اللهم صل على محمد وال محمد:
من أراد أن يعرف معنى فرحة الزهراء عليها السلام فليقرأ هذا الحديث بكامله

[ فضل عيد فرحة الزهراء عليها السلام وهو يوم التاسع من ربيع الأول ]

ما نقله الشيخ الفاضل علي بن مظاهر الواسطي عن محمّد بن العلا الهمداني
الواسطي ويحيى بن جريح البغدادي قال :

تنازعنا في أمر ابن الخطّاب فاشتبه علينا أمره فقصدنا جميعاً أحمد بن إسحاق القمي صاحب العسكر ( عليه السلام ) بمدينة قم وقرعنا عليه الباب فخرجت إلينا من داره صبية عراقية ، فسألناها عنه فقالت : هو مشغول بعياله ; فإنّه يوم عيد .
فقلنا : سبحان الله ! الأعياد عند الشيعة أربعة : الأضحى والفطر ويوم الغدير
ويوم الجمعة .
قالت : فإنّ أحمد يروي عن سيّده أبي الحسن علي بن محمّد العسكري ( عليه السلام ) أنّ هذا اليوم يوم عيد وهو أفضل الأعياد عند أهل البيت وعند مواليهم .
قلنا : فاستأذني لنا بالدخول عليه وعرّفيه بمكاننا .
فدخلت عليه وأخبرته بمكاننا ، فخرج إلينا ; وهو متّزر بمئزر له ، محتضن لكسائه
يمسح وجهه ، فأنكرنا ذلك عليه ، فقال : لا عليكما ، فإنّي كنت اغتسلت للعيد .
قلنا : أو هذا يوم عيد ؟ وكان ذلك اليوم التاسع من شهر ربيع الأوّل .

قال : نعم ، ثمّ أدخلنا داره وأجلسنا على سرير له وقال : إنّي قصدت مولانا أبا الحسن العسكري ( عليه السلام ) مع جماعة من إخوتي بسرّ من رأى كما قصدتماني ،
فأستأذنّا بالدخول عليه في هذا اليوم وهو اليوم التاسع من شهر ربيع الأول ; وسيّدنا
قد أوعز إلى كلّ واحد من خدمه أن يلبس ماله من الثياب الجدّد ، وكان بين يديه
مجمرة وهو يحرق العود بنفسه .
قلنا : بآبائنا أنت وأُمّهاتنا يا بن رسول الله ! هل تجدّد لأهل البيت فرح ؟
فقال : وأيّ يوم أعظم حرمة عند أهل البيت من هذا اليوم ، ولقد حدّثني أبي أنّ
حذيفة بن اليمان دخل في مثل هذا اليوم وهو اليوم التاسع من شهر ربيع الأوّل على
جدّي رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قال :
فرأيت سيّدي أمير المؤمنين مع ولديه الحسن والحسين ( عليهم السلام ) يأكلون مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ورسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يتبسّم في وجوههم ويقول لولديه الحسن والحسين ( عليهما السلام ) :
كُلا هنيئاً لكما ببركة هذا اليوم الذي يقبض الله فيه عدوّه وعدوّ جدّكما
ويستجيب فيه دعاء أُمّكما .
كُلا فإنّه اليوم الذي فيه يقبل الله أعمال شيعتكما ومحبيكما
