ما هو جهاز "بيجر" الذي أصاب المئات وتسبب بحالة هلع في لبنان وسوريا؟
أثارت سلسلة تفجيرات أجهزة "بيجر" للاتصال التي يحملها مستخدميها من حزب الله، في لبنان وسوريا اليوم الثلاثاء، فضول الكثيرين في مختلف البلدان للتعرف على هذا الجهاز، الذي يسمع به البعض لأول مرة، ما دفع إلى التقصي عن طبيعته وكيفية عمله وعبر أي وسيلة تمكن إسرائيل من اختراقه وتفجيره.
وبهذا الصدد يقول موقع "العربية نت" إن الإجراءات الاحترازية التي أخذها حزب الله في تموز/ تموز الماضي، عقب اغتيال عدد قادته الكبار عن طريق أجهزة الموبايل، يبدو أنها لم تحم عناصره، فرغم لجوء الجماعة المدعومة من إيران لاستخدام بعض التقنيات القديمة مثل "البيجر"، وحظر الهواتف النقالة في ساحة المعركة، قتل اليوم العشرات من عناصره في هجوم نفذته إسرائيل عبر اختراق هذه الأجهزة.
لكن ما هي أجهزة "البيجر" التي ازدهرت في فترة تسعينيات القرن الماضي قبيل انتشار الهواتف الخلوية؟.
و"البيجر" هو جهاز اتصال لاسلكي يستخدم لإرسال إشارات أو رسائل نصية قصيرة إلى مستلم محدد. وظهرت فكرتها في السبعينيات، وكانت تستخدم بشكل أساسي في المجال الطبي والعسكري.
إلا أن هذه الأجهزة تطورت مع مرور الوقت لتشمل استخدامه في مجالات متعددة مثل الأعمال والاتصالات الشخصية.
كيف يعمل؟
ويعمل جهاز النداء اللاسلكي عن طريق استقبال إشارة من جهاز إرسال. عندما يرسل شخص ما رسالة إلى جهاز "البيجر"، يتم تحويل هذه الرسالة إلى إشارة راديو يمكن استقبالها عن طريق جهاز "البيجر".
فيما يصدر "البيجر" صوت تنبيه أو اهتزاز لتنبيه صاحبه بوجود رسالة. وبعد استقبال الرسالة، يمكن للمستخدم الاتصال بالرقم الموجود على شاشة "البيجر" للرد على الرسالة أو التواصل مع المرسل.
وتعتبر تقنية جهاز "البيجر" الآن قديمة نوعاً ما مقارنة بوسائل الاتصال الحديثة، لكنها استخدمت بشكل واسع في الماضي.
ما هو النوع الذي انفجر؟
عبر بحث في حطام بعض الأجهزة التي انفجرت، ونشرها بعض مستخدمي مواقع التواصل، استطاعت "عربي21" الوصول إلى النوع الذي كان بحوزة بعض عناصر الحزب وهو Rugged Pager AR924 ، من "Apollo Gold" التايوانية، لكن لا يمكن تأكيد أن جميع الأجهزة التي انفجرت هي من الطراز نفسه.
يتميز Rugged Pager AR924 بكونه جهازًا متينًا وموثوقًا صُمم خصيصًا للعمل في البيئات الصعبة.
فعالة للغاية
ويقول خبراء أمنيون إن بعض الإجراءات المضادة التي تستخدم فيها تقنيات قديمة يمكن أن تكون فعالة للغاية ضد قدرات التجسس عالي التقنية.
يذكر أن مصادر مطلعة كشف لوكالة "رويترز" في تموز/ يوليو الماضي أن حزب الله بدأ باستخدام الرموز في الرسائل وخطوط الهواتف الأرضية وأجهزة "البيجر" لمحاولة التهرب من تكنولوجيا المراقبة المتطورة لإسرائيل.
وبدأ الحزب أيضاً في استخدام التكنولوجيا الخاصة بها، منها الطائرات المسيرة، لدراسة ومهاجمة قدرات إسرائيل على جمع المعلومات الاستخبارية.
وقالت ستة مصادر مطلعة على عمليات حزب الله حينها لوكالة "رويترز"، طلبت عدم الكشف عن هوياتها لحساسية المسألة، إن حزب الله تعلم من خسائره وقام بتعديل تكتيكاته رداً على ذلك.
كما قال اثنان من المصادر إن الهواتف المحمولة، التي يمكن استخدامها لتتبع موقع المستخدم، تم حظرها من ساحة المعركة واستبدالها بوسائل الاتصال القديمة، مثل أجهزة "البيجر" والسعاة الذين يبلغون الرسائل شفهياً.
هل يمكن اختراقه؟
ليس من السهل اختراق أجهزة البيجر لكونها بسيطة وغير متصلة بالإنترنت، وتعمد على الإشارات الراديوية، لكن يمكن الولوج إلى نظام الرسائل والعبث به، غير أن مختصين إلى جانب وكالة الأنباء اللبنانية قالوا إن الانفجار ناتج عن اختراق من جانب إسرائيل.
أما إحداث تلف في البطارية فإنه يتطلب الوصول إلى النظام الكهربائي الداخلي للجهاز، وهذا أمر غير ممكن عبر تقنية الاتصالات الراديوية المستخدمة في البيجر. كما أن الأجهزة الحديثة مزودة بأنظمة حماية تمنع التلف الناتج عن الشحن الزائد أو السخونة.
وهذا يعني أن الاختراق يحتاج إلى نظام متطور جدا.
ما هي الفرضية الأخرى؟
قال مصدر مقرب من حزب الله لوكالة فرانس برس إن "أجهزة الإشعار (بايجر) التي انفجرت وصلت عبر شحنة استوردها حزب الله مؤخراً تحتوي على ألف جهاز"، يبدو أنه "تم اختراقها من المصدر".
وعلى منصة إكس، كتب تشارلز ليستر الخبير لدى معهد الشرق الأوسط (MEI) إنه "وفقا لتسجيلات الفيديو ... من المؤكد أنه تم إخفاء عبوة بلاستيكية متفجرة صغيرة بجانب بطارية يتم تشغيلها من بعد عن طريق إرسال رسالة".
وهذا يعني في رأيه أن "جهاز الموساد اخترق سلسلة التوريد".
من جانبه تحدث المحلل العسكري إيليا مانييه، ومقره في بروكسل، عن "خلل أمني كبير في الإجراءات التي يتبعها حزب الله"، موضحا أن عملاء إسرائيليين "تسللوا بلا شك إلى عملية الإنتاج وأضافوا عنصرا متفجرا وجهاز تفجير من بعد إلى أجهزة الإشعار من دون إثارة الشبهات".
وقال مايك ديمينو، الخبير الأمني والمحلل السابق لدى وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية إن العملاء "تمكنوا من توصيل أجهزة الإنذار في صفوف الحزب ... إما من خلال التظاهر بأنهم موردون أو عن طريق حقن الأجهزة مباشرة عند محطة ما ضمن سلسلة التوريد الخاصة بحزب الله عبر استغلال نقاط الضعف (شاحنات النقل والسفن التجارية)".
وفي فرضية أخرى، قال رياض قهوجي، المحلل الأمني المقيم في دبي، إن "إسرائيل تسيطر على جزء كبير من الصناعات الإلكترونية في العالم، ولا شك أن أحد المصانع التي تمتلكها صنع هذه العبوات الناسفة التي انفجرت اليوم وشحنها".
وقالت ثلاثة مصادر إن حزب الله يستخدم أيضا شبكة اتصالات أرضية خاصة يعود تاريخها إلى أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.