10, Apr, 2013
فيديو يثير تساؤلات عديدة عن مقتل الشيخ البوطي في سوريا

يُظهر الفيديو الشيخ البوطي وهو جالس وأمامه طاولة بمسجد الإيمان في وسط دمشق
جيم موير - بي بي سي ـ بيروت
ينتشر حاليا مقطع فيديو على شبكة الإنترنت يُظهر على ما يبدو الانفجار الذي وقع يوم 21 مارس/آذار وقتل خلاله الشيخ السوري البارز محمد رمضان البوطي في أحد مساجد دمشق، ويثير هذا الفيديو العديد من الأسئلة بشأن مقتل الرجل الذي يعد الشخص الأكثر شهرة لدى المشاهدين السوريين أكثر من أي شخص آخر، سوى الرئيس بشار الأسد.
وقدم النظام تغطية موسعة لمقتله في الإعلام الرسمي، وكان ذلك أكثر من أي حدث فردي آخر منذ اندلاع الانتفاضة السورية منذ أكثر من عامين.
وقال النظام إن الشيخ الذي خصصت له حراسة قوية اغتيل على يد مفجر انتحاري قام بتفجير نفسه داخل المسجد، مخلفا انفجارا هائلا أدى لمقتل نحو 50 آخرين من الطلاب، ومن بينهم حفيد الشيخ البوطي، وإصابة آخرين بإصابات بالغة.
لكن مقطع الفيديو الذي انتشر مؤخرا على الإنترنت لا يحمل هذه الرواية للأحداث، وهو المقطع الذي لم تتعرض مصداقيته لتحد جاد حتى الآن.
وميض وصوت انفجار ودخان
ويظهر الفيديو وميضا، وصوت انفجار، ودخانا يعقب وقوع الانفجار، ويُظهر الشيخ البوطي وهو جالس وأمامه طاولة بمسجد الإيمان في وسط دمشق، ويخاطب الطلاب الجالسين أمامه. وبينما كان الشيخ يتحدث لطلابه، وقع انفجار صغير أمام الطاولة، وصدر عن ذلك وميض وصوت فرقعة وبعض الدخان، لكن لم يكن ذلك قويا بما يكفي لإصابة الطاولة أو اهتزاز الكاميرا التي تلتقط المشهد.
وفي غضون ثلاث ثوان، انقشع الدخان بما يكفي للمشاهد ليرى الشيخ الذي تراجع مترنحا في مقعده وأمسك برأسه وهو يعتدل في جلسته بشكل غير مستقر بعض الشيء، وكان يعيد ضبط العمامة التي يرتديها فوق رأسه، والتي انزلقت بعض الشيء.
وبالرغم من وجود بعض الدخان، لم تكن هناك اصابات بالغة يمكن رؤيتها، وكان الشيخ يبدو أنه قوي بما يكفي ليعود إلى جلسته دون استخدام يديه للاعتدال، والتي كانت منشغلة بضبط عمامته.
وفي هذه اللحظة، وبعد مرور خمس ثوان من الانفجار، ظهر رجل يرتدي زيا أسود وتحرك أمام الكاميرا مقتربا من الشيخ، وحجبه عن الرؤية.
ويبدو أن هذا الرجل كان يقوم بعمل شيء ما للشيخ، وكان يدفعه للخلف ولليسار، ثم تركه ساكنا هامدا بينما ابتعد هو عن الكاميرا، وذلك بعد ظهوره فقط لمدة خمس ثوان. ولم يظهر هذا الرجل في المشهد مرة أخرى.
وتحرك خمسة رجال آخرين للأمام وحول الطاولة ورفعوا الشيخ إلى أعلى وسحبوه نحو اليمن مباشرة، وبمرور هذا الوقت بدا الشيخ منهكا بالفعل وينزف بغزارة من فمه ومن جرح في الجانب الأيسر من رأسه. وينتهي الفيديو عند هذه المرحلة، بعد مرور 29 ثانية فقط.
وبينما كان صوت الشيخ مسموعا، وذلك في لحظة الانفجار، حيث كان يقول: "هذه ليست مشكلة"، كان أيضا صوت الانفجار مسموعا، وتتم المشاهد التالية لذلك في هدوء مع وجود صوت ضجيج منخفض.
ويضم هذا الفيديو العديد من الجوانب الغريبة والمثيرة للقلق، كما يثير تساؤلات عدة تركت بلا إجابة.