كلا فإنّه اليوم الذي يصدق فيه قول الله - تعالى - : ( فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً
بِمَا ظَلَمُوا ) ( 1 ) .
كُلا فإنّه اليوم الذي تكسّر فيه شوكة مبغض جدّكما .
كُلا فإنّه اليوم الذي يفقد فيه فرعون أهل بيتي وظالمهم وغاصب حقّهم .
كُلا فإنّه اليوم الذي يعمد الله فيه إلى ما عملوا من عمل فيجعله هباء منثورا .
قال حذيفة : فقلت : يا رسول الله ! وفي أُمّتك وأصحابك من ينتهك هذه الحرمة ؟
فقال ( صلى الله عليه وآله ) : يا حذيفة ! جبت من المنافقين يترأس عليهم ، ويستعمل في أُمّتي
الرياء ، ويدعوهم إلى نفسه ، ويحمل على عاتقه درّة الخزي ، ويصدّ عن سبيل الله ،
ويُحرّف كتابه ، ويُغيّر سنّتي ، ويشتمل على إرث ولدي ، وينصب نفسه عَلَماً ، ويتطاول
عَلَيّ من بعدي ، ويستحلّ أموال الله من غير حلّه ، وينفقها في غير طاعته ، ويكذّب
أخي ووزيري ، وينحّي ابنتي عن حقّها ; فتدعو الله عليه ويستجيب دعائها في مثل
هذا اليوم .
قال حذيفة : فقلت : يا رسول الله ! فَلِمَ لا تدعو الله ربّك عليه ليهلكه في حياتك ؟
فقال : يا حذيفة ; لا أُحبّ أن أجترأ على قضاء الله - تعالى - لما قد سبق في علمه ،
لكنّي سألت الله أن يجعل اليوم الذي يقبض فيه له فضيلة على سائر الأيّام ; ليكون
ذلك سنّة يستنّ بها أحبّائي وشيعة أهل بيتي ومحبّوهم .
فأوحى الله إليّ - جلّ ذكره - أن : يا محمّد ! كان في سابق علمي أن تَمَسَّك وأهل
بيتك محن الدنيا وبلاؤها ، وظلم المنافقين والغاصبين من عبادي ، الذين نصحتهم
وخانوك ، ومحضتهم وغشّوك ، وصافيتهم وكاشحوك ، وصدقتهم وكذّبوك ، وأنجيتهم
وأسلموك ، فأنا آليت بحولي وقوّتي وسلطاني لأفتحنّ على روح من يغصب بعدك
عليّاً حقّه ألف باب من النّيران من أسفل الفيلوق ، ولأصلينّه وأصحابه قعراً يشرف
عليه إبليس فيلعنه ، ولأجعلنّ ذلك المنافق عبرة في القيامة لفراعنة الأنبياء وأعداء
الدين في المحشر ، ولأحشرنّهم وأوليائهم وجميع الظلمة والمنافقين إلى نار جهنّم
زرقاً كالحين أذلّة خزايا نادمين ، ولأخلدنّهم فيها أبد الآبدين .
يا محمّد ! لن يرافقك وصيّك في منزلتك إلاّ بما يمسّه من البلوى من فرعونه
وغاصبه الذي يجترئ عَلَيّ ، ويبدّل كلامي ، ويشرك بي ، ويصدّ النّاس عن سبيلي ،
وينصب نفسه عجلاً لأُمّتك ، ويكفر بي في عرشي .
إنّي قد أمرت سبع سماواتي لشيعتكم ومحبّيكم أن يتعيّدوا في هذا اليوم الذي
أقبضه فيه إليّ .
وأمرتهم أن ينصبوا كرسيّ كرامتي حذاء البيت المعمور ويثنوا عَلَيّ ويستغفروا
لشيعتكم ومحبّيكم من ولد آدم .

