يوم الجمعة 13 من الشهر
ربما تثير بعض الأرقام علامات مختلفة للتشاؤم والتفاؤل لدى بعض الأشخاص حول العالم، ومن أشهر الاعتقادات حول الأرقام، رقم 13، الذي يعتبره البعض نذيرا للحظ السيء، وهناك خرافة منتشرة في الثقافة الغربية، حول موافقة يوم الجمعة 13 من الشهر الميلادي، وهي خرافة راسخة ضمن مجموعة من الخرافات الأخرى مثل أن عبور الطريق مع قطة سوداء وكسر مرآة تجلب الحظ السيئ، فتأتي فكرة اليوم الذي يمكن أن يجلب سوء الحظ راسخة بعمق حتى لو لم يجدوا تفسيرا للسبب.
خرافة يوم الجمعة 13
هناك وصف للخوف غير العقلاني من يوم الجمعة 13 من الشهر وهي حالة تعرف بـ” paraskevidekatriaphobia”، وهي أحد أشكال فوبيا الخوف من الرقم 13، بينما قد يبدو يوم الجمعة الثالث عشر من الشهر الميلاد ظاهرة نادرة، إلا أنه يتكرر في عدة أشهر، فكان يوم 13 من شهر سبتمبر الجاري موافقا ليوم الجمعة، فيما سيتكرر الأمر مرة أخرى في سبتمبر المقبل.
من الخرافات المرتبطة بالأيام والمخاوف بشأنها، ما يعتقده البعض في اليونان والدول الناطقة بالإسبانية، بأن يوم الثلاثاء الموافق 13 من الشهر يومًا سيئ الحظ، بينما في إيطاليا، يُستقبل يوم الجمعة الموافق 17 من الشهر بالخوف.
متى بدأت الخرافة؟
مثل العديد من الخرافات التي تطورت بمرور الوقت وعبر الثقافات، من الصعب تحديد الأصول الدقيقة ليوم الجمعة 13، فمع اعتباره يوما مقدسا في المنطقة العربية وفي الشريعة الإسلامية، يسود اعتقادات بأن يوم الجمعة والرقم 13 كانا يعتبران من الأيام التي تجلب الحظ السيئ في بعض الثقافات على مر التاريخ.في كتاب “الأصول غير العادية للأشياء اليومية”، يتتبع العالم تشارلز باناتي، مفهوم اللعنة إلى الأساطير الإسكندنافية، عندما اقتحم «لوكي»، إله الأذى، مأدبة في فالهالا، مما رفع عدد الآلهة الحاضرين إلى 13، حيث خدع لوكي، الإله الأعمى «هودر»، فأطلق سهما برأس نبات الهدال على شقيقه «بالدر»، إله النور والفرح والخير، مما أدى إلى مقتله على الفور.
فانتشرت تلك الخرافة من الدول الاسكندنافية جنوبًا في جميع أنحاء أوروبا، وأصبحت راسخة على طول البحر الأبيض المتوسط مع بداية العصر المسيحي، وترسخت القوة المزعجة للأرقام من خلال قصة العشاء الأخير، الذي حضره السيد المسيح وتلاميذه يوم خميس العهد، كان الضيف الثالث عشر والأكثر شهرة، يهوذا الإسخريوطي، هو التلميذ الذي خان يسوع، مما أدى إلى صلبه يوم الجمعة العظيمة.
في التقاليد التوراتية، يعود مفهوم الجمعة المشؤومة إلى ما هو أبعد من صلب المسيح: يقال إن الجمعة هي اليوم الذي أكل فيه أول الأنبياء وأبو البشر آدم وحواء الثمرة المحرمة من شجرة المعرفة؛ واليوم الذي قتل فيه قابيل أخاه هابيل؛ واليوم الذي أبحرت فيه سفينة نوح في الطوفان العظيم.
