رموز الشياطين في الحضارة المصرية القديمة
لم تقتصر الحضارة المصرية القديمة على بناء الأهرامات الشاهقة وأساطير الآلهة فحسب، بل كشفت بعض الدراسات أن رموزا للشياطين المصرية القديمة المرعبة ظهرت في آثار الفراعنة.
ووفقًا للمعتقد واللغة المصرية القديمة، كان العالم مأهولًا بالبشر “rmT”، وأرواح البشر المتوفين “Ax” أو “mwt”، والآلهة والإلهات “nTr”، ومجموعة من الكيانات شبه الطبيعية الخيرة والحاقدة.
ولم تكن هذه الكيانات مقيدة بمصطلح مصري محدد، وكانت موجودة على عتبة العالم الإلهي والواقعي، لتعرف باسم “الشياطين”، وكانت معرفة هؤلاء الشياطين وتوظيفهم أمرًا بالغ الأهمية في الحياة اليومية للمصريين القدماء.
آلهة الشياطين في مصر القديمة
بلغ غدد الكيانات الشيطانية في الحضارة المصرية القديمة الآلاف، ووفقًا لمشروع علم الشياطين المصري القديم، الذي قام به الدكتور شباكوسكا والعلماء الداعمون في جامعة سوانسي، تم تسجيل أكثر من 4000 شيطان، وعلى عكس الآلهة والإلهات المصرية، لم يكن لدى الغالبية العظمى من الشياطين معابد أو عبادات مخصصة لهم، وبدلاً من ذلك، ظهرت الشياطين في المؤلفات الجنائزية، مثل كتاب الطريقين، وكتاب الموتى، وكتاب البوابات.ولم يبدأ الفنانون المصريون في تصوير الشياطين إلا في عصر الدولة الوسطى الذي يمتد من الفترة 2030 قبل الميلاد وحتى 1640 قبل الميلاد. ويُعتقد أن الأوصاف النصية لهذه الكيانات كانت موجودة في أقدم نص ديني معروف، وهو نصوص أهرام الدولة القديمة وعلى الرغم من وفرة الصور على التمائم والصولجانات وفي النصوص القديمة، لم يتم تسمية الشياطين في كثير من الأحيان.
وبدلاً من ذلك، ربط المصريون القدماء الشياطين بالتمثيل التصويري والمرثيات، والتي يمكن أن تكون وصفًا لمظهرهم أو سلوكهم.
والأهم من ذلك، كانت الشياطين تتميز عن بعضها البعض من خلال الأمراض والظروف المحددة التي جلبتها إلى الأحياء، وفي كثير من الأحيان، كانت الشياطين مجسمة في المظهر أو هجينة بين الإنسان والحيوان، بدءًا من رأس السلحفاة وجسم الإنسان إلى رأس الثعبان بأذرع بشرية تستخدم الشفرات، وكان العديد من الشياطين عبارة عن مزيج بين العديد من الحيوانات بالإضافة إلى وجود خصائص بشرية.
ويعتقد أن الشياطين كانوا ينتمون إلى فئتين مختلفتين، هما الشياطين المتجولين والشياطين الحارسة أو الأوصياء، وغالبًا ما يتم تحميل الشياطين المتجولين المسؤولية عن الأمراض، والمصائب، وأعمال الآلهة العليا، والأشياء التي تتصادم في الليل، وهذه كانت متشابكة بشكل كبير مع الحياة المصرية اليومية وكانت تجسيدا لمرض أو عقوبة.
ورغم أن الشياطين المتجولة غالبًا ما كانت يعتقد أنها تتنقل بين العوالم تحت أوامر إله أعلى، إلا أنها تصرفت أيضًا من تلقاء نفسها وبالتالي اكتسبت وصفًا خبيثًا، ومن بينهم ما عرف بالشيطان “سيهاق”، الذي يعيش على الديدان، والذي أطاح بسمك السلور، ومبعوثي سخمت.
فيما كانت الشياطين الحارسة تنتمي عادةً إلى إحدى طائرتي الوجود: العالم السفلي أو الأرض، وغالبًا ما يتم تصويرهم وهم يحرسون البوابات والبوابات والأبواب، ويتجاهلون الدخول إلى الأماكن الحدية المقدسة، ويمكن تقسيمهم إلى ثلاث فئات: البوابون، والأوصياء، والمبشرون، وكلها تعمل على حماية نقاء الأماكن المقدسة، وهذه الشياطين لها ألقاب مثل: (smt.j)، المشع، وذو الوجه اليقظ.
السحر والشياطين والأدوات
في مصر القديمة، كانت الحياة تدور حول الاستعداد للحياة الآخرة والتعامل مع القوى الخارقة للطبيعة، ومع انتشار تصوير الشياطين خلال عصر الدولة الوسطى (2030 قبل الميلاد – 1640 قبل الميلاد) في الفن، سعى المصريون القدماء إلى إيجاد طريقة لحماية أنفسهم وأحبائهم من أمثال هؤلاء الشياطين المتجولين، فكانت تتم الحماية من شياطين معينة وتسخيرها في شكل تعويذات، وأوامر تميمة نبوية توضع داخل حاملات ورق البردي والعصي السحرية.
وتعد العصي السحرية واحدة من أكثر الآثار السحرية المميزة في مصر، وصُنعت من عاج فرس النهر ومُزخرفة بالتعاويذ التي تم استخدامها طوال فترة الحمل والمراحل المبكرة من الحياة، وكانت متاحة فقط للنخبة، ومن المعروف وجود 230 فقط منها، وتم وضعها في مقابر الموتى وحماية ولادة الشخص من جديد.
الآلهة المرتبطة بالشياطين المصرية
رغم أن الشياطين تعتبر كيانات أدنى في البانثيون المصري، إلا أن هناك آلهة وإلهات ترتبط ارتباطًا وثيقًا بكل من الشياطين الحارسة والشياطين المتجولة، ومنها أنوبيس (إله الطقوس الجنائزية) وتحوت (إله النصوص المقدسة والسحر والعلوم) المرتبطين بالعالم السفلي، يتم تمثيلهما بشكل متكرر بصحبة الشيطان الحارس أميميت، مفترس الموتى، والذي تم تصويره دائمًا في وضع يسمح له باستهلاك المتوفى إذا لم يمرر حكم أنوبيس، ولم يكن المصريون القدماء يخافون الشياطين الحارسة بشكل عام.
فيما كان هناك خوف من بعض رعاة الشياطين المتجولين، وكانت ابنة الإله الابن رع، سخمت، مرهوبة بقدر ما كانت تُعبد في مصر القديمة. وغالبًا ما كان يُنظر إلى سخمت على أنها تجلب الأوبئة والأمراض والمصائب، وكان يُنظر إليها على أنها الراعي الرئيسي للشياطين المتجولين.
وفي العديد من المؤلفات الجنائزية ومراسيم التمائم، كانت التعويذات والصيغ تهدف إلى منع عملاء سخمت الخبيثين من إيذاءهم.