ما الذي يجعل البعض منا علامة تميز وتفرد عن الغير؟
قبل كل شيء، لعل البعض يدرك قوة الحضور والعثور على التميز والمتميزين وسط انشغال الحياة هنا وهناك. لهذا السبب أردت أن أتوقف لحظة تذكير وتحضير للبعض بأهمية تقدير هكذا نوع من الأشخاص المتميزة التي ستحدد التعرف الشخصي للنجاح والفشل! حيث قيمة تميز البعض منا ليست نتاج موهبتنا أو ذكائنا أو مقدار ما أنجزناه أو حتى مظهرنا. لقد ولد البعض منا جديرين، وقيمتنا في التميز متشابكة مع كياننا ذاته. وبالتالي يتم تعزيز مفهومنا لتميزنا الذاتي من خلال تقدير أنفسنا، في كل مرة نسعى فيها إلى تحديد حدودنا الشخصية، لنكون سباقين في رؤية تلبية احتياجاتنا، فإننا نعبر عن اعترافنا مجازًا بقيمة تميزنا الشخصي وقبول أنفسنا دون تردد! والذي يتيح لنا أن نكون سعداء وواثقين حيث لا يعتمد تميز البعض على التوقعات، ولربما نرى أخطاءنا واخفاقاتنا على أنها مجرد جزء آخر من رحلة الحياة.
الكثير يدرك أن معظم الناس لديهم طرقهم الخاصة في الوجود والتواجد في الحياة. ومن الأسهل فهم هذه الحقيقة الحتمية والعميقة عندما يؤخذ في الاعتبار أن كل شخص في هذه الدنيا يشغل دورًا مميزًا بما أراد لنفسه أن يكون معروفًا في الكون. نحن جميعًا ننشأ في بيئات مختلفة ونعيش في ظروفًا متباينة، ونتأثر بمجموعة فريدة من المؤثرات. غالبًا ترتبط المواقف والظروف والقيم والمبادئ التي نعتنقها ارتباطًا وثيقًا بأصولنا وببيئتنا. والحاجة إلى إضفاء الطابع الفردي على تجاربنا العميقة والمريرة أعده أمرًا غريزيًا وفطريًا ليس إلا. حيث القيام بذلك يمكننا من التغلب على التحديات والعوائق، عندما ينبغي علينا مواجهة تلك التحديات بمفردنا.
لعل تجاربنا تلون وتحدد كل شيء. ويمكن أن يكون لأحداث الماضي تأثير عميق على كيفية رؤيتنا لحياتنا الآن وما نختار تصديقه حول عالمنا. تجاربنا الماضية يمكن أن تؤثر أيضًا على ردود أفعالنا الشخصية واستجاباتنا للأحداث الحالية. حيث يتفاعل كل واحد منا مع التحفيز بناءً على ما تعلمناه في الحياة. ليس هناك صواب أو خطأ في ذلك، إنها ببساطة نتيجة للتجربة الماضية التي من خلالها يمر البعض منا. ولاحقًا، عندما تنتهي مشاعرنا القوية، قد نتفاجأ بتميزنا وتفردنا! ونحن بعض البشر نشبه إلى حد كبير قطرات الماء في محيط عميق لا نهاية له. وإن قيمتنا الذاتية كبشر تأتي من دورنا كأفراد متميزين بطريقة أو بأخرى، وكذلك من دورنا كجزء لا يتجزأ من شيء أكبر من أنفسنا وإنسانيتنا. ونتيجة لذلك، كل واحد منا له بعض القرارات والآراء الفريدة الخاصًة به. وإن التفاعل بشكل سلمي وإيجابي وهادف مع الغير من جميع نواحي الحياة هو مسألة فهم وإدراك حتمي. ومن ثم يمكننا تعديل توقعاتنا بحيث نتجنب وضع افتراضات مجازية لا مبرر لها حول هذا الأمر.
مجرد الاستيقاظ على هذا المفهوم يمكن أن يساعدنا على إعادة اكتشاف القيمة العميقة والمدهشة داخل كل واحد منا. حيث الغالبية من الناس مختلفون تمامًا عن البعض، والوصول إلى نقطة معينة يتم فيها القبول بالتميز والتفرد والاختلاف دون خلاف يمكن أن يجعل الطريق أسهل للوصول للهدف المنشود أيًا كان نوعه. في مواجهة الصراعات والاصطدامات الناشئة بين الأشخاص، من السهل الافتراض أن الآخرين متشددين أو متمردين أو حتى غير عقلانيين. ونحن عرضة للإحباط عندما لا يشاركنا البعض في مجتمعنا بآرائنا أو قد يشعر بأنه ملزم أو مضطر إلى دعمنا ومشاركتنا في مساعينا وجهودنا.
