إيزيس.. حقائق عن «أم الآلهة» في العالم القديم
الإلهة إيزيس
ربما القاسم المشترك بين المعابد المصرية القديمة وأثينا وروما وباريس ولندن أن جميعها أماكن تعبد فيها الإلهة إيزيس، وهي إلهة أم يحبها الشعب المصري، وإله يوناني وروماني مهم يعبد في روما وجميع أنحاء العالم الروماني.
من هي إيزيس؟
اسم إيزيس باللغة المصرية هو إست، ووفقًا لأسطورة مصرية قديمة، لم يكن هناك سوى الظلام المائي في بداية الزمان، ثم ظهرت الشمس فوق تل صاعد من المياه، وخلق إله الشمس الهواء “شو” والرطوبة “تيفنوت”. وكلاهما، ولّد السماء “نوت” والأرض “جيب”، ومن اتحاد جيب ونوت ولد الآلهة أوزوريس وسيث والإلهة إيزيس ونفتيس.وكان لأوزوريس وإيزيس أدوار رئيسية في نظام المعتقدات المصرية القديمة، حيث كان أوزوريس هو الوعد بالحياة الأبدية، بعد أن قُتل ثم بعثته شقيقته إيزيس. وكان ابنهما هو الإله الصقر حورس ملك مصر الشرعي، وكان لكل من أوزوريس وإيزيس وحورس دورا مهما في منح شرعية لقوة الشخص الحاكم الجالس على عرش مصر.
ومساعدتها في الحفاظ على نظام سياسي استمر ثلاثة آلاف عام، تجعلها بالفعل واحدة من أهم الآلهة في مصر القديمة، إلا أن دورها ذهب إلى أبعد من حماية الملكية. فكانت عظيمة السحر، ولديها القدرة على إعادة الموتى إلى الحياة. وتذكرها نصوص الهرم مرارًا وتكرارًا، كما هو الحال داخل هرم أوناس، والذي يحتوي على نصوص جنائزية.
وتطورت نصوص الهرم إلى “كتاب الموتى”. والذي يضم مجموعة من الوثائق الدينية والنصوص الجنائزية التي كانت تستخدم في مصر القديمة، لتكون دليلاً للميت في رحلته للعالم الآخر. فالموت هو “ليلة الخروج إلى الحياة”، حيث يستيقظ المرء من الموت حياً. وكتاب الموتى بمثابة خريطة لما وراء العظيم، نحو الحياة الأبدية.
وكانت إيزيس تقيم الموتى بطريقة سريحة بكلمات يسمعها المرء في الآخرة تقول: «لقد جئت لأكون حمايتك السحرية. أعطي أنفاسك.. لقد تسببت في وجودك كإله.. لقد وفرت لك الحماية. ينير وجهك بجمالك.. سيدي فتح عيناك العمياء إلى الأبد.. الإلهة الأم المحبوبة لدى كل المصريين».
لم تكن إيزيس إلهًا بعيدًا يمكن الوصول إليه فقط من قبل كبار الكهنة. بعد أن تغلبت على المأساة، فإن موت زوجها وحماية ابنها وحدها جعلها إلهاً عطوفاً وإنسانياً. كانت الإلهة الأم، شخصية مطمئنة، ولديها القدرة على حل العديد من مشاكل الحياة.
فإذا أراد رجل أن تحبه امرأة، سألها “تحبني طوال وقتها كما أحب إيزيس أوزوريس”. إذا ضاع أحدهم، فإنها “لا تتخلى أبدًا عن من يستدعيها على الطريق”.
من الشخص العادي إلى الفرعون، ساعدت في الخصوبة والولادة والحب والشفاء والسفر والحياة الأبدية في الوقت المناسب. لا عجب أنها أعطت الأمل لملايين المصريين.
إلهة الأسماء العديدة
اكتسبت إيزيس قواها السحرية المذهلة من إله الشمس، وحصلت على سلطات رع، قيل أن لديها عشرة آلاف اسم. من بينهم: سيدة الجنة، والأم الإلهية وملكة كل الآلهة والإلهات والنساء وخير الحياة، وسيدة الخبز وسيدة الوفرة وسيدة الفرح وسيدة الحب.
