هذا المكان الريفي أراد صاحبه الهروب إليه في عطلات نهاية الأسبوع، والمشي حافي القدمين في العشب، بعيدا عن ضغوط وأعباء العمل، حيث يعمل صاحب هذه المزرعة مصمما للديكور، ومنذ وصوله إلى مدينة نيويورك في أوائل الثمانينيات، كان حلمه يتمحور حول هذا المكان.
وبعد بحث دام 30 عامًا، وجد المكان المثالي عام 2014، مزرعة على الطراز اليوناني تعود إلى عام 1840 في روكسبري بولاية كونيتيكت، على مساحة ثمانية أفدنة من الريف الخلاب، ومع مرور السنين، بدأ في كشف تاريخ المنزل.
كنز فني داخل المنزل
بدأ الأمر عندما أخبر نجار يعمل في العقار، صاحب المنزل عن فنان “سريالي زير نساء” يُدعى ديفيد هير كان يعيش فيه، ورغم أنه لم يعرف هذا الفنان من قبل، لكنه بدأ في اكتشاف الأمر، ليفاجئ بعد ذلك بعدة أعمال فنية داخله، منها صورة لأندريه بريتون – الكاتب الفرنسي ومنظر السريالية الرئيسي – وجاكلين لامدا، مع ابنتهما، ودولوريس فانيتي، عشيقة جان بول سارتر.
كانت هذه الصور مجرد غيض من فيض، حيث اكتشف صاحب المزرعة التي تبلغ مساحتها 2600 قدم مربع، ملاذًا للسرياليين المنفيين من أوروبا خلال فترة من الزمن بين عامي 1930 و1950 عندما كان “هير” يمتلك العقار.
وأصبحت هذه المزرعة مركزًا لهذا المجتمع الإبداعي، كما أوضح وهو يعدد أسماء المشاهير الآخرين الذين زاروا المنزل أو أقاموا فيه أو عاشوا فيه، بما في ذلك سارتر ومارسيل دوشامب وماكس إيرنست ودوروثيا تانينج وإيف تانجوي وأرشيل جوركي وبيغي جوجنهايم وجاكسون بولوك وألكسندر كالدر.
ويؤكد أن من يزورون هذا المنزل ويعرفون الكثير عن تاريخ الفن، تتفجر أعينهم من الدهشة ويتساءلون كيف كان من الممكن ألا يعرف أحد عن هذا من قبل.
وكشف المزيد من البحث أن عائلة هير لم تكن مشهورة لكنها كانت ميسورة الحال وذات عقلية ثقافية، فوالدته كانت من ممولي معرض أرموري لعام 1913؛ وشارك عمه، “فيليب إل. جودوين”، في تصميم متحف الفن الحديث مع إدوارد دوريل ستون الذي افتتح عام 1939؛ وكانت ابنة عمه، الفنانة كاي سيج، متزوجة من الرسام الفرنسي الشهير إيف تانجوي.
الأعمال السريالية المعلقة
يتكون المنزل من أربع غرف نوم وحمامين، ومن أجل الحفاظ على الحميمية في المكان، عمل صاحب المنزل مع مهندس معماري كلاسيكي لإضافة عوارض السقف بدلاً من رفع السقف لفضح العوارض الموجودة.
ونظرًا لمشاركته الطويلة في الحفاظ على التراث التاريخي، فقد عالج المصمم عددًا من المشكلات التجميلية الصارخة التي تضمنت تصحيح الكثير من ألوان الطلاء الخاطئة وإعادة تشطيب الأرضيات البرتقالية المزعجة، بالإضافة إلى إعطاء الواجهة طبقة جديدة من الطلاء الأبيض وتحديث مستوحى من البساطة.
مستلهمًا من معرض بيجي جوجنهايم الرائد، تم تركيب مجموعة من الأعمال السريالية المعلقة على مستوى العين، في ما يشير إليه باسم “خيمة كبيرة”.
في الداخل، ملأ المنزل بأشياء حصل عليها منذ أن بدأ عمله قبل 37 عامًا، مثل المفروشات، ومجموعة من السيراميك والأعمال المعدنية لمصمم القرن التاسع عشر البريطاني كريستوفر دريسر، ومجموعات متعددة من أدوات العشاء، بثلاثة ألوان مختلفة.