بعض قناديل البحر تعيد دورة حياتها وتجدد نفسها (رويترز)
تساءلت نيوزويك الأمريكية، عن إمكانية استفادة البشر من القدرات التي تمتلكها بعض المخلوقات، التي تجدد نفسها لتتمتع بعمر طويل، أو لتعويض أطرافها المبتورة.
وفي تقرير نشرته الأحد، لمراسلة الشؤون العلمية، جيس تومسون، تعتبر نيوزويك أن البشر لا يمتلكون إلا حقيقة واحدة رغم أنها الأكثر إيلاما، وهي أننا نموت في النهاية.
وتقول جيس إن الإنسان رغم ذلك يسعى دوما لتمديد عمره، وإطالته قدر الإمكان، خاصة عندما ينظر إلى الحيوانات المحيطة به ويقارن عمره بأعمارها، ففي الطبيعة وعالم الحيوانات توجد مخلوقات تتميز بقدرتها على العيش مدة طويلة مثل الكركند، وقنفذ البحر، وقنديل البحر، والهيدرا -وهي من الكائنات العقدية التي تعيش في الماء العذب- وبعض أنواع القروش، وأسماك الصخور، وقد اعتادت هذه الكائنات إطالة أعمارها من خلال أنماط معيشية معينة.
وينقل التقرير عن أستاذ فلسفة أخلاقيات الكائنات الحية، في جامعة كاليفورنيا قوله “هناك مستعمرات من الشعاب المرجانية يتعدى عمرها 20 ألف سنة، وأنواع من البكتريا لا تشيخ، بل تنقسم فقط، ثم ينقسم نسلها مرة أخرى، ثم أخرى، إلى الأبد”.
ويوضح التقرير أن البشر يشيخون بسبب مجموعة مركبة من العوامل، منها بطء تجدد شرائط الجينات داخل الخلايا (الكروموسومات)، مع مرور الوقت، وقلة المتاح من الخلايا الجديدة، مما يؤدي إلى بطء عمليات إصلاح وتجديد الخلايا، ومن ثم يشيخ البشر.
ويقول أستاذ علوم الأحياء في جامعة لندن، دافيد جيمس، إنه “لا يوجد إجماع في الوقت الحالي بين الباحثين في علم الأحياء، يماثل إجماعهم على البحث في أسباب الشيخوخة، ومن الأفكار الموجودة منذ فترة أن الشيخوخة تنتج عن تراكم الضرر، وأن الكائنات التي لا تشيخ تقوم بعمل جيد جدا في إصلاح وتجديد نفسها”.
ويستعرض التقرير آليات بعض الكائنات في تجديد نفسها مثل قروش غرينلاند، التي تنمو لتصبح بطول يتراوح بين مترين و7 أمتار، وتعيش في أعماق المحيط المتجمد الشمالي، وتحظى بأطول معدل عمر بين الفقاريات، إذ تعيش مئات السنين. ويعتقد العلماء أن أقدم ما عثروا عليه منها حتى الآن، قد ولد بين عامي 1504، و1744.
ويقول الباحث في مجال الفقاريات في غرينلاند، إريك ستيماري “لقد درسنا نظام التمثيل الغذائي لديها قبل عامين، واكتشفنا أنها تتمتع بنظام تمثيل غذائي شديد البطء، وهو أمر لا يشكل مفاجأة بالنسبة لحجمها ومعيشتها في الأعماق الباردة، ونعتقد أن هذا الأمر مرتبط بطول أعمارها، لكننا بحاجة شديدة إلى مزيد من البحث”.
السلمندر يجدد أطرافه المفقودة (رويترز)
ويواصل التقرير ذكر عدد من الكائنات التي لا تشيخ بسهولة، مشيرا إلى قناديل البحر خاصة النوع الذي يعرف باسم “قنديل البحر الخالد” وهو الكائن البحري الذي ينمو ليصبح بحجم نصف سنتيمتر تقريبا، لكنه يتمتع بالقابلية للتحول إلى نوع من الكائنات العقدية، التي تعد المرحلة الأولى من دورة حياته ليعيد تكوين نفسه من جديد، وهو ما يجذب العلماء للبحث في هذه النقطة تحديدا، بهدف العثور على آلية تساعد الإنسان على إعادة تجديد خلاياه ومنع الشيخوخة.
ويضيف التقرير أن الكثير من الأبحاث يجري حاليا على إعادة نمو الأطراف التي تقطع وتنفصل عن الجسم مثلما يفعل السلمندر، وهو نوع من الأسماك البحرية، الأمر الذي قد يفيد المعاقين ويدعم إمكانية حصلوهم على أطراف طبيعية جديدة إذا عُثر على الجين الخاص بهذه الإمكانية في السلمندر.
وينقل التقرير عن إيغور شنايدر الأستاذ المساعد في علم تجدد الأطراف بجامعة لويزيانا الأمريكية، قوله “يعمل العلماء على العديد من الجبهات، للتوصل لإمكانية إعادة نمو الأطراف البشرية، ومن الأمور الهامة تحديد الجينات المسؤولة عن تكوين البروتينات التي تبدأ هذه العملية في السلمندر”.
وتختم جيس تقريرها بقولها إنه حتى لو توصلنا إلى جينات تجديد الخلايا، والتغلب على الشيخوخة، والعيش فترات أطول، فإن ذلك “لن يمنع موتنا في النهاية، وفي أي وقت، فلربما نجدد خلايانا، ونتمتع بالشباب الدائم، لكن نموت فجأة في حادث سيارة أو بسبب مرض فتاك، الأمر في النهاية متروك للقدر”.