صورة رئيس أكبر دولة في العالم يتعرض للرشق بالبيض الفاسد من قبل أحد المتظاهرين ضد العولمة . شجّعه على تنفيذ هذه الفكرة ضد أحد كبار المسؤولين في محافظته . تعبيرًا عن احتجاجه على انتشار ظاهرة فقر الدم لدى عامة الناس .
ذهب إلى دكان الحيّ واقترض عشر بيضات وعاد إلى بيته . وفرشهم على سطحه المشمس مدة عشرة أيام . تأكد بعدها من أنها أصبحت فاسدة . ثم جمعها في سلةٍ قصبية ، منتظراً بفارغ الصبر قدوم الغد .
و في صبيحة اليوم التالي ربض عند إشارة المرور ، في الشارع الذي يمر فيه عادةً موكب المسؤول الكبير في المحافظة . وبدأ يخطط كيف سينتشل البيضة تلو الأخرى ويرشق بها سيارة المسؤول . وكم سيكون موفقًا فيما لو كانت النافذة الخلفية مفتوحة، فقد يصيبه على وجهه أو على ثيابه فيلوثها . لكن سرعان ما تذكر بأن السيارة مكيفة ولا حاجة لفتح نوافذها .. فاقتنع بالاكتفاء رشق السيارة السوداء الفاحمة و تلويثها ...
لحظات ويتناهى إلى سمعه صوت زمور سيارة الشرطة التي تتقدم الموكب . تسارعت خفقات قلبه .. وبدأ جسده بالارتعاش و فرائصه بالارتعاد . فهو لم يسبق له في يوم من الأيام أن تطلّع إلى مسؤول إلا عبر جهاز التلفاز .
وحرصًا من المسؤول على مراعاة نظام السير، توقفت سيارته عند إشارة المرور الحمراء . والتفت باتجاه صاحب السلة القصبية وابتسم . وسرعان ما ابتسم صاحبنا بالمثل . أنزل المسؤول بلّور النافذة ليتسلّى معه ريثما تصبح الإشارة خضراء وسأله:
* ماذا تبيع يا عمّ ؟
** ( بخوف شديد يخالطه شعور بالفرح لم يسبق أن انتابه من قبل )
: بيض بلدي يا سيدي !
* كم البيضة ؟
** لك مجانًا يا سيدي !
* لقد اشتقت إلى مذاق البيض البلدي .. هات السلة كلها .( ومدّ يده التي تحمل ورقة نقدية من فئة الخمسمائة ليرة .. )
** ( بحرج وارتباك شديدين ) لكنها فاسدة يا سيدي !
* وهل تبخل علينا بكم بيضة يا عمّ ؟
** معاذ الله سيدي ! ولكنها بالفعل فاسدة !
* ولماذا تحملها بهذه العناية إذًا ؟
** ( بتردّدٍ و تحفزٍ هائلين لاستحضار الجواب ) سيدي ! جئت لأرميها في حاوية الزبالة فهي لا تصلح للاستهلاك البشري ..
* برافو عليك يا عمّ ! يعطيك العافية .. إنك بالفعل مثال للمواطن الصالح ..
وإذ بإشارة المرور الخضراء تؤذن باستئناف السير . فيلوّح المسؤول لصاحبنا بيده ويختفي في الزحمة .
عاد صاحب السلة إلى البيت مقتنعاً بتربية عدة دجاجات لبيع بيضها البلدي الطازج إلى المسؤولين الكبار في محافظته ..
وقال في نفسه : بالفعل اليد الواحدة لا تصفق .
ضيا اسكندر - اللاذقية