شركة نستله (Nestlé) التي تأسست عام 1867 في سويسرا، تعد من أضخم الشركات الغذائية متعددة الجنسيات في العالم، وتنتشر منتجاتها في كل بيت تقريبًا.
لكن وراء هذا النجاح التجاري الهائل، تظهر سلسلة من القضايا الأخلاقية والجنائية التي تجعل من دعم هذه الشركة مسألة تستحق إعادة النظر.
فهل نستمر في دعمهم؟ أم أنهم حقًا يستحقون المقاطعة؟
1. استغلال الأطفال في العمل
واحدة من أخطر الاتهامات التي وُجهت إلى نستله هي استغلال الأطفال في مزارع الكاكاو.
في العديد من دول غرب إفريقيا، يُجبر الأطفال على العمل في ظروف خطرة مقابل أجور زهيدة أو حتى دون أجر.
رغم التعهدات التي أطلقتها نستله للتخلص من هذه الممارسات، إلا أن الأدلة تشير إلى استمرار هذه المشكلة، مما يثير تساؤلات حول مدى التزام الشركة بحماية حقوق الإنسان.
2. التلاعب بالتغذية في الدول النامية
في السبعينيات، أطلقت نستله حملة تسويقية لمنتجات الحليب المجفف في الدول النامية، تم الترويج لهذه المنتجات على أنها بديل صحي وآمن عن الرضاعة الطبيعية.
لكن في الواقع، أدى استخدام هذا الحليب في ظل ظروف نقص النظافة والمياه الصالحة للشرب إلى وفاة العديد من الأطفال بسبب سوء التغذية والأمراض.
هذه الحملة تسببت في موجة غضب عالمي وأثرت سلبًا على سمعة الشركة لعدة عقود.
3. استنزاف الموارد المائية
في مناطق عديدة حول العالم، تواجه نستله انتقادات حادة بسبب استنزافها للمياه الجوفية لتعبئة المياه المعدنية وبيعها تجاريًا.
في الولايات المتحدة وغيرها من الدول، قامت الشركة بضخ كميات هائلة من المياه من المصادر الطبيعية، مما أدى إلى نقص حاد في المياه للسكان المحليين وتدمير البيئة الطبيعية.
هذه الممارسات غير المستدامة تعد انتهاكًا لحقوق المجتمعات المحلية وتهديدًا للمستقبل البيئي.
4. الاحتكار والتلاعب بالأسواق المحلية
نستله متهمة أيضًا باستغلال المزارعين المحليين في دول عدة من خلال دفع أسعار منخفضة للغاية مقابل محاصيلهم الزراعية، خاصة الكاكاو والقهوة.
هذه السياسات تساهم في زيادة الفقر في المجتمعات الزراعية وتحد من قدرتها على تحقيق التنمية الاقتصادية.
بدلاً من دعم هؤلاء المزارعين، تساهم الشركة في تكريس الفقر والاعتماد على الأسواق العالمية.
5. التلوث البيئي
نستله تُعتبر من أكبر منتجي النفايات البلاستيكية في العالم. منتجاتها المعبأة بالبلاستيك تُسهم بشكل كبير في تلوث المحيطات والبيئة البحرية.
رغم المحاولات البسيطة للتقليل من استخدام البلاستيك، إلا أن حجم المشكلة يتجاوز بكثير ما تم اتخاذه من إجراءات.
التلوث الناتج عن هذه النفايات يمثل خطرًا كبيرًا على الحياة البرية والبحرية.
6. فضائح التسمم الغذائي
عام 2008، تورطت نستله في فضيحة كبيرة في الصين عندما تم اكتشاف أن منتجات الحليب المجفف كانت ملوثة بمادة الميلامين الكيميائية، التي أضيفت لتحسين مظهر البروتين في الحليب.
هذه المادة تسببت في وفاة وإصابة العديد من الأطفال، مما أثار استياءً عالميًا ضد الشركة.
7. دعم إسرائيل
إلى جانب القضايا المتعلقة بحقوق الإنسان والبيئة، تُتهم نستله بدعم إسرائيل بشكل مباشر أو غير مباشر.
على مر السنين، انتشرت تقارير تشير إلى أن نستله تستثمر في إسرائيل، مما أثار موجة من الدعوات إلى مقاطعة منتجاتها، خاصة في الدول التي تدعم القضية الفلسطينية.
يرى البعض أن دعم الشركات الكبرى مثل نستله للاقتصاد الإسرائيلي يعزز استمرار الانتهاكات ضد الشعب الفلسطيني، مما يجعل من المقاطعة أداة ضغط فعالة للتأثير على سياسات الشركات.
هل نستمر في دعمهم؟
في ظل هذه الاتهامات الجسيمة المتعلقة باستغلال الأطفال، استنزاف الموارد البيئية، الممارسات الاحتكارية، فضائح التسمم الغذائي، ودعم إسرائيل، يبقى السؤال الأهم: هل نستمر في دعم شركة تضع الأرباح فوق الاعتبارات الإنسانية والبيئية؟
إن الدعوات إلى مقاطعة نستله ليست مجرد ردة فعل عاطفية، بل هي نتيجة تراكمات لسنوات من الانتهاكات والممارسات غير الأخلاقية التي لا تزال تؤثر على الملايين حول العالم.
المقاطعة قد تكون واحدة من الأدوات الفعالة التي يمكن أن يستخدمها المستهلكون للضغط على الشركات الكبرى مثل نستله لتبني سياسات أكثر إنسانية وأخلاقية، ودفعها لاحترام حقوق الإنسان، وحماية البيئة، والتوقف عن دعم الأنظمة التي تنتهك حقوق الشعوب.