا، والتي منها الإنفلونزا الإسبانية الذي انتشر سنة 1337هـ، وسُميت سنة انتشاره بسنة الرحمة، لكثرة الترحم على الأموات فيها، وقد ذكر المرحوم عبدالله بن محمد بن أحمد المدن أنهم كانوا يتلقون يوميًا حالات الوفاة، ولربما تصل لأربع حالات وفاة في اليوم الواحد في مقبرة الجارودية، إذ كان هو حفارًا للقبور فيها، ويذكر أيضًا أنه أقام هو وحفاري القبور في وقت انتشار المرض في المقبرة نفسها وكان يبات فيها.
أما عن باقي الأمراض التي فتكت بالمحافظة، فمنها الطاعون والذي يسمى أيضًا الطاعون الأسود، والذي جاء به ستة هنود والذين توفوا بسببه (1) وقد نشأت دَعوَة جرت على الألسن أيضًا في اللهجة القطيفية، وهي "طاعون يطعنك" وكتبت عن الطاعون في القطيف، المعتمدية السياسية البريطانية في البحرين عام 1907م و1908م الآتي: "ضرب الطاعون البحرين بين 19 ابريل و4 يوليو 1907، وقد جاء الوباء كالعادة من الهند. ونتيجة ذلك هاجر العديد من شيعة البحرين الى القطيف في خريف 1907، وربما نقلوا معهم المرض." (2) وكتبت المعتمدية أيضًا في عام 1909م الآتي (3): "ضرب الطاعون البحرين عام 1909 بشكل خفيف مدة 47 يوماً في شهر مايو، كما انتشر مرض الملاريا. تضاعف عدد الذين دخلوا المستشفى وبينهم أناس من قطر والقطيف (المستشفى بالمنامة هو VICTORIA MEMORIAL HOSPITAL."
ومن الأمراض التي انتشرت الملاريا، الذي عملت له شركة أرامكو دراسة استقصائية في العام 1948م وتبين تفشيه الهائل، إذ أن معظم الأطفال الرضع جاءت نتيجتهم إيجابية مشيرة إلى حملهم المرض، فعملت على حملة مكافحة الملاريا الذي وظفت فيه كثيرًا من أبناء محافظة القطيف، ثم جاءت سنة 1957م ببشرى خلو الأطفال الرضع من المرض. (4)
ومن الأمراض الكوليرا، الذي كتبت عنه المعتمدية السياسية البريطانية في البحرين عام 1893م و1894م الآتي: "ظهرت الكوليرا في البحرين في يوليو 1893، ثم انتشرت بشدة، كان عدد المتوفين يومياً يصل الى 150 شخصاً. وفي نهاية أغسطس 1893 تمت السيطرة على الوباء أو توقف يعد أن راح ضحيته نحو سبعة آلاف شخص. يحتمل ان يكون الرقم مبالغ فيه. أيضاً انتشر وباء الكوليرا في القطيف، واستمرّ مدّة شهر (بين يوليو وأغسطس 1893). معدل الوفيات كان 10 ـ 15 شخصاً يومياً، ووصل في بعض الأحيان الى 50 ـ 60 شخصاً يوميا" (5) وكتبت المعتمدية أيضًا عام 1911م – 1914م الآتي (6):
"(العام 1911)
لا يعتبر الوضع الصحي في موانيء الخليج مرضياً بسبب الأمراض الوبائية.
فبوشهر أصابها الطاعون (ابريل ـ يوليو) وتوفي 97 شخصاً.
والبحرين أصابها الطاعون (من أول مايو حتى نهاية يوليو) وقتل الوباء 1895 شخصاً. ثم ما لبث أن أصابها الكوليرا (نهاية نوفمبر ـ نهاية ديسمبر) وقتل 265 شخصاً.
وقتل الطاعون في دبي 2000 شخصاً بين مايو ويوليو.
وضربت الكوليرا المحمرة وعبادان وفيلية فقتلت 209 شخصاً(نهاية يونيو ـ منتصف نوفمبر).
كما وصلت الكوليرا إلى البصرة وموانيء تركية / عثمانية أخرى كالقطيف ودارين وقد أعاقت حركة المتصرف الذي كان حينها يخطط لزيارة ميناء العقير وقصر الصبيح (الجبيل)، كما أصاب الوباء عربستان، ومقاطعة أهواز وشوشتر ودزفول ورام هرمز.
أيضاً فإن البحرين أصابتها الكوليرا في عامي 1909 و 1910.
* المبشر الدكتور س. م. زويمر كان في البحرين عام 1911، وزار القطيف في نفس العام وكذلك العقير وبندر لنجه وبغداد.
(العام 1914)
من التبشيرية الأميركية في البحرين، قام الدكتور هاريسون بعدّة زيارات الى القطيف وكان يرافقه فيها السيد والسيدة فان برسم ."
ومن الأمراض الجدري، الذي كتبت عنه المعتمدية السياسية البريطانية في البحرين عام 1891م و1892م الآتي: " الإسهال والإنفلونزا قتلا الكثير من البشر خلال العام في الأحساء. أما القطيف فقد ظهر فيها الجدري". (7) ومن الأمراض الحصبة والتراخوما والسعال الديكي والسل والأمراض المعوية وأمراض الحصى في الكلى.
(1) التبشير والتطبيب في مذكرات المبشرة الأميركية شريفة، زيارة الممرضة كورنيليا الى القطيف 1923 ملاحظات حول نشاط المبشّرين الطبّي في الأحساء والقطيف. مجلة الواحة، العدد (1).
(2) مقتطفات عن الأمراض الوبائية، حول السِجل الصحّي للمنطقة الشرقية. مجلة الواحة، العدد (1).
(3) نفس المصدر السابق.
(4) [1] سنوات الملاريا.. "الأنثى الشرّيرة" تغزو القطيف في موجتين، الكاتب: سالم الأصيل، صحيفة صبرة.
(5) مقتطفات عن الأمراض الوبائية، حول السِجل الصحّي للمنطقة الشرقية. مجلة الواحة، العدد (1).
(6) نفس المصدر السابق.
(7) نفس المصدر السابق.