معرض نازلي مدكور
بلمسات خشنة وأخرى مرهفة الحس وألوان هادئة، تقدم الفنانة التشكيلية نازلي مدكور معرضها الجديد “أثير الأرض”، الذي يعكس شغفها الدائم بالطبيعة، فتقدم الأرض بألوانها وأحاسيسها، وتخوض رحلة متخيلة في حالة هائمة للتعرف على الطبيعة، فتبدأ في نسج السطح بدفقات متتالية من اللون ولمسات متعددة التأثير.
المعرض الذي استمرت في تحضيره عامين كاملين هو استكمال لمسيرة نازلي مدكور الفنية، التي تتميز بالثراء الإنساني والتفاعل مع الطبيعة الخلابة، فتنقل المتلقي عبر لوحاتها إلى عوالم من الجمال والطبيعة والسمو الروحي، ففي معرضها السابق الذي حمل عنوان “تأملات” قدمت الورود.
معرض نازلي مدكور
لكن هذا المعرض الحالي يركز على الأرض بشكل أكبر ليس فقط في التكوين، ولكن في خامات الأعمال أيضا، فاستخدمت الورق بكثافة أكثر. وفي أعمالها لا تنظر مدكور إلى العالم بعين المراقب أو الملاحظ بل تتماهى معه وتلتف به وتتصل بموجوداته، ومن خلاله تتعرف على ذاتها الخاصة وتفسح الطريق لرؤيتها التصويرية في محاولة لاكتشاف الطبقات الكامنة خلف اللقطة النهائية المكتملة التي نراها من الخارج، كما تصفها الدكتورة أمل نصر، أستاذ التصوير بجامعة الإسكندرية.
وتقدم نازلي مدكور النبات مرة أخرى في أعمالها، لكنه ليس البطل الرئيسي في معظم اللوحات، بل ترسم الأرض وما تثيره في الوجدان من أحاسيس أو ذكريات، فقد يصاحب ذلك نوعا من النوستالجيا إلى عالم سحيق، وأحيانا عالم أقرب في الذاكرة لمناطق سبق لها زيارتها في سيوة والواحات ودهشور والأقصر، وهل كلها أماكن تختلط في أعمالها.
وتوضح مدكور أن ما زاد أيضا في أعمالها هو النيل والأعشاب التي تنمو على ضفافه، فيضم المعرض ذكريات أيضا من أماكن مختلفة متحدة، مضيفة: “المعرض يقدم أحاسيسا غير ظاهرة لها صفة تجريدية، من خلال دفعات تعطي صورة لأماكن سواء متخيلة وموجودة في ذاكرتي”.
ألوان هادئة
استخدمت مدكور ألوانا متنوعة في لوحاتها، منها الأسود، فبعيدا عن دلالته وإثارته للحزن، جاء الأسود في لوحاتها لتحقيق التباين فهو “يضيف ثقلا وعمقا وظلالا للوحة” كما وصفته، كما استخدمت اللون الأصفر بدرجاته، وحتى الأحمر الذي تقل من استخدامه اقترب من بعض الأعمال في معرضها الحالي، فتقول: “ألواني هادئة وغير صارخة”.
أما عن الخامات، فتشير إلى أنه مع تقديمها الأرض، ظهرت خشونة الطين والأحجار في الأعمال، وفي لوحات أخرى ظهرت ليونة المياه والإحساس بها والأعشاب، موضحة أن الأعمال البالغ عددها 40 بمقاسات متفاوتة بين تابلوهات صغيرة الحجم وأخرى بأحجام تصل لنحو متر ونصف في مترين، تنقسم بين لوحات مرسومة على “كانفس” بالأكريليك، وأخرى مرسومة على ورق بالأكريليك والألوان المائية، وتقدم لوحات مرسومة على ورق في هذا المعرض بكثافة أكبر من أي تجربة سابقة.
عامان من التحضير
وتشير إلى أن الأعمال تحمل إيحاءات وأحاسيس متنوعة، لكن الروح واحدة في النهاية، وتم التحضير للمعرض على مدار عامين، موضحة أن التعامل مع الورق كان مختلفا عن الـ”كانفس” وكذلك التفكير، فالأفكار التي تناسب الورق لا تناسب القماش والعكس صحيح، فكل خامة تستدعي عند الفنان معاملات خاصة أو تفكير خاص بما يناسبه، وتحديد أي منهما للعمل أمر يعود لمزاج الفنان وفكرته.
المعرض المقام في جاليري بيكاسو، بدأ في 7 فبراير ويستمر حتى 22 من الشهر نفسه، وهو أحدث معارض مدكور التي عرضت لوحاتها في كل من ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وإنجلترا وهولندا والإكوادور واليونان ولبنان والبحرين والشارقة والبرتغال والكويت واليابان والصين والولايات المتحدة وكندا، وتوجد أعمالها في العديد من المقتنيات الخاصة والعامة والمتحفية في مصر والخارج.
وقدمت عبر مسيرتها الفنية أكثر من ألف لوحة، وصدر لها في مارس الماضي كتاب استيعادي مصور لمسيرتها الفنية خلال 40 عامًا، يوثق أكثر من 130 لوحة ممثلة لكل مراحلها الفنية.