لا أثر لفزع أو فوضى

بعد مرور خمس ثوان من الانفجار، يظهر الفيديو رجلا يرتدي زيا أسود تحرك أمام الكاميرا مقتربا من الشيخ، وحجبه عن الرؤية
ثمة قليل من الحقائق الواضحة، هذا هو بالفعل الشيخ البوطي في الفيديو وهو يتحدث، وبعد 29 ثانية مات الرجل أو ضرب بشكل قاتل، لكن كيف؟
من الواضح أن الانفجار نفسه لم يقتل الشيخ مباشرة، فربما تعرض الرجل لإصابات، ويبدو أن هذه الإصابات تركته مترنحا لكنها لم تعجزه عن الحركة.
ولم يكن الانفجار كبيرا، فالطاولة التي أمامه والكتب والأوراق التي كانت فوقها لم تتأثر، ولو كانت القنبلة تحت الطاولة وتسببت في اصابات داخلية، لكانت الطاولة انفجرت بالكامل.
كما يبدو أن الانفجار وقع بعد مسافة ما أمام الطاولة، حيث سار الرجال الذين أسرعوا نحو الشيخ عبر هذه المسافة دون صعوبة، وبدون أي شعور بالفزع أو بوجود حالة طارئة.
وكانت تحركاتهم، وتحركات الرجل صاحب الزي الأسود الذي كان أول من اقترب من الشيخ، تعطي شعورا غريبا بأنها تتم في تناسق فيما بينهم، كما ظهر هؤلاء وكأنهم منفصلون عن المشهد، ومهرة بشكل كبير.
لم يكن هناك شيء من الفزع أو الفوضى التي تصاحب التفجيرات الكبيرة في مثل هذه الأماكن المزدحمة.
وكثير من المعلقين يعتمدون على حركات الرجل صاحب الزي الأسود، والتي لا يمكن رؤيتها بوضوح، ولكن كان واضحا أنه لم يتحرك لتقديم الاسعافات الأولية للشيخ، كما أنه لم يهرع حول الطاولة لمساعدته، بينما اقترب فقط من الأمام، وفعل شيئا ما، وأرقده نحو اليسار، وابتعد عن المشهد بعد ذلك.
ومن خلال حركاته، التي ترى من الخلف، لم يظهر أنه يطلق النار على الشيخ، أو يطعنه بقوة. فربما استخدم شيئا حادا، أو حقن الشيخ بشيء ما، لكن لو كان الأمر كذلك، فقد تم ذلك بهدوء تام وحرفية عالية.
تقارير متضاربة
ومن الدلائل الموجودة بالفيديو، أنه من غير المقنع أن مثل هذا الانفجار الصغير يمكن أن يسبب وفاة نحو 50 شخصا، كما ذكرت وسائل الإعلام الرسمية، وأيضا المرصد السوري لحقوق الإنسان المعارض للنظام.
الانطباع الذي يمكن أن نخرج به من الفيديو هو أن الشيخ هو الضحية الوحيد لهذا الانفجار، لأن الرجال الذين اقتربوا منه بعد الانفجار كانوا على بعد ثوانٍ قليلة منه، ويأتون من الناحية التي وقع فيها الانفجار.
وفي يوم الحادث، عرض التلفزيون الرسمي السوري بعض الصور للحادث، وأغلبها لطلقات نيران خارج المسجد وعلى درج السلم المؤدي إليه.
وأظهرت الصور من داخل المسجد بعض الأثار السطحية للحطام، ولكن ليس لتدمير كبير أو مذبحة يمكن أن نتوقعها من مثل هذا الانفجار الضخم الذي يقتل 50 شخصا في مكان مغلق.
وكانت رواية النظام هي أن الانفجار كان عملا لمفجر انتحاري بمفرده تسلل بين الطلاب الذين يحضرون للاستماع للشيخ.
لكن الفيديو يظهر مجموعة من الرجال، يرتدي أحدهم معطفا، ويعملون معا لنقل جسد الشيخ بسرعة، وعلى ما يبدو تم ذلك بتنسيق مع الرجل الذي كان يرتدي زيا أسود والذي ابتعد عن المشهد.
وبدا الانطباع أن مقتل الشيخ كان عملا من قبل النظام، وهو اتهام وجهته المعارضة مباشرة بعد مقتل الشيخ، ووجهه عديدون أيضا من الذين اعتمدوا على هذا الفيديو.
لكن لماذا يقدم النظام على قتل عالم سني كبير وشهير جدا، وقف بجانبه في كثير من المواقف، ووصف المتمردين بأنهم إرهابيون ومرتزقة؟
وقد أعقب مقتل الشيخ تنديد ليس فقط من النظام ولكن من المعارضة أيضا.
وتعليقا على هذا الفيديو، وصف معاذ الخطيب، رئيس الإئتلاف السوري المعارض، هذا الفيديو بأنه "عملية قتل واضحة مع سبق الإصرار وبلا رحمة – عاقب الله الذين قتلوه".
