صديق فعال
تاريخ التسجيل: January-2013
الجنس: أنثى
المشاركات: 692 المواضيع: 54
صوتيات:
7
سوالف عراقية:
0
اللبوه الجريجة، دراسة في فنون الحضارة الآشورية، اصدار دار الجواهري، 2013
المقدمة مُنذ رسوم الكهوف ومنحوتاتها العظيمة، حتى تشكيلات (روشنبرغ) المُدهشة، كان الفن والتّاريخ: وجهين متراشحين. فاذا فهمنا التّاريخ: على أنه منظومة من التّحولات الفكرية الحاضنة للفن، فان الفن في (مَلمح) آخر: هو التّأويلات الشّكلية لتلك التّحولات، التي أصابت تأريخ الفكر الحضاري .. إصابة مباشرة بشتى الطرق. لذا نحن نضايف بمنهجنا في دراسة الإبداعات الفنية الآشورية بين فكرتين، تؤطرها الأولى بحدودها الزّمانية والمكانية، بوصفها (ستراتيج) من التّفاعل: بين المنجزات الفنية وحاضنها الحضاري، الذي يُحمّل الأشكال محمولاتها الفكرية ويَشد العلاقة بين التّشفير العميق للأشكال، والسّمات الفنية التي (تُعلن) عن دلالاتها التّعبيرية، في حين انفتحت الأخرى على دراستها بدلالة الفن: نحو فكرة اسقاط مفاهيم الفن المعاصر عليها، أي إن جلّ اهتمامنا هنا مُنصب على فهم شكلانية (الصّور) وتمظهراتها المتشابهة مع المنظومات الشّكلية للفن المعاصر. بمثل هذا الإقرار بتعدد الرّؤى التّحليلية: نفهم مقولات تلك الإبداعات، ونستوعبها ونُعلنها. لم تكن مدينة آشور أقدم العواصم الآشورية من ضمن الاثنتي عشرة مدينة التي شَكلّت جغرافية الدّولة السّومرية (2800-2371 ق.م)، ومع ذلك: هيمن الأسلوب الفني السّومري بتركيبهِ الفكري والمادي والشّكلي على الإقليم الآشوري الذي كان تابعاً للقوة المركزية جنوبي البلاد. ليحلّ مَحَلهُ الأسلوب الأكدي (2371-2230 ق.م) .. إذ غدت مدينتا آشور ونينوى: مركزين إداريين مهمين من مراكز الدّولة الأكدية. ونالت المدينتان: حركة نشطة في مجالي الإعمار والبناء، إبان عصر النّهضة السّومرية- الأكدية (2112-2004 ق.م)، إذ حكمها حاكم نيابة عن سيده ملك أور. يؤشر مطلع الألف الثّاني قبل الميلاد: بداية مرحلة جديدة في قراءة التّاريخ الآشوري، إذ انفصلت عن تبعيتها للمالك والأمبراطوريات التي قامت في وسط بلاد الرّافدين وجنوبها. بفضل جهود الملك (شمشي-أدد) الأول، الذي كان إدارياً كفئاً وشخصية دبلوماسية متميزة، وللأسف الشّديد لم يُمهله الزّمن طويلاً، فقد خضعت مملكته الفتية للملك البابلي القوي (حمورابي)(1792-1750ق.م) الذي أصرَّ على تحقيق وحدة البلاد السّياسية. التهمَ العصر الآشوري القديم النّصف الأول من الألف الثّاني قبل الميلاد من دون أن تُظهر نتائج الاكتشافات العلمية في بلاد آشور أياً من المنجزات الفنية، وربما حال دون ذلك، إنشغال قادة البلاد الأوائل بإشكالية التّرحال والاستقرار ولملمة بني جلدتهم، وعدم تكامل السّتراتيجية الفكرية الآشورية. انتهز الآشوريون في عهدهم الوسيط (1500-911 ق.