وأمرت الكرام الكاتبين أن يرفعوا القلم عن الخلق كلّهم ثلاثة أيّام من ذلك اليوم لا يكتبون شيئاً من خطاياهم كرامة لك ولوصيّك .
يا محمّد ! إنّي قد جعلت ذلك اليوم عيداً لك ولأهل بيتك ولمن تبعهم من شيعتهم ، وآليت على نفسي بعزّتي وجلالي وعلويّ في مكاني لأحبونّ من يعيّد في ذلك اليوم - محتسباً - ثواب الخافقين في أقربائه وذوي رحمه ، ولأزيدنّ في ماله إن وسّع على نفسه وعياله فيه ، ولأعتقن من النّار من كلّ حول في مثل ذلك اليوم ألفاً من مواليكم وشيعتكم ، ولأجعلنّ سعيهم مشكوراً وذنبهم مغفوراً وأعمالهم مقبولة .
قال حذيفة : ثمّ قام رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) إلى أُمّ سلمة فدخل ورجعت عنه وأنا غير شاكّ في أمر الشّيخ حتّى ترأس بعد وفاة النّبي ( صلى الله عليه وآله ) وأعاد الكفر ، وإرتدّ عن الدّين ،وشمّر للملك ، وحرّف القرآن ، وأحرق بيت الوحي ، وأبدع السنن ، وغيّر الملّة ، وبدّل السنّة ، وردّ شهادة أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، وكذّب فاطمة ( عليها السلام ) ، وإغتصب فدكاً ، وأرضى المجوس واليهود والنصارى ، وأسخط قرّة عين المصطفى ، ولم يرضهم ، وغيّر السنن كلّها ، ودبّر على قتل أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، وأظهر الجور ، وحرّم ما أحلّ الله وأحلّ ما حرّم الله ، وألقى إلى النّاس أن يتّخذوا من جلود الإبل دنانير ، ولطم حر وجه الزكيّة ، وصعد منبر الرسول ( صلى الله عليه وآله ) غصباً وظلماً ، وإفترى على أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وعانده وسفّه رأيه .
قال حذيفة : فاستجاب الله دعاء مولاتي على ذلك المنافق وأجرى قتله على يد
قاتله ( رحمه الله ) ، فدخلت على أمير المؤمنين ( عليه السلام ) لأُهنّئه بقتله ورجوعه إلى دار الانتقام ، فقال لي : يا حذيفة ! أتذكر اليوم الذي دخلت فيه على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وأنا وسبطاه نأكل معه فدلّك على فضل ذلك اليوم الذي دخلت عليه فيه ؟
قلت : بلى يا أخا رسول الله .
فقال : هو - والله - هذا اليوم الذي أقرّ الله به عين آل الرسول ، وإنّي لأعرف لهذا
اليوم اثنين وسبعين إسماً .
قال حذيفة : فقلت : يا أمير المؤمنين ! أُحبّ أن تسمعني أسماء هذا اليوم .
فقال ( عليه السلام ) : هذا يوم الاستراحة .
ويوم تنفيس الكربة .
ويوم الغدير الثاني .
ويوم حط الأوزار .
ويوم الخيرة .
ويوم رفع القلم .
ويوم الهدو .
ويوم العافية .
ويوم البركة .
ويوم الثار .
ويوم عيد الله الأكبر .
ويوم إجابة الدعاء .
ويوم الموقف الأعظم .
ويوم التوافي .
ويوم الشرط .
ويوم نزع السواد .
ويوم ندامة الظالم .
ويوم انكسار الشوكة .
ويوم نفي الهموم .
ويوم القنوع .
ويوم عرض القدرة .
ويوم التصفّح .
ويوم فرح الشيعة .
ويوم التوبة .
ويوم الإنابة .
ويوم الزكاة العظمى .
ويوم الفطر الثاني .
ويوم سيل الشعاب .
ويوم تجرّع الدقيق .
ويوم الرضا .
ويوم عيد أهل البيت .
ويوم ظفر بني إسرائيل .
ويوم قبول الأعمال .
ويوم تقديم الصدقة .
ويوم الزيارة .
ويوم قتل النفاق .
ويوم الوقت المعلوم .
ويوم سرور أهل البيت .
ويوم الشهود .
ويوم القهر للعدو .
ويوم هدم الضلالة .
ويوم التنبيه .
ويوم التصريد .
ويوم الشهادة .
ويوم التجاوز عن المؤمنين .
ويوم الزهرة .
ويوم التعريف .
ويوم الإستطابة .
ويوم الذهاب .
ويوم التشديد .
ويوم إبتهاج المؤمن .
ويوم المباهلة .
ويوم المفاخرة .
ويوم قبول الأعمال .
ويوم التبجيل .
ويوم إذاعة السرّ .
ويوم النصرة .
ويوم زيادة الفتح .
ويوم التودّد .
ويوم المفاكهة .
ويوم الوصول .
ويوم التذكية .
ويوم كشف البدع .
ويوم الزهد .
ويوم الورع .
ويوم الموعظة .
ويوم العبادة .
ويوم الاستسلام .
ويوم السلم .
ويوم النحر .
ويوم البقر .

قال حذيفة : فقمت من عنده وقلت في نفسي : لو لم أدرك من أفعال الخير وما
أرجو به الثواب إلاّ فضل هذا اليوم لكان مناي .
قال محمّد بن العلا الهمداني ويحيى بن جريح : فقام كلّ واحد منّا وقبّل رأس أحمد بن إسحاق بن سعيد القمّي وقلنا له : الحمد لله الذي قيّضك لنا حتّى شرّفتنا بفضل هذا اليوم ، ثمّ رجعنا عنه ، وتعيّدنا في ذلك .
فهذا الحديث الشريف فيه دلالة وتنبيه على كون هذا الشخص من أكبر المنافقين
وأعظمهم معاداة لآل محمّد ( عليهم السلام ) وشنآناً وبغضاً بنصّ رسول الله ونصّ وصيّه « صلوات الله عليهما » وشهادة حذيفة بن اليمان الذي قال فيه رسول الله ( صلى الله عليه وآله).

مصادر حديث فرحة الزهراء عليها السلام