اعتدل وعدل عمامته بعد الانفجار
فيديو يظهر أنه لم يمت بالعبوة الناسفة بل اغتيالًا بالرصاص
محمد سعيد رمضان البوطي
Elaph
تسرب إلى مواقع التواصل الاجتماعي شريط فيديو نشرته قيادة الثورة السورية في دمشق يكشف اللحظات الأخيرة لمقتل الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي، ويرجح أنه قتل اغتيالًا بالرصاص لا بالمتفجرة التي وضعها النظام خلفه.
ما زال مقتل الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي، في انفحار قبل نحو ثلاثة اسابيع بمسجد الإيمان بدمشق، لغزًا خصوصًا أن كل أركان المعارضة العسكرية للنظام السوري نفت اتهامات النظام لها بقتل البوطي، وردت باتهام بشار الأسد واركان نظامه بتنفيذ عملية الاغتيال.
استمرت قيادة الجيش السوري الحر في نفي أي علاقة لها بمقتل البوطي. واليوم، نشرت قيادة الثورة السورية في دمشق اليوم مقطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، زعمت أنه تسجيل حي للحظة الانفجار، الذي قال النظام السوري إنه قتل البوطي ونحو 40 ممن ضمهم مجلسه في تلك اللحظة، وبينهم حفيده، وجرح نحو 100 آخرين. إلا أن أي مصدر مستقل لم يتمكن من التحقق من صحة التسجيل.
لم يمت بالانفجار
في المقطع المصور، يظهر البوطي جالسًا في مجلسه، متكلمًا، ثم يحدث الانفجار وراءه، أو بالقرب منه. والانفجار ليس بكبير كما أوهم الاعلام السوري الناس، إذ يظهر البوطي بعدها بثانيتين وهو يعتدل في مقعده، ويعدل عمامته التي انحرفت عن رأسه.
وفي عبق الغيار، يسرع شخص إلى البوطي، فنرى ظهره حاجبًا الصورة عن آلة التصوير التي كانت تصور الحلقة الدراسية، لينصرف مسرعًا. فإذا بالبوطي يهوي والدماء تسيل من رأسه وأنفه.
وعلى هذه المشاهد، يستند الناشطون السوريون في ترجيح فرضية الاغتيال قتلًا بالرصاص لا تفجيرًا، أي كان ثمة من ينتظر للتأكد من موته في أي حال.
موكل باغتياله
يعيد هذا المقطع المصور السجال إلى بدايته، خصوصًا أن فيه الكثير من التفاصيل التي تدحض الرواية الرسمية لوكالة الأنباء السورية (سانا) عن مقتل البوطي بتفجير انتحاري.
فناشطون في المعارضة السورية يؤكدون أن الشريط دليل على أن التفجير ضعيف جدًا، قياسًا بحجم الضرر الذي روجت له وسائل الإعلام السورية، إذ لم يتأثر به سوى البوطي نفسه، وكان خلفه تقريبًا. وظهر أشخاص يتحركون بعد الانفجار مباشرة، أي لم يصابوا باي ضرر منه. كما يظهر الشريط انطلاق شخص بدا كمن أوكل إليه تنفيذ مهمة ما، فأمسك برأس البوطي ثم ابتعد عنه مسرعًا، من دون أن يحاول إنقاذه، بطريقة تثير الشك والريبة.
ويضيف الناشطون السوريون إنهم شككوا منذ البداية بالمشاهد التي نشرها التلفزيون السوري، والتي بينت أرضية المسجد وهي لم تتأثر بالحريق الذي سببه الانفجار، علاوة على علامات تظهر إصابة بعض الضحايا بالرصاص، وغير ذلك من التفاصيل.
عرض تحليلي
وعلى صفحة تنسيقية السويداء للثورة السورية، يحلل المخرج السينمائي محمد بايزيد شريط مقتل البوطي
تحليلًا تفصيليًا:
يقول: "بداية الصورة آتية من كاميرا مثبتّة في المسجد لتصوير الدروس الدورية، وهو أمر شائع في مساجد دمشق، والمقطع مصوّر بكاميرا جوّال متواضعة عبر شاشة تقوم بعرض الشريط الأصلي، هذا الأمر يتضح تماماً في الثانية 7، عندما تغيب الصورة لثانيتين تقريبًا ويظهر انعكاس الشخص الجالس أمام الشاشة، كما تهتز كاميرا الجوال قليلًا فزعًا من الانفجار، وتخميني هو أن الأمن قام بمصادرة الشريط الخاص بهذا الدرس لاحتواءه على أدلّة تدينه، فقام أحدهم بتصوير المقطع خلسة".