من المحتمل أن الشخص أو الأشخاص الذين أمامنا قد يمتلكون ببساطة مفاهيم مختلفة فيما يتعلق بما هو مهم وما هو غير ضروري في هذه الحياة. ويمكننا أن نخفف من حدة التوتر القائم بيننا، من خلال إعادة تأكيد إيماننا بالحق الأساسي لجميع البشر في تقرير مصائرها وبممارسة سلوكياتها ولتعزيز علاقة متناغمة ومتلائمة، نحتاج إلى بذل قصارى جهدنا للتواصل مع الأشخاص الفريدة المميزة. وعندما نكتشف ما الذي يجعلهم مميزين، تتعزز قدرتنا على إيجاد نمط من التفاعل يرضي كلًا منا.
عندما تكون هناك عوائق تمنعنا من التواصل مع شخص آخر، علينا أن نفكر في بعض الاستفسارات التي يمكننا طرحها عليه، للحصول على فهم أكثر شمولًا لوجهة نظره. قد نكتشف أنه بالإضافة إلى الاختلافات في وجهات النظر التي تختلف فيما بيننا فإن البعض منا عرضة لفقد وانعدام الثقة والأمان والشؤون الشخصية الأخرى التي تؤثر على طريقتهم في رؤية العالم.
من المحتمل أننا لن نتمكن أبدًا من فهم وتجاوز التعقيدات والصعوبات، التي لا تعد ولا تحصى والتي تجسدها الإنسانية بشكل كامل ولكن يمكننا قطع درب طويل نحو تشجيع العلاقات الطيبة المتبادلة من خلال التواصل مع الآخرين بروح التفاهم والتعاطف والدعم والتحفيز، وذلك باحتضان التمكين بطريقة جديدة تمامًا. حينها سيكون لدينا كل الأدوات والثقة التي نحتاجها للتغلب على أي انتكاسة! وامتلاك الثبات والثقة لتحقيق رؤيتنا للنجاح والتقدم الذي يميزنا ويليق بنا.
على الرغم من أن الكثير مما نحن عليه نتغير أثناء رحلتنا عبر الحياة، إلا أن قيمة تميزنا وتفردنا المتأصلة تظل ثابتة وثاقبة. في حين أن مصطلح تقدير الذات مع صفة التميز غالبًا ما يستخدم بالتبادل مع احترام الذات، فإن الصفتين مختلفتان بطبيعتهما. احترام الذات هو مقياس لما نشعر به تجاه أنفسنا في لحظة معينة من الزمن. بل هو مظهر لا يُقاس ولا يتغير لاتحادنا الدائم مع الكون الذي يحيط بنا. فهو يمثل صفتي التفاؤل والثقة بالنفس. ومع ذلك، عندما نواجه موقفًا مشابهًا، قد تكون ردود أفعالنا هي نفسها مرة أخرى. عندما نفهم قيمة تلك التجارب، يمكننا أن نقترب كثيرًا من فهم ردود أفعالنا وتغييرها بوعي كامل لنحافظ على تميزنا.
ولكن من المثير ورد الفعل هناك لحظة تفكير عابرة. في كثير من الأحيان، يعتمد هذا الفكر على شيء حدث للبعض منا في الماضي. عندما نواجه موقفًا مشابهًا لاحقًا، فإن دافعنا الطبيعي هو أن ننظر إليه دون وعي في ضوء مماثل. على سبيل المثال، إذا كان لدى البعض منا ارتباطات غير سارة بالفشل من تجربة سابقة، فقد يجد البعض نفسه غير قادر على التفكير في الفشل باعتباره تحررًا لطيفًا أو خطوة تالية نحو نوع جديد من النصر والفوز. ومع ذلك، يمكننا تقليل شدة ردود أفعالنا من خلال تحديد الفكرة اللحظية التي تلهم رد أفعالنا. ومن ثم في المرة القادمة، لنستبدل هذه الفكرة بأخرى أكثر إيجابية! ليساعدنا على تنحية ردود الفعل السلبي جانبًا للرد بإيجابية وتمكين. ما أردت قوله هنا: علينا أن ندرك قوة الحضور والعثور على التميز والمتميزين وسط انشغال الحياة هنا وهناك بطريقة أو بأخرى.
واخيراً شكرًا للقارئ الكريم للسماح لي وله بأن نكون شركاء في تبادل الأفكار وقبولها! وثق بما تعرفه، وبما تحصل عليه وتناله، وبما تعطيه وتقدمه لعلنا نكون من المتميزين.