م): ضعف السّلطة البابلية إثر وفاة الملك الهمام (حمورابي)، فاستقلوا بزعامة عدد من الملوك، الذين فرضوا سطوتهم على الوطن الآشوري الأم، أعني مدينتي آشور ونينوى، طوال القرنين السّابع عشر والسّادس عشر قبل الميلاد. ثم حَدثَ ما لم يكن في الحسبان، إذ غزا الميتانيون البلاد، وأسقطوا الحكومة الآشورية وفرضوا سيطرتهم على الآشوريين طوال القرن الخامس عشر والنّصف الأول من القرن الرّابع عشر قبل الميلاد. تؤكد مقولة تاريخ الفن، أن أي أسلوب من الأساليب الجمعية في الفن، لم يقفز من باطن الأرض فجأة، ولم يهبط من السّماء، بل استغرق تكامله دهراً طويلاً تكاملت فيه الأفكار، وتأسست به تقنيات الإظهار الشّكلية .. وتشرنقت فيه الأشكال بسماتها المتفردة. وذلك (فعلٌ) قائم على التّجريب: الذي يُعدّ الأساس في تكامل الخبرة ونضج الأساليب الفنية. فبعد أن تحرر الآشوريون من (استعمار) الدّولة الميتانية بقيادة حُزمة من الملوك الأقوياء، حَلّت بالبلاد حالة من الاستقرار السّياسي والاستتاب الامني والازدهار الاقتصادي، فالفن ذلك الكائن الرّقيق الشّفاف لا يمكن أن يحيا إلا بحضانة تلك المُمكنات الحضارية. فنشطت حركة الإعمار، وقَدّمت بلاد آشور للفكر الإنساني مجموعة رائعة من المنجزات الفنية في أجناس الفنون التّشكيلية المختلفة. إلا أنها لم تكن بصدد الأسلوب: آشورية صرفة، فبعضنها حمل تأثيرات من التّراث الرّافديني، في حين ظهر على بعضها الآخر سمات ميتانية او كيشية. لذلك يمكن وَسم الأسلوب الآشوري في عصره الوسيط بالأسلوب (الهجَين) إثرَ الحوافز والتّأثيرات التي تلقاها بفعل الاحتكاكات الحضارية مع الممالك الإقليمية المجاورة. لم تَدم حالة الازدهار الحضاري الآشوري أمداً طويلاً، إذ سُرعان ما أصابَ البلاد الضّعف والتّدهور إثر صراع الإرادات الملكية على دفة السّلطة في البلاط الآشوري، الأمر الذي جعل الخط البياني لتطور الفنون الآشورية في حالة من الارتباك والتّذبذب، ما بين حالي الازدهار والتّدهور. فدخلت البلاد حقبة مظلمة أخرى شغلت قرناً ونصف القرن من عُمر الدّولة الآشورية، سيطر فيها الآراميون على مُقدّرات البلاد، وكان رجل السّاعة الذي خلّصَ البلاد من الأخطار المُحدقة بها هو الملك (أدد- نراري) الثّاني، الذي يُعدّ حكمه في (911 ق.م) بداية العصر الآشوري الحديث (عصر مَجد الدّولة الآشورية). "أنا الدّولة": هو جوهر الايدلوجيا التي نطق بها معظم ملوك الآشوريين في عصرهم الحديث، إذ كانت كل مظاهر الأمبراطورية الإدارية والسّياسية والعسكرية والدّينية، مرتبطة بهم، فكانت سلطتهم مطلقة، ومُحاطة بحدود صارمة من الممنوعات، وبحزمة غليظة من المُحرّمات التي تُحيط مركزهم الملكي رفيع المقام، فقد اعتقد كل منهم بأنه الشّخص الذي نادى باسمه الإله (آشور) والآلهة العُظمى بإخلاص وثقة، وإنه الشّخص الذي سَلّمته الآلهة زمام أركان الأرض ليحكمها. تمخض الهَوس الأمبراطوري الآشوري: عن ولادة أكبر أمبراطورية عرفها الشّرق القديم، امتدت حدودها من منطقة الاناضول في تركيا شمالاً، حتى اعماق الخليج العربي في اقصى الجنوب، ومن عيلام وهمدان في الاراضي الإيرانية شرقاً، حتى مدينة طيبة عاصمة الفراعنة في الغرب. كتبَ الشّاعر (بايرون) قصيدة وصف بها سطوة الجيش الآشوري .. مطلعها: هَجَم الآشوريون كالذّئاب على قطيع الغنم كانت كتائبهم الحربية تلمع بالألوان الارجوانية والذّهبية كانت لغة المراسلات الدّولية هي اللغة الآشورية التي تُكتب بالكتابة المسمارية، ولما كان الملك الآشوري يُمثل ما يشبه رئيس الجمعية العامة للأمم الشّرقية، احتاج الأمر الى وجود عدد من المترجمين ممن يجيدون اللغات المختلفة: كالبابلية والفرعونية والفينيقية والآرامية والحثية والميدية والعيلامية وغيرها، الذين كان مقر إقامتهم اللائق في إحدى العواصم الآشورية مع سفراء الدّول الأجنبية. وصفَ أحد مفكري بني إسرائيل النّشاط التّجاري للآشوريين بقوله: "لقد ازداد عدد تجارهم حتى تجاوز عدد نجوم السّماء"، فمع التّوسع الامبراطوري الآشوري الذي شمل أجزاءً من ثلاث قارات في الجغرافية المعاصرة هي أوروبا وآسيا وإفريقيا، نشط حِراك المواصلات التّجارية، فازدهرت التّعاملات التّجارية مع بقاع مختلفة من العالم، بغية توفير ما تحتاجه الأمبراطورية من (مواد) لتفعيل حركة البناء والإعمار التي شهدتها العواصم الآشورية، وتصدير البضائع الآشورية المتنوعة لجميع الممالك التّابعة للأمبراطورية، فكأنّ فكرة تأسيس الأمبراطورية الآشورية كانت لإخضاع السّوق الاقتصادية العالمية للاقتصاد الآشوري، بالطّريقة نفسها التي تُسيطر بها القوى الكبرى في عالمنا المعاصر، على مراكز انتاج البترول، والسّوق الاقتصادية العالمية. أثرى الآشوريون الفكر الحضاري: بابتكاراتهم العلمية، إذ اكتشفوا شكل الكتاب الذي نتداوله يومياً في مدارسنا وجامعاتنا، ويتألف من خمس عشرة ورقة، شُكّلت كل منها من العاج، ولكل منها حافات عالية للحفاظ على طبقة الشّمع الخفيفة التي طُليت بها، والتي حُفرت على سطوحها النّصوص الكتابية، ورُبطت الأوراق إلى بعضها بمفاصل معدنية. تُرى: أليست فَضيلة حضارة بلاد الرّافدين على الفكر الإنساني .. أفضل ألف مرة من وحشية بعض الحضارات المعاصرة، التي تقتل الزّرع والنّسل يومياً بصواريخها العابرة للقارات؟ تُعد مكتبة الملك (آشور بانيبال) التي اكتشفت بقصره الجميل في عاصمتهِ نينوى، من أكثر مكتبات الشّرق أهمية، بسبب كبر مساحتها وتعدد مرافقها البنائية، وحسن تنظيمها، وأرشيفها الضّخم الذي ضمَّ موضوعات أدبية متنوعة. إذ كان الملك قلقاً على التّراث الثّقافي العراقي من الضّياع، فجمع معظم الكتبة الماهرين من كل أنحاء العراق، وبدأ حملة نسخ الأدب السّومري والأكدي والبابلي. وبذلَ الملك جهوداً علمية دقيقة حفاظاً على الأمانة العلمية في عملية النّسخ، فقد شاركَ بنفسه في عملية نسخ عددٍ من القطع الادبية البابلية. كانت بنية العمارة الآشورية، حجرية تتناسب مع معطيات بيئتها الطّبيعية الغنية بأنواع جميلة من الحجر والرّخام، ضخمة ومنيعة التّحصين بوصفها (بلاغاً) عن عظمة الفكر الملكي الأمبراطوري الآشوري، تعكزّت في مرجعياتها على التّراث السّومري والأكدي والبابلي (القديم)، وفي منعطف آخر: فإنها حَدّثت