ظلت «عصا المشى» على مدار التاريخ، مُحتفظة بمكانة خاصة بين الرجال والنساء. ارتبطت فى الأدب الحديث، بتوفيق الحكيم ونجيب محفوظ والعقاد، كما ظلت رفيقا لـ شارلي شابلن. ووصلت مكانتها إلى أنها تحكى من شكلها، عن ثروة الشخص الذى يحملها ومكانته الاجتماعية، حتى اتخذتها مؤسسات رمزًا لها.
من الرعى والسفر إلى هدايا الملوك
أشكال متعددة من تاريخ صناعة عصا المشى
استخدم الناس، عبر حضارات متعددة العصى كأداة ضرورية للراعى والمسافر. وكانت تتميز بكبر الحجم وثقل الوزن، لأنها كانت تستخدم كسلاح يحملها الراعى لحماية الحيوانات، أو يستخدمها المسافر فى الطرق الوعرة.وتوسع استخدام عصىَ المشى، كقطعة تزين مظهر الرجال، وتوضح مكانة الأفراد فى المجتمع. فكان لدى الرجال العديد من العصىّ، لاستخدامها فى مناسبات مختلفة – فى المكتب، والخروج فى المساء، وفى عطلات نهاية الأسبوع.
بالرجوع إلى الحضارات القديمة، كان الحكام يحملون أشكالا مختلفة من عصىّ المشى، وكان يستخدمها أيضا كبار الموظفين. فالحضارة المصرية القديمة، شهدت استخدام حكام مصر الفرعونية وكبار الموظفين، لـ عصا المشى، التى كانت تعلوها رأس مزخرفة على شكل زهرة اللوتس، والتى كانت رمزًا للحياة الطويلة. والحضارة اليونانية القديمة لم تختلف كثيرا عن تلك المظاهر، فقد كان يتم زخرفتها، برؤوس الآلهة اليونانية القديمة. وكان يتم نقشها على مقبض العصا بشكل رائع. وكانت العصىّ يتم صناعتها من العاج وخشب الأبنوس وغيرها من الأخشاب القيمة.
وفى العصر الحديث، حمل الرؤساء الأمريكيون فى كثير من الأحيان عصا المشى، وتلقوها كهدايا أيضا. أشهرهم كانت تخص جورج واشنطن، أول رئيس أمريكى، ومن بعده، يوليسيس جرانت، وأيضا ووارن جى هاردينج.رمز المكفوفين.. وإكسسوار النساء
دقة تصميم عصا المشى ودقة التفاصل
تاريخيا، تعود عصىَ المشى إلى العصور القديمة، فيشير الكتاب المقدس إلى العديد من الإشارات إليها، كرمز للعمل والحكمة. ولكن اتخذت العصىَ مفهوما آخر، عندما قام بصناعتها «جيمس بيغز»، من «بريستول» فى عام 1921، بعد أن فقد بصره، وكان يشعر بالتهديد المستمر أثناء عبوره الشارع. فكانت العصا هنا بمثابة أداة للاستقلال، عن أى مساعدة من الغير. وأيضا رمزا للأفراد المكفوفين.
لم يختف استخدام عصىَ المشى عن النساء أيضًا. ففى القرن الحادى عشر، بفرنسا، حملت النساء عصا نحيلة التصميم، مصنوعة من خشب التفاح، خاصة مع ظهور موضة حمل النساء للعصىَ، مع مارى أنطوانيت.
كانت النساء فى فرنسا تهتم باقتناء عصىَ المشى والتى كانت جزءا فى تحركاتهن خارج المنزل
فى القرن الخامس عشر، كانت العصىّ من الإكسسوارات الملكية المهمة. استخدم هنرى الثامن، عصا ترمز إلى القوة الملكية البريطانية. بينما فى القرن السابع عشر، أصبحت العصىّ من الأشياء المألوف أن يحملها الرجال، كجزء من ملابسهم اليومية.
وبدأت تدخل العصا إلى عالم الفنون، وبدأ يتم تصويرها فى اللوحات الفنية، فأصبحت عصا المشى من الملحقات المعترف بها على نطاق واسع من الأناقة والوضع الاجتماعى، فى القرنين السادس عشر والسابع عشر.
كانت عصا المشى تتميز بتصميمات جذابة من الفضة وأحيانا كثيرة من الذهب
غرائب حول تاريخ عصا المشى
فى عام 1702، طُلب من رجال لندن الحصول على ترخيص لحمل عصىَ المشى. فقد كان استخدامها بمثابة امتياز، وكان على السادة الالتزام بقواعد خاصة للآداب تحكم استخدام عصا المشى، بما فى ذلك أين وكيفية حملها. بل وصل الأمر إلى أن السلطات فى لندن، كانت تستخرج رخصة لحمل تلك العصىّ، وكانت لتلك الرخصة شروط منها:
- السماح لحامل العصا، عند سيره فى شوارع لندن أو فى أى مكان، أن يحافظ على المسافة بين العصا ومن يسير أمامه.
- وأن لا يستخدمها فى أى أمور تتعلق بالسرقة أو التحرش.
- أيضا الالتزام بعدم وضع العصا تحت ذراعيه أثناء السير.
- الالتزام بعدم بتلوينها، فى غير المكان المخصص لمثل هذه الأعمال.
وفى حالة قيام الشخص بعدم الالتزام بالضوابط، يتم مصادرتها منه.
وخلال القرن الثامن عشر، اكتسبت عصىَ المشى قبولاً أوسع. حيث تم استخدام عصىّ متواضعة بين العامة من الناس، فى حين أن الطبقة الأرستقراطية، اختاروا المشى بعصىّ فى غاية الأناقة، وكانت بالطبع عالية التكلفة.
وشهدت نهاية القرن التاسع عشر، انخفاضا فى أشكال إنتاج عصىَ المشى. وبالرغم من أن تلك الفترة شهدت عصىّ مشى جميلة، إلا أن الزخارف المتقنة كانت تستخدم غالبًا لتعويض النقص فى الشكل العام. وفى السنوات الأولى من القرن العشرين، ساعد الإنتاج الضخم من العصىَ، فى جعلها غير مكلفة ومتاحة للجماهير، فلم تعد مقتصرة على فئة معينة.
تصميمات خاصة
أشكال مختلفة ومميزة لعشاق عصا المشى
فى أغلب الأحيان، تم تصميم مثل هذه الأشكال الرائعة بشكل فائق الروعة، لعرضها فى السوق التجارية من أجل جذب فئة المشترين المتميزين بالذوق العالى الرفيع. فشهدت تلك الفترة طلبات خاصة من عشاق عصىَ المشى من الأثرياء، بتصميم مزخرف وفق احتياجاتهم الخاصة.
كان لظهور السيارات ووسائل النقل العام الحديثة، تأثير كبير فى إطفاء اللوعة بإقتناء عصىَ المشى، فأصبحت فائدتها وأهميتها تقل عن السابق، واقتصرت فقط على كبار السن أو أصحاب الإعاقات.
من الفضة والمعدن والعاج، كانت رأس عصا المشى يتم الاهتمام بتصميمها لتكون أشبه بالعمل الفنى الرائع
وفى أواخر القرن العشرين، بدأ مصنعو السلع الترفيهية فى بيع عصىّ المشى، لتخدم الرحلات التى يقوم بها متسلقو الجبال والتزحلق على الجليد، ومختلف الرحلات الأخرى. فشهدت عصا المشى طفرة فى التصنيع من الألومنيوم والألياف عالية التقنية، مع آليات معقدة لصد الصدمات، وللمساعدة فى الحفاظ على التوازن