هل أصول السومريين تنحدر الى حوض الخليج العربي؟ – بقلم صادق علي القطري
إن السؤال حول ما إذا كان “السومريون” قد نشأوا من حوض الخليج العربي ام لا هو سؤال مثير للاهتمام حيث يجب ان يكون مدعوم بنتائج مختلفة سواءً أثرية او تاريخية مختلفة.
يُعَد السومريون من أقدم الحضارات المتقدمة في تاريخ البشرية على الاطلاق، حيث ازدهرت حضارتهم في جنوب بلاد ما بين النهرين “العراق حاليا”، بين عام 4500 إلى عام 1900 قبل الميلاد. أصولهم معقدة ومتعددة الأوجه، وتتضمن نظريات وافتراضات مختلفة ولا تزال أصولهم موضع نقاش علمي، ولكن ظهرت العديد من النظريات استنادًا إلى الأدلة الأثرية واللغوية. فيما يلي بعض النقاط الرئيسية التي تسلط الضوء على هذا الارتباط:
الموقع الجغرافي: يقع حوض الخليج العربي بجوار جنوب بلاد ما بين النهرين، حيث ازدهرت الحضارة السومرية. ويشير هذا القرب إلى أن حوض الخليج الذي كان منطقة مهمة وملاذا للاستيطان البشري المبكر والتبادل الثقافي. وكان موطناً لبعض المجموعات البشرية الأولى التي هاجرت خارج أفريقيا وأن المنطقة (منطقة حوض الخليج العربي) ربما استضافت مستوطنين بشريين لأكثر من 100000 عام قبل أن يغمرها المحيط الهندي منذ حوالي 8000 عام “أي عند ذوبان الجليد اثناء الطوفان”.
تشير الأدلة الأثرية الحديثة أيضا، إلى وجود مستوطنات دائمة على طول ساحل الخليج يعود تاريخها إلى حوالي 7500 عام. خلال العصر الجليدي الأخير، عندما كانت مستويات سطح البحر أقل بكثير، ربما كانت هناك حضارة مزدهرة في المنطقة المغمورة الآن تحت مياه الخليج العربي. يشير مؤيدو هذه الفرضية إلى أدلة مختلفة، مثل القطع الأثرية القديمة الموجودة في المنطقة، والهياكل والتكوينات المغمورة التي تشبه المعالم والتي هي من صنع الإنسان، والدراسات الجيولوجية والأثرية.
وقد دفعت هذه النتائج بعض الباحثين إلى اقتراح أن منطقة الخليج كانت ذات يوم مساحة أرض خصبة يسكنها البشر. ولقد كان حوض الخليج العربي جزءًا من شبكة تجارية واسعة النطاق شملت مستوطنات العبيد في بلاد ما بين النهرين، مما يشير إلى أن المجتمعات على طول حوض الخليج كانت مترابطة على الأرجح مع تلك الموجودة في سومر.
اما عن النتائج الأثرية: فقد كشفت الاكتشافات الحديثة في حوض الخليج عن أدلة واضحة على وجود مستوطنات قديمة يعود تاريخها إلى منتصف الألفية السادسة قبل الميلاد. تميزت هذه المستوطنات بمنازل حجرية جيدة البناء، وشبكات تجارية طويلة المدى، وفخار متقدم، مما يشير إلى مستوى من التطور الذي يتماشى ويتطابق مع الثقافة السومرية المبكرة. يقترح بعض الباحثين أن هذه المجتمعات ربما كانت أسلافًا للسومريين، مما قد يؤثر على تطورهم.
واما عن أنماط الفيضانات والاستيطان: فمنذ حوالي 8000 عام، أدى فيضان حوض الخليج بسبب ذوبان الصفائح الجليدية إلى خلق مناخ أكثر رطوبة ربما سهّل إنشاء حضارات متقدمة على طول الساحل. تتزامن هذه الفترة مع ظهور المدن السومرية، مما يشير إلى أن التغيرات البيئية في الخليج ربما لعبت دورًا في أنماط الهجرة والاستيطان للسكان الأوائل.
التجارة البحرية والرحلات البحرية: كان حوض الخليج طريقًا بحريًا بالغ الأهمية بعد الفيضان، حيث تم العثور على أدلة لبعض أقدم السفن البحرية المعروفة في العالم في المنطقة. يشير هذا إلى أن المجتمعات المحيطة بالخليج كانت منخرطة في التجارة والاستكشاف، وهو ما قد يكون ساهم في التقدم الثقافي والتكنولوجي الذي شهدته الحضارة السومرية.
التبادل الثقافي: من المرجح أن التفاعل بين حضارة السومريين والثقافات الأخرى الواقعة حول حوض الخليج سهّل التبادل الثقافي والفكري والتقني وتبادل السلع، وهذا أثر على الانتشار الثقافي وعلى تطور المجتمع السومري، وخاصة في مجالات الزراعة والتجارة وادارة الحكم.
باختصار،،، في حين أن الأدلة القاطعة التي تشير إلى أصول السومريين على وجه التحديد في حوض الخليج العربي لا تزال موضع بحث ومناقشة، إلا أن هناك مؤشرات قوية على أن الخليج لعب دورًا مهمًا في التنمية الثقافية والاقتصادية للحضارة السومرية المبكرة. تشير السياقات الجغرافية والأثرية والبيئية إلى وجود صلة قوية بين السومريين والمجتمعات التي ازدهرت على طول حوض الخليج العربي.
المهنس صادق علي القطري