واتخذت تدريجياً صفات آلهة أخرى، لا سيما من حتحور. وكانت مرتبطة فقط بالآخرين في المعابد، فقد شُيدت المعابد المخصصة لها في المراحل المتأخرة من الحضارة المصرية.
وأدى غزو الإسكندر الأكبر إلى سبعة قرون من الحكم اليوناني، ثم الروماني لمصر. وأصبحت تعبد أيضا في اليونان وتعرف باسم ديميتر في اللغة اليونانية. وذلك من القرن الرابع قبل الميلاد.
بحلول العصر الروماني، كان هناك معبد سيرابيس في أثينا ومعبد صغير لها عند سفح الأكروبوليس. وفي روما، كانت عبادتها ديانة غامضة. لكن بعد حلقات من القمع والدمار، تمت حماية عبادة إيزيس وسيرابيس (أوزوريس-أبيس) من قبل الأباطرة.
وبحلول القرن الثالث الميلادي، كان هناك العديد من المعابد والملاذ المقدسة لإيزيس وسيرابيس في روما. ولم يكن الروماني بحاجة للسفر إلى مصر لرؤية المسلات والأهرامات والتماثيل المصرية. وكان السيرابيوم أهم معبد روماني للآلهة المصرية. وكانت روما أكبر مركز للآلهة المصرية خارج مصر.
وفي باريس، كان يُعتقد أن معبدها مصدر محتمل لاسم باريس، من الكلمة اللاتينية شبه إيزيس. يقال إن تمثالاً لها كان يزين الكنيسة الباريسية حتى عام 1514. وتشير النقوش إلى وجود معبد لها في لندن. لا تزال إيزيس اليوم اسمًا بديلًا لنهر التايمز.
وتم العثور على تماثيل برونزية لسرابيس وحربوقراط، زوج إيزيس وابنه، في مناطق بعيدة في أفغانستان وباكستان. وأصبحت إلهًا متعدد الثقافات، يعبد من قبل المصريين واليونانيين والرومان ، من العبد إلى الإمبراطور. كانت عبادة إيزيس هي الأكثر انتشارًا في العالم القديم.
نهاية عبادة إيزيس
ويعد معبد إيزيس في فيلة، الذي بني في عهد الفراعنة اليونانيين، أحد أفضل المعابد المحفوظة في مصر. وفي الروافد الجنوبية للإمبراطورية الرومانية، شهدت نهاية الديانة المصرية القديمة الوثنية القديمة.
وبعد 3500 عام من الاستخدام، تم حفر آخر نقش هيروغليفي على جدرانه عام 394 م. والسجل الأخير لعبادتها في فيلة هو نقش يوناني مؤرخ 456 م. تم إغلاق المعبد عام 535 م.
ولم تُنسى، وذلك بفضل كونها جزءًا من الثقافة اليونانية والرومانية التي أعيد اكتشافها خلال عصر النهضة. وهكذا تم تصوير إيزيس وأوزوريس على سقف شقق البابا ألكسندر السادس الخاصة. وبعد ذلك، بعد فك شيفرة شامبليون ، يمكن قراءة القصة المصرية الأصلية مرة أخرى.
ويرتبط اسمها بالنجمة سيريوس بالأقمار الصناعية وفوهة القمر. وتوجد فوهة بركان إيزيس أخرى على قمر المشتري، جانيميد.
وآثارها متأصلة بعمق في نسيج المجتمع وحياة الملايين من الناس اليومية. تعتبر إيزيس الرخامية الضخمة أحد “التماثيل الناطقة” في روما. فمهما حاولت جاهدة، سيكون من المستحيل محو الإلهة المصرية القديمة من خمسة آلاف عام من التاريخ، وانتشر إرث إيزيس في جميع أنحاء العالم، في أعماق المحيطات، على القمر، وفي الفضاء.
رد مع اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبير الياسمين