الأنظمة الهندسية المعمارية الرّافدينية بالعديد من التّشكيلات المعمارية الجديدة، التي ما زالت فاعلة ومؤثرة في العمارة العراقية والعالمية المعاصرة، متفوقة بصفتها الاسطورية، بوصفها محمية بحشود من الأشكال المركبة السّريالية، مما جعلها (كونية) في صيرورة وجودها، إذ تقع خاصية تأملها ما بعد أسوار الحجارة الحصينة، ثرية في مشاهدها التّزينية الجمالية من المنحوتات والرّسوم، مما جعلها أشبه بمتاحف للفنون الجميلة. فمن الصّعب على المتلقي المعاصر أن يتخيل جمالية القصور الآشورية، من دون زحام المشاهد التّصويرية المحفورة او الملونة على سطوحها الحجرية، فهناك اتصال تَخيُلي بين البناء ذاته ومشاهده التّشكيلية، حتى الدّرجة الجمالية التي يبدو عندها البناء، أنه قد شُيدَ كي يحوي تلك المشاهد التي فَقدت جنسها بين النّحت والرّسم. تلك رُؤية تُعدّ الجذر التّاريخي لفكرة تشييد قاعات العرض الجميلة، بهدف عرض المنجزات الفنية على وفق خاصية واشتراطات الإبداعات الفنية المعاصرة. شغل فن النّحت حيزاً مهماً في بنية الثّقافة الآشورية، لذا غَلبَ على المهتمين بتاريخ الفن ميلهم إلى الإقرار بخاصية الجمالية الآشورية في التّماثيل والمنحوتات البارزة، وتسليمهم بوجودها قائمة الذّات، بعدّها واحدةً من الاتجاهات أو لنقل التّقاليد الفنية الكبرى في تاريخ الحضارة الإنسانية، وفي (ملمح) آخر تُشكّل تجارب النّحاتين الآشوريين المبدعين، متحولاً مهماً في حِراك الاساليب الفنية بخارطة الفن العراقي، بخصوص المحمولات الفكرية الجديدة التي تُشفّر عنها منظومة الأشكال النّحتية، وتقنيات إظهارها، والسّمات الفنية التي تميزها من مجاوراتها من الاساليب الفنية. لذلك أتجه الفكر المعاصر إلى اعادة الحفريات المعرفية في تركيبة هذه الرّوائع الفنية، التي غَصّت بها قاعات متاحف العالم الأنيقة، ليس كما كانت عليه في حدودها الزّمانية والمكانية، بل كما يجب أن تكون عليه في إشكالات الفكر المعاصر، الذي انفتح بشكل عجيب إلى استدعائها مرة أخرى، بوصفها منظومات شكلية، يمكن أن تُغني، أو تكون مصدر إثارة للمتلقي المعاصر، بعد أن تتشكل (بصيرورة) إظهارات تقنية جديدة، على وفق خصوصية (الغرائبية) التي غَلبت على (ميكانزمات) التّلقي في التّشكيل المعاصر. في العام 1947م وطأت إحدى السّفن الفرنسية ضفة نهر السّين في باريس، مُحمّلة بمجموعة من أشكال الثّيران المجنحة. فاحتشدت الجماهير الباريسية التي تعيش عصر ما بعد الحداثة الذّهبي، حول أول أنموذج تم إنزاله على أرض باريس، وتدافع الجميع لمشاهدة ذلك الكائن الغريب الآتي من كوكب آخر. فإشكالات التّلقي الجمالية ارتكزت هنا على أن الفكر المعاصر فهم منظومة هذه الأشكال، بوصفها (بنيات) شكلية ونتاجات إبداعية، تتكون من تركيب كائنات متباعدة بالقياس للزمن الموضوعي كل التّباعد، إذ لا يضمها مركب واحد في عالم الواقع المحسوس. لقد شيدت تلك الثّيران المجنحة العجيبة أنظمتها الشّكلية، بعيداً عن دلالاتها المتحركة في الفكر الاجتماعي