يضيف: "من الواضح أن قوة الانفجار متواضعة، فالبوطي لم يتأثر بالانفجار، ومن الواضح أن كتبه وأوراقه بقيت مكانها، حتى الكنبة التي يجلس عليها، وهي جسم رخو للغاية، فلم تثقب أو تُحرق أو تتعرض لأي ضرر، ومن الواضح أنه كان محافظًا على وعيه من تحركات يديه اللتين تحاولان الحفاظ على العمامة في مكانها، ومن سرعة إعادة رأسه وجذعه إلى مكانهما".
قاتل محترف
بحسب بايازيد، القاتل يدخل الكادر في الثانية 13 بوضعية القاتل الاحترافية، فاليد اليسار تحت عنق البوطي، واليد اليمين لإطلاق الرصاص من سلاح مع كاتم. والقتل حدث في الثانية 14، ويتضح ذلك عبر لغة جسد القاتل وجذبه للبوطي بشدة تجاهه ثم تركه غائبًا عن الوعي تمامًا في الثانية 16. ويمثل القاتل برداءة دور المفجوع بعد حركته الواثقة السابقة، ويضرب بيده على جبينه ويغادر الكادر من جهة اليسار.
يضيف: "لم يكن هناك آثار للدماء على البوطي بعيد الانفجار، وبعد خروج القاتل مباشرة تسيل الدماء من فمه، ومن الواضح أن إطلاق الرصاص تم في الفم أو بجواره".
ويقول بايازيد إن الانفجار غير كاف لقتل بضعة أشخاص، "فما بالك بأكثر من 40 قتيلًا؟ وبعد مشاهدة الفيديو أجزم بشكل قاطع أن أغلب من قتلوا تم قتلهم لاحقاً بأسلوب مختلف".
شريط صحيح
يقول بايازيد إن تحركات الأشخاص الذين دخلوا الكادر أخيرًا احترافية، ولا يبدو عليهم الجزع أو الخوف، "تذكروا أنه من المفترض أنهم يتابعون مجزرة ذهب ضحيتها 40 شخصًا، ناهيك عن قربهم منها، من دون تعرضهم لأي ضرر، كما لا يبدو عليهم أي احترام للبوطي من طريقة سحبه، وتذكروا أنه في الغالبية الساحقة من التفجيرات يهرع الناس خوفًا مبتعدين عن مكان التفجير، بينما ينافي دخول هؤلاء الأشخاص بهذه الطريقة المنطق تمامًا".
ويتابع قائلًا: "jابعت الانفجار كادر كادر، وأجزم أنه وقع من الأسفل وليس من الأعلى كما أشيع من قبل البعض، فدراسة هالة التفجير توضح بشكل قاطع أن مركز التفجير يقع على مستوى الأرض، وبما لا يبعد عن البوطي أكثر من بضع أمتار قليلة".
ويختم قائلًا: "أخيراً، وبحسب خبرتي، الفيديو صحيح بنسبة تتجاوز 95 بالمئة، لكن رداءة الشريط تمنعني من رؤية سلاح الجريمة بوضوح في الثانية 13 تقريباً، ومرة أخرى في الثانية 16 بعد الانتهاء من القتل".
برود ولا ذعر
في تعليق على الشريط المصور، قال بسام إسحاق، عضو التحالف الوطني الديمقراطي السوري، لقناة العربية إن الفيديو يظهر بوضوح أن ادعاءات النظام السوري بأن البوطي قتل بهجوم انتحاري غير صحيحة، "ومن الواضح أنه قد وضعت عبوة ناسفة للشيخ البوطي، لكنها لم تودي بحياته، ولذلك تم اغتياله بالرصاص".
أما المعارض إياد شربجي فرأى أن رواية النظام تقول إن التفجير أودى بحياة أربعين شخصًا ونشر إعلامه صورًا لتلك الجثث، "بينما الفيديو يثبت أن من اندفعوا باتجاه البوطي خلال ثوان لم يتأثروا بالتفجير رغم قربهم الشديد منه، فكيف لم يتأثر أولئك؟"
أضاف في حديث صحفي أن من أكمل جريمة القتل هو الشخص الذي اندفع مباشرة إلى الشيخ وقام بحركة ما اودت بحياته.
وتساءل: "كيف يحصل تفجير ينال من شخص هام بينما يتصرف من قاموا لإسعافه برتابة وبرود واضحين، ولم نسمع صراخاً، أو نرى آثار ذعر، وهو ما يتنافى مع حقيقة ما يمكن أن يحدث فطريًا في لحظات كهذه؟"
ولم يخرج رد رسمي على الشريط من السلطات السورية، لكن مناصري النظام السوري اتهموا في مواقع التواصل الاجتماعي المعارضة بفركة الشريط لتشويه صورة النظام.