يوم 9 يوليو/تموز 2006 رحل مدبولي عن عالمنا عن عمر 84 عاما
النجاح الكبير لأغاني مدبولي للأطفال جعلته يقدم عددا من الأغاني الشهيرة لأطفال جيل الثمانينيات والتسعينيات (مواقع التواصل)
"لقد تمتعت كثيرا يا بني بالدنيا، تمتعت يوم ما أنجبتكم، تمتعت يوم ما أنهيتم دراستكم وحصلتم على شهاداتكم وشرفتوني، تمتعت أكثر يوم ما تزوجتم وصار لكل منكم بيتا، تمتعت بنعمة ربنا كلها يوم ما أنجبتم وحملت أولادكم على يدي.. لقد تمتعت كثيرا جدا بالدنيا.. لا تشغلوا بالكم بي.. عندما أراكم في صحة وسعادة، هذه هي متعتي كلها".
بهذا المونولوج المؤثر يجيب "بابا عبده" (الفنان عبد المنعم مدبولي) -الذي رحل يوم 9 يوليو/تموز 2006 عن عمر 84 عاما- في أحد أشهر أدواره التلفزيونية، عندما يطلب ابناه منه ترك الوظيفة البسيطة التي قرر أن يشغل بها فراغه وأن يكتفي بالراحة والاستمتاع بالدنيا بعد إحالته للمعاش، ليرفض بشكل قاطع طلبهما ويؤكد أنه استمتع بالفعل بالدنيا في تربيتهما ورؤية أبنائهما.
قدم مدبولي هذا المشهد ضمن مسلسله التلفزيوني الشهير "أبناء الأعزاء.. شكرا" عام 1979، إلى جوار نجوم التلفزيون والسينما لاحقا يحيى الفخراني وفاروق الفيشاوي وصلاح السعدني وآثار الحكيم، ومن إخراج محمد فاضل.
لعب مدبولي شخصية "بابا عبده" الأب الذي تجاوز الستين من عمره، وتمت إحالته للمعاش، ليحاول الاقتراب من أبنائه وعائلاتهم، ليستعرض المسلسل علاقات الآباء والأبناء في سن حرجة، حيث يبحث الأب العجوز عما يشغله ويملأ فراغه، ولا يزال يحاول السيطرة على أبنائه والتدخل في حياتهم.
ويحكي مدبولي أن اسمه صار بين الجمهور "بابا عبده" بعد تقديم هذا المسلسل، كما أكد إيمانه بضرورة عدم تدخل الأب في حياة أبنائه لكن ينبغي عليهم مساعدتهم، لذلك فهو راض عن تصرفات "بابا عبده" في المسلسل.
ويضيف مدبولي -في حوار تلفزيوني- أن المسلسل توافرت لديه كل العوامل ليحقق نجاحا في العالم العربي، وتأثر المشاهدون به في كل البيوت، حيث رأى كل بيت واحدا من أبنائه في شخصية من شخصيات المسلسل.
ويحكي "بابا عبده" موقفا كوميديا تعرض له عندما دخل محلا يقف على بابه صاحبه الذي تجاوز الثمانين من العمر، ويقوم أبناؤه بالعمل داخل المحل، حيث أمسك العجوز بالفنان مدبولي، وقال له "أنا أنت.. وأولادي هم أولادك". ويحكي كذلك أنه تم استقباله استقبالا حافلا بمطار تونس في صف من المضيفات كـ "حرس شرف"!
أغانيه للأطفال
"كان فيه اسمه الشاطر عمرو.. وكمان كان فيه جدو بشنابات.. في معاد الأكل بأمر سي عمرو.. جدو يقعد يحكي حكايات".. وهي الأغنية الشهيرة التي غناها مدبولي مع الفنان الصغير وليد يحيى، حفيده "عمر" في المسلسل.
النجاح الكبير لأغاني مدبولي للأطفال جعلته يقدم عددا من الأغاني الشهيرة لأطفال جيل الثمانينيات والتسعينيات، وأهمها "الشمس البرتقالي" في استعراض مع الأطفال بأعياد الطفولة، كما غني مع الفنانة هدى سلطان أغنية توت توت، وغني "كاكا كاكى".. وكلها كانت تذيعها برامج الأطفال على شاشة التلفزيون المصري.
شخصيته
ولا تبتعد شخصية "بابا عبده" عن شخصية مدبولي الحقيقية، إذ يحكي أنه يحب قضاء الأوقات مع زوجته وابنه وأحفاده في بيته.ويضيف مدبولي -في لقاء تلفزيوني- أنه فقد والده عندما كان في صغره، ويستدعي التراجيديا التي عاشها في طفولته كلما مثل دورا حزينا، وهو ما يسميه "مخزن الذاكرة" التي يجب أن يمتلكها كل ممثل، كما يرتبط مدبولي عاطفيا بأمه التي أدخلته الكُتاب في الرابعة من عمره، وألحقته بمدرسة الهلال المصرية.
يرتبط أيضا بحي باب الشعرية القاهري حيث نشأ، وقد تأثر بالموالد الدينية التي تحيي ذكرى أولياء الله الصالحين التي تقام من حين لآخر، وكان شغوفا بمتابعة الفرق التمثيلية التي تأتي لتقديم عروضها، متابعا للفرق الموسيقية التي تأتي لإحياء الأفراح في حيه الشعبي.
مدرسة كوميدية
شكل مدبولي مدرسة مستقلة في الكوميديا، حيث أسس العديد من الفرق المسرحية، وانضم لمسرح التلفزيون وشكل مع رواد جيله فؤاد المهندس وأمين الهنيدي امتدادا لكوميديا نجيب الريحاني وعلي الكسار.
بعد نحو عقد من النجاح في المسرح، اتجه مدبولي للسينما وقدم نحو 150 فيلما، أشهرها "إحنا بتوع الأتوبيس، الحفيد، ربع دستة أشرار، عالم مضحك جدا، غرام في أغسطس، مطاردة غرامية، المليونير المزيف".
حصل على العديد من الجوائز أبرزها شهادة تقدير خاصة من الرئيس الراحل محمد أنور السادات عن مسلسله "أبنائي الأعزاء.. شكرا" كما حصل على وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى عام 1983 ثم جائزة الدولة التقديرية عن مجمل أعماله عام 1884.
رحيله
وفي مثل هذا اليوم 9 يوليو/تموز 2006 رحل مدبولي عن عالمنا عن عمر 84 عاما بعد صراع طويل مع المرض، تاركا إرثا كبيرا في المسرح والسينما والتلفزيون وأغنيات معدودة للأطفال لكنها خالدة في وجدان الملايين.