قبل عقود، كانت عروض الشعر الأسود بمثابة حاضنات ثقافية للإبداع والتفاعل الاجتماعى والتجارى، إذ ساعد الشعر الأسود فى تجسيداته العديدة، سواء الضفائر أو النسج، فى أن يثبت للعالم أنه ليس جميلًا فقط، بل فنا لا حدود له.
أحد هذه العروض «Bronner Brothers International Beauty Show»، وهى مسابقة للشعر نشأت منذ أكثر من 70 عامًا؛ لعرض أسلوب وبراعة مصففى الشعر، إذ يجتمع أكثر من 35000 من الحضور فى مركز جورجيا العالمى للمؤتمرات فى أتلانتا فى شهرى فبراير وأغسطس لحضور العرض، وفيه يتواصل الحاضرون من جميع أنحاء العالم مع قادة الصناعة، ويتعلمون من أكثر من 100 دورة تدريبية يقودها مصففون محترفون، وبالطبع يشاهدون معركة الشعر الأسطورية، ويعتبر المصففون هذه المسابقة الأفضل على الإطلاق حول العالم.
الشعر الأسود فن
يعتبر الخبراء أن تصفيف الشعر التنافسي هو شكل فني فريد من نوعه، فالجميع يمكنه تصفيف شعره، لكن لا يستطيع الجميع القيام بهذا الفن.
على سبيل المثال، قد يعتقد الشخص العادي أن الضفيرة تسريحة شعر عادية، لكن خبراء الشعر دائما ما يدافعون عن جمال وتنوع الضفائر وكذلك تقنيات التضفير، إذ يمكن أن تكون الضفائر بمثابة حسناء المعركة أو الأساس لأسلوب مخيط مذهل.
ففي مسابقة BB للشعر في فبراير 2020، تم تصميم ضفيرة رائعة على يد أحد خبراء التضفير، وكانت هذه الطريقة فريدة من نوعها لضفيرة الفراشة، حيث قامت بصياغة نسخة الموهوك، أولا قامت بتضفير الشعر الطبيعي أسفل فروة الرأس على شكل ضفائر كبيرة، ثم قامت بتنعيم الحواف بالهلام، ثم أضافت امتداد الفراشة المضفر إلى الصفوف. بعد ذلك، قامت بربط ضفيرتين بطول الأرض بالفراشة المركزية، وأضافت دبابيس شعر فراشة ملونة صغيرة وأضواء بيضاء إلى الضفائر، وأنهت مظهر العارضة بعباءة ذهبية كانت بمثابة أجنحة.
وأيضا في مسابقة BB في أغسطس 2019، قامت نفس المصففة بصنع جديلة بطول 10 أقدام في أقل من 10 دقائق، وقامت العارضة بلف الضفيرة حول رقبتها على شكل قلادة وحملتها بيديها مثل المحفظة، وقد أبهر ذلك التصميم الحضور.
عالم تصفيف الشعر التنافسي، يعتبر أن التصميم خارج الصندوق هو القاعدة. كلما كانت أكبر، وأكثر إثارة للدهشة، كلما زادت احتمالية فوز المنافس بالجائزة الكبرى.
وتعتبر الضفيرة أكبر من مجرد تصفيفة شعر، فمن قبل كانت الضفائر ترمز إلى الحرية بالنسبة للأفارقة المستعبدين، إذ كانت النساء تقوم بتضفير أدلة على طرق الحرية في شعرهن، لم تكن هذه مجرد تسريحة شعر. لقد كانت تمثل الحياة والموت بالنسبة لهم.
الشعر الأسود والسياسة
اليوم، تمثل تسريحات الشعر المضفرة الفخر الثقافي والتعبير الشخصي، ولا تزال ترمز إلى الحرية. وبالرغم من كل التقدم ومنظمات حقوق الإنسان، لا زالت بعض الدول تمارس العنصرية حتى أن هناك بلاد تمنع ارتداء الضفائر في العمل والمدرسة.
وتعتبر كاليفورنيا أول ولاية في أمريكا تصدر قانونCROWN، الذي يحظر التمييز ضد قصات الشعر الطبيعية مثل الضفائر والجدائل في المدارس وأماكن العمل. وسرعان ما حذت نيويورك وخمس ولايات آخرى حذوها، بالإضافة إلى عدد قليل من المدن. وفي سبتمبر من العام الماضي، أقر مجلس النواب الأمريكي قانون CROWN الفيدرالي، الذي كان من شأنه أن يحظر التمييز ضد قصات الشعر الطبيعية.
لقد دفع الرجال والنساء الذين استعرضوا شعرهم الأسود الطبيعي ثمناً باهظاً خاصة في الدول الغربية، ففي العام الماضي، منعت طالبة في تكساس من حضور حفل تخرجها حتى تزيل ضفائرها لأن هذا الأسلوب ينتهك قواعد اللباس في المدرسة. تعتبر هذه القصة مثالا بسيطا لعدد كبير من الحالات التي يناضل فيها الطلاب والأشخاص من أجل الحصول على حقهم في تصفيف شعرهم بالأسلوب الذي يعكس ثقافتهم.
وهذا ما دفع مؤيدي قانون CROWN، للتساؤل عما إذا كانت العنصرية قديمة الطراز هي التي تؤثر على كيفية صياغة القوانين المتعلقة بالشعر الطبيعي. ويعتبر هذا القانون مهم جدا للمضطهدين في أمريكا إذ يساعدهم على الشعور بهويتهم.
وقد دعمت شركة BB هذا القانون وهذا أمر متوقع، وذلك لأنها أكدت من قبل على جمالية الشعر الأسود، كما أنها على يقين بأن الشركات التي تخنق اختيارات شعر الموظفين، تؤدي عن غير قصد إلى خنق نجاح الشركة. فإذا قمت بالحد من الإبداع في مجال الشعر وحصرته، فإنك تحد من الشيء نفسه الذي تقول إنك تريده من الموظفين.
الشعر الأسود هو المستقبل
وبغض النظر عن السرعة التى تتكيف بها القوانين الفيدرالية فى الولايات المتحدة المواكبة للثقافة، ستستمر عروض الشعر الأسود فى السيطرة، كى تبهر العالم بمستوياتها الفائقة بدون شعارات. رغم اضطرار بعض العروض إلى الإلغاء، بسبب فترة كورونا، إلا أن الهدف النهائى لم يلغ أن تصبح «الجوهر» مهرجان الشعر. وأثناء فترة كورونا قامت شركة «BB» بتحضير عرض الشعر الافتراضى بين 27 و28 سبتمبر 2020، فى قاعة مؤتمرات افتراضية مع دروس تعليمية وصالات دردشة للتواصل وتم إنشاء و«The Best of the Hair Battles»، وهى عبارة عن مجموعة من معارك الشعر البارزة من السنوات العديدة الماضية، ورغم أن «BB» اضطرت إلى تحويل حدث مباشر ضخم إلى الإنترنت، إضافة إلى دفع مبلغ إضافى لدمج الصور الرمزية للحاضرين وملابسهم عبر الإنترنت، إلا أن الشركة أقرت بأن الأمر كان يستحق ذلك.