ولكن لم يصبح يوم الجمعة الثالث عشر مرادفًا لسوء الحظ إلا في القرن التاسع عشر، كما يوضح ستيف رود في “دليل البطريق إلى الخرافات في بريطانيا وأيرلندا”، فإن الجمع بين يوم الجمعة والرقم 13 هو اختراع فيكتوري، ففي عام 1907، استحوذ نشر رواية توماس دبليو لوسون الشهيرة “الجمعة، الثالث عشر” على خيال الناس بحكايتها عن سمسار عديم الضمير استغل الخرافات حول التاريخ لإحداث انهيار متعمد لسوق الأوراق المالية.
وفي ثمانينيات القرن العشرين، اكتسب القاتل المقنع جيسون فورهيس في سلسلة أفلام الرعب الأمريكية “الجمعة 13” شهرة واسعة، ثم جاءت رواية دان براون “شفرة دافنشي” عام 2003، والتي ساعدت في نشر الادعاء الخاطئ بأن الخرافة نشأت مع اعتقال مئات من أعضاء فرسان الهيكل يوم الجمعة 13 أكتوبر 1307.
تاريخ بديل
ولكن تاريخيا، فهناك أدلة على أن كلًا من يوم الجمعة والرقم 13 كانا يُنظر إليهما منذ فترة طويلة على أنهما نذير حسن الحظ، ففي العصور الوثنية، كان يُعتقد أن يوم الجمعة له ارتباط فريد بالأنثى الإلهية، ويمكن العثور على الدليل الأول في اسم يوم الأسبوع “الجمعة”، والذي اشتُق من اللغة الإنجليزية القديمة ويعني “يوم فريج”، وكانت فريج (المعروفة أيضًا باسم فريجا) ملكة أسكارد وإلهة السماء القوية في الأساطير الإسكندنافية، وكانت مرتبطة بالحب والزواج والأمومة، كانت هذه الإلهات تُعبد على نطاق واسع في جميع أنحاء أوروبا، وبسبب هذه الارتباطات، كان يوم الجمعة يُعتبر يومًا محظوظًا للزواج من قبل الشعب الإسكندنافي والجرماني.
في غضون ذلك، كان الرقم 13 يعتبر لفترة طويلة رقمًا مهمًا في الثقافات ما قبل المسيحية وعبادة الآلهة لارتباطه بعدد الدورات القمرية والحيضية التي تحدث في السنة التقويمية. كانت الخصوبة موضع تقدير في العصور الوثنية، وغالبًا ما كانت الأعمال الفنية تربط بين الدورة الشهرية والخصوبة ومراحل القمر.
كذلك تمثال فينوس لاوسيل، وهو منحوتة من الحجر الجيري عمرها حوالي 25000 عام تصور شخصية أنثوية شهوانية تحتضن بطنها الحامل بيد واحدة، وتحمل قرنًا على شكل هلال يحمل 13 شقًا في اليد الأخرى، يعتقد العديد من العلماء أن التمثال ربما كان يمثل إلهة الخصوبة في طقوس أو احتفال، في حين تُقرأ الخطوط الثلاثة عشر عادةً على أنها إشارة إلى الدورة القمرية أو الشهرية، وكلاهما يرمز إلى القوة الأنثوية.
ورغم تغير الزمان، لا يزال يوم الجمعة الثالث عشر يطارد خيال الغربيين، لكن في المقابل تحاول أصوات كسر هذا الاعتقاد، حيث أكدت المغنية الأمريكية تايلور سويفت، أن 13 رقم حظها، وأعلنت ذلك في وقت مبكر من حياتها المهنية، غالبًا ما كانت تظهر في حفلاتها مع الرقم مكتوبًا على يدها، فتقول: “ولدت في الثالث عشر، بلغت الثالثة عشر من عمري يوم الجمعة الثالث عشر، حقق ألبومي الأول نجاحًا كبيرًا في غضون 13 أسبوعًا، كانت أول أغنية لي تحتل المرتبة الأولى تحتوي على مقدمة مدتها 13 ثانية، في كل مرة فزت فيها بجائزة، كنت أجلس إما في المقعد الثالث عشر، أو الصف الثالث عشر، أو القسم الثالث عشر، وكلما ظهر الرقم 13 في حياتي، فهذا أمر جيد”.