لحدودها التّاريخية، فقدّمت مقولتها على أنها الجذر التّاريخي للاتجاه السّريالي في الفن الحديث، تلك آفاق انطلقت لتأكيد الوجود الإنساني، بفعل الإنسان نفسه، لتأكيد حَقّه في إيجاد حقائق أخرى خارج حدوده الزّمنية، وتجاوزها استناداً إلى أحكام نقدية أخرى، وعلى مقاييس جمالية ومعايير تقويم جديدة. طَرحت الإشكالات المتحركة في الفكر الحضاري الآشوري قضاياها على الرّسام، فكان خلّاقاً في إجاباته الشّكلية عنها. ذلك الجدل أحالنّا على مرتكزين: أحدهما يرتبط بخاصية التّجديد الذي أدخله الرّسامون الآشوريون على المقولات الفكرية التي قدمتها الرّسوم السّومرية والبابلية، والآخر أعقد من ذلك بكثير، إذ يرتبط بأسلوب تمثل العقد الفكرية المجردة في حِراك الفكر الاجتماعي، وإحالتّها على منظومات شكلية جديدة. أزاحت الأشكال (الاصطلاحية) التي سبقتها، وحدّثتها بأنظمة شكلية جديدة. الأمر الذي وَسمَ الرّسوم الجدارية الآشورية بسمة التّفرد في خارطة التّشكيل العراقي. غاصَ رجال الآثار الشّجعان مرات عديدة في أعماق الآبار التي توزعت بين بعض العواصم الآشورية، فأنقذوا مجموعة كبيرة ومتفردة من المنجزات الفنية العاجية من آفة النّسيان، لتقدم بلاد آشور مأثرتها للفكر الحضاري تلك المرة، بدلالة تلك الرّوائع الفنية ذات الوظائف الارستقراطية. التي توزعت بين المتحف العراقي ومتاحف العالم بنحو غير عادل، وقد شَكّلت مجموعة غير متجانسة في أساليب نحتها، إذ تعود نسبة كبيرة منها إلى الأسلوب الآشوري، في خطاباتها الفكرية وسماتها الفنية، في حين يرتبط العديد منها بأساليب أخرى في تقنيات إخراجها: كالأسلوب المصري والفينيقي وغيرها. تلك حال تشير إلى انفتاح (العقلية) الآشورية على الآخر المُختلف، بغية تطوير تجربتها الفنية وإغناءها من دون ان تَخسر أي شيء يُذكر في خاصية أصالة فنونها. فَهم الآشوريون الفن على أنه وسيلة فَعّالة لتحقيق التّوازن بين الرّوحي والمادي في بنية فكرهم الحضاري، فانعدام ذلك التّوازن بالنّسبة إليهم، ربما يخلق مأساةً هي مثابة اللعنة على الإنسانية. لذلك حَمّلوا خزفياتهم دلالات روحية، كانت بمنزلة الدّستور غير المدون لبلاد آشور. فأزاحوا إلى الأبد نفعية فن الخزف، وفعّلوا خطابه الجمالي ليؤطر واجهات مشيداتهم المعمارية، فأكسبوها مظهراً لونياً لماّعاً أنيقاً، ومغزى دلالياً تولّد من حِراك أشكالهم الرّمزية المقدسة على سطوح جدارياتهم اللازوردية. فبين جمال التّعبير وقوة التّعبير بالنّسبة إليهم، يكمن الفرق في الوظيفة، فالأول يبغي مَسرّة الحواس، ولكن للثاني حيوية (روحية) أكثر إثارة، وأعمق تأثيراً من إثارة حواسهم. تلك هي المفاصل الأساسية التي تَوقّفت عندها دراستنا للحضارة الآشورية بنحو عام، وفنونها بنحو خاص، التي أغنت الفكر الإنساني بالمزيد من الإبداعات الحضارية. نأمل ان يسهم منجزنا الثّقافي في إنارة (حَيّز) من عُتمة الماضي، بغية التّبشير بمستقبل مُشرق للإنسانية، ومن الله (سبحانه وتعالى) التّوفيق. المؤلّف د. زهير صاحب